الحكيم والبعث نقيضان لم يجتمعا

انور الحسيني
الاصلاح هو التغير الى استقامة الحال على ما تدعو اليه الحكمة، وهو نقيض الافساد الذي يعرف بدوره انه كل مايتعارض مع الاصلاح ويخالفه، واصلاح الامة لو فسدت احوالها يتطلب التضحية احياناً، وما خروج الامام الحسين بن علي بن ابي طالب ع لطلب الاصلاح السياسي مقدما نفسه وعياله واصحابه شهداء وقرابين من اجل هذا الهدف الا دليل على ذلك.
حينما استولى حزب البعث على الحكم في العراق اواخر السبعينيات من القرن الماضي، ولكي يحكم قبضته عليه وضع سياقات عمل ملائمة، ساعدته على التشبث والسيطرة على السلطة لقرابة الاربع عقود، ومن اهم هذا الامور هي محاولة فصل الدين عن السلطة، بل وتغيير هوية العراق الاسلامية، وترسيخ عادات جديدة مستوردة ودخيلة لا تمت لاخلاق وقيم العراق الاسلامية بصلة، حيث اصبح التسكع والعري والالحاد من مقومات التحضر والتطور، ومنذ الوهلة الاولى بدأ البعث بمحاربة الحوزات العلمية ورجالها، وتصفية المعارضين واستخدام كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة للقضاء عليهم، وذلك لعلمهم بالقدرة التي تمتلكها هذه المؤسسة من تحطيم مشاريعهم وافشالها، وتقديم رجال وطنيين همهم صلاح الامة ودفع الضيم عنها، كل ذلك لم يأت جزافاً انما جاء وفق برنامج معد مسبقاً خطت مفرداته في اسرائيل، ولم تكن تخفى علاقة البعث باللوبي الصهيوني، وحينما كانت الحوزة العلمية تمتلك ارثاً علميا وجهاديا امتدت جذوره الى عهد الائمة الاطهار الذين رفضوا الظلم بصرخة هيهات منا الذلة، كان لابد لها ان تقوم بواجبها الشرعي والوطني تجاه الوطن. قام السيد محمد باقر الحكيم نجل المرجع الديني الكبير وزعيم الطائفة في العراق والعالم اية الله السيد محسن الحكيم باعلان الرفض لسياسة البعث الاجرامية والوقوف بوجه الطغيان الصدامي، مطالبا برفع الحيف عن ابناء الشعب العراقي، وعدم المساس بقدسية الاسلام، ورفض مضايقة ومحاصرة طلاب وعلماء الحوزة العلمية آنذاك، مما اثار حفيظة النظام ضد الحكيم وعائلته ليكشف البعث عن وجهه الحقيقي المجرم، حيث قام بملاحقة عائلة الحكيم وتشريدهم وقتل اكثر من ستين عالما ومجتهدا منهم، ومارس ازلام صدام ابشع الصور الاجرامية بحقهم، لم يخضع السيد محمد باقر الحكيم لبطشهم واستمر في مقارعتهم في رحلة جهادية امتدت لاكثر من عشرين عام، كلفتهم الكثير، وكادت ان تزيحهم عن السلطة في العام 91 اثناء الانتفاضة الشعبانية التي كان للحكيم دورا فاعلا فيها ومؤثرا حيث ادت الى تحرير مايقارب النصف من ارض الوطن، امتدت من البصرة جنوبا حتى اطراف العاصمة بغداد شمالا، وقد اعلن الحكيم حينها ان الثورة لن تتوقف حتى تطهير اخر شبر من ارض الوطن، وكانت على بعد خطوات من تحقيق النصر لولا التآمر الغربي الذي سمح لصدام بقمع الانتفاضة، وقتل الالاف من ابناء الشعب العراقي، وتهديم منازلهم وتهجير وسجن الكثير، مستخدما فيها جميع الوسائل والاسلحة المحظورة دوليا، فكانت وصمة عار في جبين تلك الدول التي ادارة ظهرها عن هذا الشعب المظلوم والمضطهد.
لم يخرج الحكيم فيرتحل عن الوطن ويقدم الشهداء، لولا بغي السلطة وتعسفها وغطرستها وفسادها، وان الجهاد و عدم الخنوع للظلم من موروثات آل الحكيم التي ورثوها عن اجدادهم، وسوف يورثونها لابنائهم جيلاً بعد جيل، فهنيئا للعراق بهم وجزاهم الله عن اهله خيرا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here