أخذناها وما ننطيها ؟؟؟

حسن حاتم المذكور

1 ـــ تصريح ساذج وخطير يفتقر للرصانة والوعي, يصرح به اغلب رموز احزاب الأسلام السياسي, وفي السر يتخذونه ستراتيجية لألغاء الآخر, يبقى السؤال مشلولاً على امتداد الخمسة عشر عاماً الأخيرة: ما هذا الذي اخذوه (استلموه), مِن مَن اخذوه ولمن لا يعطوه؟؟؟, ويبقى الجواب اكثر شللاً, ان كان وطنناً فلا يمكن له ان يكون العراق, وهو المسكون بحب أهله, وكل من مر به غازياً انسحق عليه خائناً, قد لا يفهم الأمر دعاة الـ “اخذناها” او يعتقدون ان مرتزقة المليشيات تكفي لأيقاف تيار الغضب الشعبي, ولم يتعضوا بمصير الطاغية صدام حسين, عندما واجه مصيره لم يجد من حرسه الجمهوري ولا فدائييه من يفتح له باباً ليأويه, فأنتهى به الأمر للأحتماء بحفرة باعوه فيها الأقربون كما شاهدناه, والأمريكان يسلخون هزيلهم قبل نهايته.

2 ـــ اسوأ الطغاة عبيداً تغلبت على طبعهم الدونية, مثل تلك الكيانات متوفرة في اروقة المساجد والحسينيات, اغلبهم كسالا لا يتقنون عملاً سوى الأحتيال على بسطاء الناس وفقراء الأمة ليسرقوا رغيف خبزهم الحافي اصلاً, تلك المهنة لا تخلو من القسوة, ولا تمنع الممتهن لها من ان يتوضى بدموع الضحايا ويسخر من جوعهم, كيانات منغلقه يجعلها خوفها من جوعها القديم, اخطر مافيات الفساد المدعومة بالأرهاب المليشياتي, العراقيون يمرون الآن بأسوأ مرحلة في نضالهم الوطني, لهذا يتغلب على صمتهم, اعادة تقييم التجربة والمراجعة الذكية للذات.

3 ـــ “اخذناها وما نعطيها” منطق تسلل من مشاجب الأزمنة البربرية, وحوش صغيرة ضمائرها مسلفنة بأكفان سوداء, إلغائيون اجتثاثيون لا يحتملون مواهب الناس وافراحهم واغنياتهم, ويرفضون فضائل التنوع من خارج نسختهم النافقة, يمسخون الحياة قبراً جماعياً تتحرك فيه الأحياء كأسراب نمل لا معنى لها يمتصها الجوع على مهل, لكنهم (الألغائيون) يتنافقون بمفردات الديمقراطية والتعددية والشراكة والمصالحة الوطنية, والمسروق لا يستعاد “والبات فات” روزخونية مسحت الشعوذات ماء وجوههم.

4 ـــ رجل الدين خسر الحقيقة امام الحياة, يرفض التأقلم حتى لا يفقد وظيفة التطفل كوكيل للرب على الأرض, فأصبح حالة شاذة خارج حراك الواقع واتخذ من اسم الله وشرائع الأعاقة كمتراس آخير يناطح به صخرة التطورات والمتغيرات والتحولات المجتمعية الرادعة, فأساءت انانيتة الى اسم الله وقيم السماء, ان عملية الغاء واجتثاث اغلب المكونات العراقية ومحاولة مسح ما تبقى من تراثها المعرفي وجذور عراقتها في ارض اجدادها, تعبر عن سلوك تدمبري من الموروث المتراكم للغزو والسلب والسبي والأبادات الوحشية, ان ظاهرة القاعدة والداعشية والأرهاب المليشياتي تشكل اهم التقاسيم لشخصية رجل الدين المنغلق على شيطانه المؤدلج, انه لا يستحق الحياة السوية, فكيف اذا ما “اخذها” ليعبث بها.

5 ـــ هكذا ولأسباب اكثر دونية, اختارهم مشروع التوافق الأمريكي الأقليمي لأكمال مهمات لا يصلح لها النظام البعثي, فهم لا غيرهم جديرون بأنجاز الأكثر وضاعة, ولديهم من مزيف التاريخ منظومة فلسفية شرائعية واخلاقية يمسخون بها الأخر الى كافر وملحد يجب الغائه روحياً وفكرياً ثم جسدياً وجغرافياً, ليجعلوا من تلك البشاعات اسباباً للتقرب من الله وطريقاً لفردوسه, وكأن الله لم يجد غير اللصوص ليكلفهم بوحي جديد, انها عاهات موروثة من تاريخ معاق, وقد فقدوا حق البقاء ولا يصلحون للتعايش مع الآخر ويجب علاجهم (لوجه الله) بكل القوانين والأجراءات القضائية.

6 ـــ “اخذناها وما ننطيها” دعوة شريرة لأبادة جماعية تعد لها الأحزاب المتمذهبة , وسييكون الجنوب والوسط ميدان مجزرتها, بعد ان قسموا المجتمع العراقي الى شظايا ” سنة وشيعة, مسلمين وغير مسلمين, اسلاميون وعلمانيون مدنيون, عراقيو لخارج وعراقيو الداخل, انصار الحسين وانصار يزيد¸ وحتى المتنازع عليها, ثبتوها هم في الدستور كأغلبية طائفية طامعة بالأمارة النفطية لجنوبستان, واستولوا على مؤسسات الدولة وافرغوها تماماً من الكفاءات النزيهة وجعلوها محميات لكسالى التزوير والأحتيال, وسنذهب غداً لمراكز الأنتخابات لنتفرج على انفسنا او نضحك على ذقوننا وربما يبايع بعضنا زمر التبعية (كعلاسين على الوطن).

20 / 03 / 2018

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here