المالكي في مهب التناقضات و الدجل السياسي

بقلم مهدي قاسم

نادرا ما نجد شخصا يناقض نفسه بهذه الصورة الصارخة ، مثلما فعل و يفعل نوري المالكي في تصريحاته السيلانية والمتخبطة ، خاصة في تصريحه الأخيرأثناء استقباله مجموعة من أساتذة الجامعات *إذ من ناحية : ( أكد نائب رئيس الجمهورية العراقية، نوري المالكي،أن واقع التعليم في العراق شهد تطوراً كبيراً ( … ) ليعود من ناحية أخرى في نفس التصريح مناقضا نفسه ، قائلا : ( المرحلة الراهنة كانت من المراحل الصعبة التي واجهت القطاع العلمي في البلاد وذلك بسبب قلة التخصيصات المالية المخصصة مما أدى الى تراجع واقع التعليم والدراسات العليا وكذلك الرحلات البحثية ، وعقد المؤتمرات العلمية الكبرى في الداخل والخارج ، وكذلك قلة التعيينات فضلا عن إيقاف المبادرة التعليمية” ) ..

أو بالأحرى أن تأكيده الأخير هو الذي يعكس واقع التعليم المتردي في العراق ، إذ انحط مستوى التعليم العام و انحدر إلى أسوأ مراحل ومستويات من هزال و سطحية و عدم جدية و استسخاف بأهمية التعليم و الدراسة ، إلى جانب تدخلات و ضغوط سياسية و حزبية وعشائرية و أصحاب نفوذ و قرار بهدف تمشية ” الطالب ” و نجاحه الشكلي بهدف الحصول على الشهادة ــ بأي شكل من الأشكال ــ ومن ثم السعي نحو التوظيف ــ كنوع من بطالة مقنّعة ــ في دوائر ومؤسسات الدولة ، و لعل أخطر دور تخريبي في هذا المجال تقوم به بعض الجامعات الأهلية و ” الإسلامية ” أيضا و التابعة للوقفين الشيعي و السني والتي تقبل طلبة فاشلين من اصحاب الدرجات المتدنية جدا أو ممن لم ينجحوا في الأعداية، فتجري عملية قبولهم ليصبحو طلاب ” العلوم الإسلامية ” حيث أن قسما منهم يدرس سنة أو سنتين لينتقل بعد ذلك إلى جامعة أخرى ، أما الجامعات الحكومية أو التابعة للدولة فأن حالها ليس بأفضل ، إذ إنني أثناء زيارتي الأخيرة للعراق ، تحدثت مع أحد أقربائي وهوعلى وشك التخرج من الجامعة ــ فرع علم النفس، فقد أذهلني بأنه لا يعرف أبسط الأمورعن فروع علم النفس فسألت لماذا لم تدرس جيدا؟ ، فعرض عليّ مواد دراسته الجامعية فكانت تتضمن أولويات و عموميات علم النفس و التي قد يصلح تدريسها في المرحلة المتوسطة أن لم تكن في الابتدائية ، بل أنها تعد فقيرة حتى للتثقيف الذاتي ، أما النتيجة فأنه سوف يتخرج هو و أقرانه دون أن يعرفوا شيئا مهما على الصعيد العلاج النفسي الميداني أوالإكلينيكي ، وقد افهمته مغبة ذلك ــ إذا حالفه الحظ و تمت عملية تعيينه نتيجة معجزة ما ، و قد تحدث بالأمر فيما بعد مع زميلاته وزملائه فقرروا مواجهة عميد الجامعة ليطرحوا عليه مشكلتهم والمتجسدة بكونهم على وشك التخرج ولكن دون أن يكتسبوا علما كافيا و جيدا وافيا يعينهم على ممارسة وظائفهم بشكل مهني صحيح ، غيرأن العميد ــ و بعدما عرف حقيقة المشكلة التي يريدون طرحها عليه ــ رفض استقبالهم رفضا عنيدا وباتا ! …

عموما : سيذكر التاريخ و كذلك الأجيال القادمة ، ان أحزاب الإسلام السياسي ــ الشيعية والسنية على حد سواء ــ قد لعبت دورا تخريبا ومدمرا لمستوى التعليم في العراق مثلما فعلت مع حقول الزراعة والصناعة والثروات المائية والصحة و الثقافة و الفنون والقيم الوطنية و الاجتماعية الأخرى.

ملحوظة : ُيذكر أن نوري المالكي قد صرّح في مقابلة سابقة واصفا نفسه و كذلك أقرانه في العملية السياسية بالفشل الذريع ، و كان من الممكن أن تُسجل له هذا الاعتراف كنقطة إيجابية ــ إلى جانب نقاط سلبية كثيرة ــ لو … نقول لوانسحب من العملية السياسية بصفته كرجل سياسي فاشل بالمرة، و من ثم أنزوى جانبا ، ولكنه لم يفعل ، إنما رجع نائبا ثالثا لرئيس الجمهورية ليكبد خزينة الدولة مزيدا من هدر و تبذير غير مبررين ، كشخص مهووس بالسلطة والأضواء و الفخفخة الفارغة ..

هامش مع الصلة :

المالكي: واقع التعليم في العراق شهد تطوراً كبيراً

أكد نائب رئيس الجمهورية العراقية، نوري المالكي،أن واقع التعليم في العراق شهد تطوراً كبيراً، اذ انفتحت الجامعات العراقية على العالم

وجاء في بيان مكتب المالكي أنه “استقبل نائب رئيس الجمهورية نوري كامل المالكي بمكتبه الرسمي مساء اليوم مجموعة من اساتذة الكليات والجامعات في بغداد “، مضيفاً أنه ” استمع في بداية اللقاء الى شرح مفصل عن الواقع التدريسي والأكاديمي، والسبل الكفيلة لتطويره بحيث ينسجم مع التطور التكنولوجي المتواصل .”

وأشار البيان إلى أنه “أكد واقع التعليم في العراق شهد تطوراً كبيراً ، اذ انفتحت الجامعات العراقية على العالم ،وتم إرسال الكثير من البعثات العلمية الى جامعات الولايات المتحدة الامريكية والمملكة المتحدة ضمن المبادرة التعليمية، وتقدمت مستويات البحوث العلمية والنشاطات الجامعية تقدما كبيرا نحو الرقي والتطور الأكاديمي والعلمي، ووصلت إلى مستويات عالمية متقدمة خصوصا في مجال الهندسة أو الاختصاصات العلمية الأخرى “.

ولفت إلى أن “المرحلة الراهنة كانت من المراحل الصعبة التي واجهت القطاع العلمي في البلاد وذلك بسبب قلة التخصيصات المالية المخصصة مما أدى الى تراجع واقع التعليم والدراسات العليا وكذلك الرحلات البحثية ، وعقد المؤتمرات العلمية الكبرى في الداخل والخارج ، وكذلك قلة التعيينات فضلا عن إيقاف المبادرة التعليمية” نقلا عن صوت العراق ) ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here