النقد المزدوج للناخب والمرشح هو الحل !!

احمد الحاج
أخذ رشفتين من شاي الحصة التموينية – الخشبي – أعقبها بنفسين عميقين من معسل ” تفاحتين ” وسألني بصوت مبحوح وهو ينفث دخان أرجيلته بوجهي ، ماهو الحل برأيك في ظل تصريحات علنية شبه يومية لقادة فاعلين في العملية السياسية يترأسون كتلا وتيارات مهمة بشأن ترجيحهم لتزوير الإنتخابات النيابية المقبلة في الـ 12 من آيار 2018 ، مع ترويج شائعات – وربما حقائق – عن سرقة 100 جهاز للتصويت الإلكتروني تمهيدا للعودة الى التصويت اليدوي غير الفاعل والقابل للتزوير ، ناهيك عن تصريحاتهم اليومية بشأن بيع بطاقات الناخبين بـ 100- 200الف دينار في العديد من المحافظات ، ومخالفة الضوابط والبدء بحملات إنتخابية مبكرة جدا بمختلف وسائل الإعلام برغم التحذيرات المتكررة من مغبة العقوبات والغرامات والتي تصل الى منع المرشح المخالف من خوض الإنتخابات من جراء الترويج الفوضوي غير المنضبط بالتوقيتات ، ووصل اﻷمر الى طعن بعضهم بإستقلالية المفوضية العليا للانتخابات لوجود زيارات سرية يقوم بها بعض السياسيين ممن تضاءلت حظوظهم بالفوز من خلف الكواليس لها مايعد مخالفة قانونية على حد زعمهم ، إضافة الى تصاعد حدة الخطاب الطائفي والقومي هنا وهناك لكسب اﻷصوات وعلى لسان من لم تسمع لهم صوتا قط طيلة الفترة الماضية !
قلت إن الحل هو بالنقد المزدوج ﻻ اﻷحادي وهذا ما سأنتهجه في جميع مقالاتي صعودا ابتداءا من الليلة ، إذ إن تغيير عقلية الناخب وإصلاح اﻷوضاع المزرية جدا تستلزم توجيه النقد بصورة مزدوجة الى اﻷعلى -المرشح وكتلته – والى اﻷسفل – الناخب ومحيطه – في ذات التقرير ، المقال ، البوست ، الصورة ، الفيديو، التحقيق ، الحوار الصحفي والكف عن النقد والعزف المنفرد الى أعلى فقط من دون الحاضنة السفلية اﻷم التي صاغت عقلية المرشح ونفسيته وثقافته قبل أن تركله الى أعلى بصناديق الإقتراع اليدوي أو الالكرتوني ليصبح – سيد قشطة – بعد مغادرته القاع حيث يزدحم الغارقون في البرك والمياه اﻵسنة وأسراب الذباب وجبال النفايات التي لم تنفع لرفعها ولن تنفع التظاهرات ولا الإعتصامات وﻻ قطع الطرق الفرعية والرئيسة بالإطارات !!
ﻷن الفاسد العلوي ” رئيس حزب ، نائب ، وزير ، مدير عام ..الخ ” انما هو مولود من رحم الجمهور وبين كنفه في اﻷسفل ومصطبغ وﻻ أريد أن أقول ملوث بسلبيته ومعظمها مخالف للشرع والقانون والمنطق ، ومتلون بتقاليده إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، ردحا طويلا من الزمن وفائز بصوته ومتمكن من السلطة الى أجل غير مسمى بتصفيق الجمهور وتهليله ورقصه بين يديه وبأصبعه – البنزركي – وتبريره لمظالمه وإعادة تدويره 100 مرة مقابل – كيلو خيار ، كارت ابو الخمسة ، حصة تموينية ، مدفأة ، بطانية ، حقيبة ، قبعة ، تي شيرت ، الدرزن بخمسة الاف دينار صيني المنشأ ، رؤية منامية يكتبها على ﻻفتة يصدقها الناخبون ، وعد وهمي برعاية الفقراء والمحتاجين وتشغيل العاطلين ، سندات أراض مزورة ، صورة لمرجع ديني أو سياسي أو عشائري يدغدغ بها مشاعر الناخبين وقتيا لحين الفوز ومن ثم Goodbye My Love, Goodbye!!
وأضرب مثلا لتوضيح الصورة عن إزدواجية النقد البناء المطلوبة حاليا وبقوة بـ ” أكوام النفايات أمام متنزه شعبي حيث تتناولها جميع القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية بطريقة ( أين أمانة العاصمة ، أين محافظة بغداد ، أين عمال النظافة ..يعني شنو .. ليش ..أيباه مايصيريلكم جاره ..بعد ما ننتخبكم ، الخ ؟!! ) فيما الصيغة الوطنية واﻷخلاقية المطلوبة يجب أن تكون على نحو ( من الذي رمى اﻷزبال هاهنا ، إنه حثالة ولابد من تغريمه 3 اضعاف مارماه من أزبال وإرغامه على رفعها وان كررها ثانية فالحبس ومن دون شفعة ) كما في اندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وبقية دول العالم المتحضر ..ثم ..ثم يأتي التساؤل التقليدي : “أين أمانة العاصمة ، محافظة بغداد واين ؟
الجمهور اليوم – متونس حيل وكلش – على ظاهرة نقل النقد الى اﻷعلى فقط وإخلاء مسؤوليته كليا فيما هو – يخيط ويخربط – في اﻷسفل ويرمي القناني الزجاجية الفارغة من السيارة وسط الشارع ، يطلق اﻷلعاب النارية عند الفجر أو بعد منتصف الليل بلا إحساس بل ويطلق العيارات النارية في اﻷفراح واﻷتراح والليالي الملاح ايضا ولو قتلت وأصابت العشرات ، يرمي بزيوت السيارات الثقيلة و الإطارات المستكلهة في مجاري تصريف المياه والقنوات المائية ما يؤدي الى إنسدادها ،رمي أنقاض البناء فوق اﻷرصفة ، مصادرة الرصيف وإقامة كشك أو سياج فوقه – ﻷن مال أبوه – ، غلق الشارع الفرعي على مزاجه بمطب صناعي غير قانوني وﻻ نظامي ، رمي النفايات من دون رادع حول المتنزهات وأمام الجيران وعلى جدران المدارس والمستشفيات والجوامع ، معاكسة السير بالدراجات النارية ، يتلفظ ويشتم بأقذع المفردات وبصوت مسموع حتى للصم ليل نهار أمام النساء والشيوخ واﻷطفال من دون حياء وﻻ خجل ، يتجاوز على خطوط الكهرباء الناقلة – الوطنية واﻷهلية – ، يخادع في المكيال والميزان ، يغش في الإمتحانات ، يتدافع في اﻷسواق ، يتحرش بالنساء ، ﻻيحترم كبيرا ولا يعطف على صغير، يتعامل بالرشوة والربا أخذا وعطاء ، ﻻيحرم حراما ولا يحل حلالا، يسب الباري عز وجل وجميع المقدسات صباح مساء والعياذ بالله ، حاشا الطيبين والوطنيين والمخلصين والمتدينين الحقيقيين ﻻ المزيفين وكيفما تكونوا يولى عليكم ، وووو البقية تعرفونها جيدا ، هكذا وسط مثخن بالسلبيات لن يأتي بسياسي نزيه من وسطه يحاول دفعه قدر المستطاع ليمثله في العملية السياسية وليصلح أحوال البلاد والعباد إلا فيما ندر – تأملوها جيدا – والحل إنما يكمن بتوجيه النقد الى القواعد الجماهيرية والى – الفزاعات – السياسية الراغبة بالسلطة الى حد الوله في آن واحد ليعي كل واحد منهم – التابع والمتبوع ، الناخب والمرشح ، الرئيس والمرؤوس – دوره في إصلاح أو تدمير هذا البلد الجريح ، في إستشراء أو كبح جماح الفساد المالي والاداري والسياسي مالم ينصلحوا حقيقة لا إدعاء على مستوى القواعد والقيادات !
وأنوه الى ، إن” المتطوعين مجانا للنهيق نيابة عن فاسد في طريقه للسلطة ، المال ، الجاه ، الثروة ، عليهم أن يستعدوا لكم اللعنات التي ستطاردهم ﻻحقا بثمن طيلة أربع سنين مقبلة ، فعندما يتهور أحدهم وهو في طريقه الى الكرسي ويضرب كل مثله وأخلاقه ومبادئه وقضايا أمته ووطنه عرض الحائط ، على الإعلاميين والمراقبين والمحللين ووعاظ السلاطين فضلا عن الناخبين أن لايبرروا له دناءته وخسته تلك سواء بثمن أو من دونه ،وعليهم أن لا ينتخبونه ولايشجعوا على إنتخابه فبكم أولا وبعد الظفر بالكرسي سيبدأ ﻻحقا وبأسرع مما تتصورون ليضحك عليكم وأنتم تشكونه أمام العدسات ، وترفعون ضد فساده في ساحة التحرير أو الحبوبي أو شارع المتنبي اللافتات ، ويغلق بوجوهكم – كل الجوالات والتليفونات – ويرمي كل ما أرسلتموه اليه من الشكاوى والإسترحامات بسلال المهملات ، فتكونوا حينئذ كمن باع دينه ودنياه بدنيا غيره وأمثلة ذلك ﻻحصر لها في التأريخ القريب والبعيد …وكفى بالتأريخ واعظا ” ومادري عليمن جبناها ؟! ” .اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here