شعوب حكيمة وأخرى سقيمة!!

الشعوب تتعلم الحكمة من التجارب التي تمر بها , وبما تدركه من دروس تعمل على تجنب تكرار ما حصل لها وترمم سلوكها , وتعيد ترتيب آليات تفكريها وتصوراتها ومواضع خطواتها , وهذه الشعوب هي التي تتفوق وتتألق في ميادين الحياة وتمضي نحو آفاق الإقتدار والعلاء.
شعوب ثرواتها في عقول أبنائها وحسب , وبهذه العقول تشق طريقها في الدنيا ولا تعول على عذر أو لوم , وإنما تؤمن بنفسها وبقدرة العقل على إبتكار ما تريده وتحتاجه , وبالعقل العلمي الرصين تنال مبتغاها وتحقق أهدافها القريبة والبعيدة.
إنها الحكمة السلوكية التفاعلية التي تخبرها شعوب الدنيا المتفوقة على غيرها من الشعوب , والفرق الجوهري بينها وبين الشعوب المتأخرة عنها , أنها شعوب تؤمن بالعقل العلمي وبمقدرته على إنجاز طموحاتها وتطلعات أجيالها المتفاعلة في إنطلاقة البنيان المرصوص.
ومن هذه الشعوب , الشعب السنغافوري والكوري والفيتنامي والصيني والهندي والأندونيسي والماليزي , وشعوب أخرى تعلمت السلوك الحكيم والتواصل السليم مع ذاتها وموضوعها , وإستثمرت في مواطنيها وأطلقت ما فيهم من الطموحات , ووظفتها بأساليب إقتصادية ذات إنتاجية متميزة وربحية عالية.
وهذه الشعوب بلا ثروات ومصادر للطاقة , وإنما تستوردها من الشعوب التي تبخس ثرواتها وتجهل مهارات الإستثمار , ولا تؤمن بقيمة العقل ودور الإنسان الحضاري.
والأمثلة الواضحة على الشعوب السقيمة التي لا تعرف أبسط مبادئ ومهارات السلوك الحكيم هي المجتمعات العربية , التي فيها كل أنواع الثروات ومصادر الطاقة وكنز القدرات والعقول المتأهبة للعطاء الأصيل , لكنها تسحقها وتدمرها وتتمتع بالفساد والظلم والقهر ويسود فيها الجور والتبعية والإتكالية , وتعلم أبناءها كيف يحققون مصالح الطامعين بأوطانهم , والتحول إلى ألد أعداء لشعوبهم , فلا يعنيهم من الأمر إلا لذائذهم الآنية وحسب.
وبالمقارنة ما بين الحالتين , يتبين أن الشعوب الحكيمة لم يستغرق نهوضها سوى عقد وبضعة سنوات , أما المجتمعات السقيمة فأنها تئن من معضلاتها المزمنة وعاهاتها السلوكية المتفاقمة , ولهذا فأنها تتدحرج إلى الوراء والدنيا في تسابق متسارع نحو الأمام.
فهل ستتعلم هذه الشعوب بعضا من الحكمة حتى تكون؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here