العراق المستفيد الأكبر من تناقضات المنطقة ؟!!

محمد حسن الساعدي

لا يخفى موقع العراق وعمقه الاستراتيجي للمنطقة العربية والشرق الأوسط عموماً ، حيث كان ومازال يمثل بوابة العرب الشرقية ، ويمثل حلقة وصل بين أوربا وآسيا ، كما أن موقعه الجغرافي أهله أن يكون معبراً اقتصادياً مهماً للتجارة بين الغرب والدول العربية والخليجية ، لهذا الموقع المهم وأهداف أخرى كان استهدافه من قبل الإرهاب بشتى ألوانه ، وأخره الإرهاب الداعشي ، والذي سعى إلى تغيير خارطة المنطقة العربية عبر تنفيذ مخطط في العراق وسوريا ، والهدف منه تغيير مخطط سايكس بيكو ، وإعداد مخطط جديد وفق مصالح جديدة بين القوى الغربية المتصارعة فيه ، لهذا سيكون العراق المستفيد الأكبر من هذه التناقضات الجارية في المنطقة ، خصوصاً مع الصراعات الكبيرة بين محور الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج ، وبين إيران ومحور المقاومة في المنطقة ، الأمر الذي يجعل العراق مقبل على مرحلة مهمة من مراحل الاستقطاب السياسي وإعادته لدوره المحوري في المنطقة .

العراق ومنذ عقود كان محط أطماع الدول الغربية ، وأستطاع النظام البائد ان يفتح المجال واسعا أمام هذه الأطماع , وما الحروب التي فتحها أمام دول الجوار إلا احد هذه الأساليب ليعطي ذريعة ليكون العراق على مائدة الدول الغربية والتحكم بخيراته الطبيعية , وبعد أحداث عام 2003 ازدادت الرغبة لدى الولايات المتحدة أن يكون هو المحطة الأولى والقاعدة بالتغير القادم للمنطقة , الأمر الذي زاد من الشحن والصراع فيها عموما والبلاد خصوصا , وإذا ما علمنا أن المعادلة السابقة كانت قائمة على لون واحد , الأمر الذي أثار حفيظة الدول المجاورة , واعتبروا أن الحكومة في بغداد طائفية وموالية إلى إيران , في حين عدته إيران عملا عدائيا ضدها , وبدأت حملات الشحن الطائفي تؤتي اُكولها وبدأت في دخول الجماعات الإرهابية إلى البلاد وآخرها سيطرة داعش على ثلث البلاد بدعم مباشر من دول الخليج وفي مقدمتها السعودية وبشكل واضح وصريح .

اعتقد وربما يتفق في هذه الرؤية الكثير من المحللون أن العراق سيكون بيضة القبان في أي معادلة قادمة , وسيكون محطة مهمة من محطات الاستقطاب القادمة , وهذا ما يسعى إليه الغرب وأدواته بالمنطقة , وما زيارة محمد بن سلمان إلا في هذا الإطار محاولة كسب موقف العراق ليكون لاعب نشط وليس على دكة الاحتياط في حرب قادمة محتملة ضد إيران لاعبوها متحمسون لخوضها لتكون المنطقة قد تهيأت تماما لسايكس بيكو جديد وتنتهي حقبة وتبدأ مرحلة جديدة في مخطط المنطقة القادم , خصوصا وان السعودية شعرت خلال الفترة الماضية خسارة موقفها في سوريا واليمن وان أجنحتها قد كسرة وفقدان قدرتها على ضمان الدعم الدولي الذي بدا متغير المواقف وفقا لمصالحه .

يبقى على العراق حكومة وشعبا أن يستفيد جيدا من هذه الفرصة الذهبية والتي لن تتكرر ثانية , ليثبت قوته وموقفه السياسي ودوره الإستراتيجي في المنطقة وان يكون طاولة الحوار لأي صراح قادم في المنطقة , بل يمكن أن يكون أمم متحدة في الشرق الأوسط ليعود لاعبا مهما وله دور في حسم المواقف والصراعات القادمة , والذي سينعكس بالتأكيد بالإيجاب على أوضاعه السياسية والأمنية والاقتصادية .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here