هل القرامطة كانو مسلمين حقا ؟ ح 3

(*) د. رضا العطار

لقد كان للعقيدة الزيدية في بلاد اليمن يومذاك من الأسباب التي مهدت الى ترويج الافكار القرمطية خاصة في المناطق الشمالية منها والتي لازالت بعض اجزائها مأهولة من قبل قبائل قرمطية الى يومنا هذا، تمارس تقاليدها الموروثة وهذا ليس بمستغرب اذا ما لاحظنا ان هذه الافكار كانت قد مدت جذورها في عمق المجتمع اليمني الى درجة اصبح من السهل على السلطة اليمنية اليسارية من فرض نظامها الأشتراكي على شعب اليمن في اواخر القرن الماضي.

اما بشأن ثورة القرامطة في البحرين فقد كان جمهورهم هناك واسعا فقد اعلن ابو سعيد انه هو المؤسس والحاكم للدولة القرمطية و كان الرجل على درجة عالية من القوة والبطش بحيث تمكن من الحاق الهزيمة بجيش العباسيين. لكن بعد فترة وجيزة اغتيل على يد غلامه الصقلي في الحمام بعد ما راودته نفسه. وخلفه في الحكم ابو طاهر سليمان الذي قام بمهاجمة الحجاج في موسم الحج عام 317 للهجرة, فكانت الطامة الكبرى حيث صادف دخول جيش القرامطة الى مكة المكرمة مع يوم التروية والناس يهلون ويلبون, فقتل منهم اكثر من عشرة الاف من زوار الحرم الشريف ورمي كثيرا منهم في بئر زمزم, كما سرق القرامطة الحجر الاسود واخذوه الى مدينة هجر في بلادهم، كما نهبوا التحف والمجوهرات النفيسة وعاثوا فيها الفساد, وفي هذه الاثناء كان
ابو طاهر نفسه يجلس على باب الكعبة وينادي باعلى صوته :

انا الله وبالله انا يخلق الخلق وافنيهم انا !
وبالرغم من ان ابو طاهر كان زنديقا, لكنه كان صليفا مدعيا نفسه امام المسلمين,
وفي الوقت الذي كان جنده اثناء الغارة يصرخون في وجوه الاهالي قائلين

عليك ثوبان وامي عارية — فألقي لي بثوبك ياابن الزانية . …
وتجاوز عدد الثياب المنهوبة عن عشرين الف ثوب
.
وعندما شاع الخبر في بغداد, عم الهياج والفزع وساد الحزن والاسى و وقع النوح والبكاء بين الاهالي وخرج النساء منشرات الشعر مسودات الوجوه يلطمن الخدود. بعدها توقف الحج لتسعة اعوام متتالية خوفا من ان يعاود القرامطة هجماتهم.
و من سخرية التاريخ ان يتحول القرمطي ابو طاهر بعدئذ من قاتل حجاج بيت الله الحرام وسارق الكعبة والحجرالاسود الى حارس لطريق الحج لقاء راتب سنوي يتقاضاه من الخليفة العباسي في بغداد.
ورغم كل هذه الجرائم الشنيعة والفضائح الاخلاقية يحسبه المؤرخون صانع العصر الذهبي لدولة القرامطة، فقد تمكن هذا الفاجر الطاغية من فرض سيطرته على مناطق البحرين والقطيف والأحساء ومسقط، وفي احدى حملاته وصل بجيشه الى مدينة الكوفة واحتلها لكنه تركها قائلا : ان اهلها غدارون ينكثون العهود. ارسلوا الى الامام الحسين في الحجاز يطلبونه وعندما قدم اليهم ذبحوه.
وبعد موت ابو طاهر خلفه الحسن الأعظم الذي سار بجيشه واستولى على دمشق ثم واصل سيره حتى دق ابواب القاهرة.
الحلقة التالية في الاسبوع القادم !

* مقتبس من كتاب ثلاثية الحلم القرمطي لمحي الدين اللاذقاني

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here