ستبقى سوريا تحت الخيمة الروسية

البداية كانت من الحرب التي اعلنت على العراق و من ثم اجتاحت جيوش الحلفاء البلاد و احتلتها عندها بدأت عملية رسم الخارطة الجديدة للمنطقة حيث اعيد العراق الى المنظومة الغربية بعد عقود من خروجه منها و التحاقه بالمعسكر الشرقي الأشتراكي و ان كان ليس بذلك الشكل المطلق لكنه بقي يصنف على انه ضمن دول اليسار العالمي و كذلك كانت شعارات الأشتراكية و التي هي العامل المشترك بين تلك الدول و كان يوم 9 نيسان من العام 2003 هو اليوم الذي شهد استحواذ الكتلة الغربية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية على العراق بما يملكه من خزين نفطي هائل ما شكل خسارة كبيرة لروسيا و التي كانت وقتها في اضعف حالاتها و هي تشهد انسلاخ ذلك البلد المهم و الذي كان في يوم ما في الدائرة السوفيتيية و من ثم الروسية و هاهو الآن ينتقل الى الدائرة الأمريكية و الغربية .

كان النظام الآخر الذي ينفصل عن الحليف الروسي هو نظام القذافي في ليبيا و بعد ان تدخلت قوات حلف الأطلسي و بشكل مباشر الى جانب المتمردين و اطاحت بنظام ( العقيد معمر القذافي ) و هو من الحلفاء القديمين و التقليديين للأتحاد السوفييتي السابق و الأتحاد الروسي اللأحق و كان الأمر في الأستيلاء على الدولة ( ليبيا ) و المخزون النفطي الكبير الذي تتوفر عليه في الضفة الأخرى من البحر المتوسط المقابلة للقارة الأوربية حيث حلف الأطلسي و كان سقوط نظام القذافي بمثابة الضربة القاسية التي تتلقاها روسيا من امريكا و حلفائها و هي لم يكن بأستطاعتها عمل اي شيئ و ظلت تتفرج و على مضض و هي ترى الأنظمة الموالية لها تتساقط الواحد تلو الآخر .

اشتعلت الساحة السورية بالمظاهرات و الأحتجاجات المعادية للنظام السوري ولم تكن الأيادي الغربية و الأمريكية ببعيدة عن ذلك الحراك الجماهيري الذي بدا سلميآ و الذي تحول بعد فترة وجيزة الى نزاع مسلح و حرب اهلية طاحنة تستخدم فيها كافة انواع الأسلحة الفتاكة و عم الخراب و الدمار الدولة السورية و صار الملايين من الشعب السوري اما لاجئين في خارج البلاد في تلك المخيمات التي تفتقد الى حفظ الكرامة الأنسانية اكثر من افتقادها الى القوت و الغذاء و كان القسم الآخر من السوريين نازحين داخل بلادهم و في مخيمات لا تقيهم من حر الصيف و لا تحميهم من برد الشتاء و فتك الفقر و العوز و شح الدواء بمن تبقى من ذلك الشعب المنكوب .

كانت ( سوريا ) هي المعقل الأخير للأتحاد الروسي الوريث الشرعي للأتحاد السوفييتي و التي كان الحكم فيها يترنح تحت ضربات المعارضة المسلحة بفصائلها العديدة و المدعومة بشكل هائل و بدون حساب بالمال و السلاح و الأفراد من السعودية و دول الخليج العربي و بأوامر مباشرة من الأدارة الأمريكية ان فتحت ( تركيا ) حدودها امام الالاف من المقاتلين الأجانب المدججين بالأسلحة و الأفكار المتطرفة و هم يعبرون الحدود متجهين صوب الأراضي السورية يحدوهم الأمل في اسقاط النظام السوري و اقامة دولة الخلافة الأسلامية على انقاضه و هكذا كانت تلك المجاميع اشبه بجيوش جرارة تملك من الأموال و الأسلحة و الدعم الغربي و الأمريكي و الخليجي الشيئ الهائل .

كان التدخل الروسي و في اللحظة الحرجة هو الذي انقذ الحليف السوري المتمثل بنظام ( الرئيس بشار الأسد ) من السقوط و الأنهيار و كان ذلك في انفاذ موطئ قدم للنفوذ الروسي في المنطقة و التي حاول المعسكر الغربي بزعامة امريكا و بمساعدة من الدول الخليجية و تركيا في الأستحواذ على سوريا و قطع الطريق على ( ايران ) من التواصل المباشر مع لبنان ( حزب الله ) ما قد يشكل عامل ازعاج و قلق للدولة الأسرائيلية و منع الروس من الوصول الى سواحل البحر المتوسط بعد ان فقدوا الأمل في الوصول الى المياه الدافئة في الخليج و ادركت روسيا ذلك جيدآ و قرأت الرسالة بأمعان و تمعن في ان سقوط النظام السوري هو انكفاء و تقهقر دور روسيا في المنطقة فكان لابد من التدخل و بشكل قوي و فاعل في الحرب التي تدور في سوريا فكان ذلك واضحآ و جليآ و على الأرض ان دحرت المجموعات المسلحة المعارضة و استسلمت و سلمت اسلحتها و رحلت الى محافظة نائية غير ذات تأثير يذكر في الشمال السوري .

ان كان التنازل عن العراق و من ثم عن ليبيا قد جرى في غفلة من الزمن وفي حالة من الضعف و الوهن فأن ذلك لن يحدث مرة اخرى و ان التنازل عن سوريا لأمريكا و الغرب لن يكون و لن يحدث و على هذا الأساس و وفق الحسابات و المعطيات على الأرض فأن سوريا سوف لن تكون خارج المعسكر الروسي و الذي بدأ بالنهوض و اثبات الوجود و ان كانت الساحة السورية و بكل تلك المأساة و الكارثة الميدان الذي كان للوجود الروسي السياسي و العسكري اليد الطولى فيه و ان تقاسم كعكة الشرق الأوسط الجديد لابد و ان تنال ( روسيا ) شيئآ منه و ها هي ( سوريا ) قد اصبحت من نصيب الدب الروسي .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here