إستقالة ألسّنيد: هل تنقذه من المحاكم؟

لكلّ إنسانٍ في الوجود (ثلاثة محاكم) يواجهها لا محال .. بحسب آلأعمال التي تقترفها يداه و حتى بسبب فكره – مجرّد التفكر في المعصية – بآلنّسبة للعارفين, و تلك المحاكم هي:

ألأولى: محكمة الضّمير, و التي إنْ لم تكن فاعلة في النفس كلّ يوم و ساعة لمحاسبتها و كبح جماحها, فأنّ صاحبها قد يطغى و يعتز بذنوبه ليرتكب المعاصي الكبيرة بشكل طبيعي بعد ما يُزيّن له الشيطان أعماله !؟

ألثانية: محكمة النّاس؛ و تكون إمّا عن طريق إجراء القانون أو العرف الحاكم في المجتمع أو عن طريق الناس مباشرة, حين ينعدم قوة القانون في المجتمع!

الثالثة: محكمة العدل الألهية؛ و هي المحكمة العظمى التي لا تترك صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها و عرضها و حكم عليها بآلعدل يوم القيامة(فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره و من يعمل مثقال ذرة شراً يره)!

و كلّ إنسان يواجه تلك المحاكم بدرجات متفاوتة كنتائج لأفعاله و تعامله مع الحقوق التي شرّعها الله تعالى له طبق نظام الكون ألذي لا يستطيع أكبر عقل من معرفة مدى دقته و ظرافته و إنسجامه.

[و آلحقوق أربعة: حقٌّ لك؛ و حقٌّ عليكَ؛ و حقٌّ بينك و بين الله؛ و حقٌّ بينك و بين الناس]!
هذا بحسب حديث متواتر عن الأمام الصّادق(ع) الذي هو أمام كل مذاهب المسلمين و آلصادق الأمين على شرع جدّه رسول الله الذي هو شرع الأسلام ألألهي – المحمدي الأصيل.

بإختصار شديد؛
ألحقوق (الثلاثة) الأولى: محدودة الأبعاد و تختصّ معظمها بآلأنسان نفسه و دائرة تأثيرها محدودة جداً و قد تؤثر على آلرصيد الشخصي الذاتي أمّا تصاعدياً في حال الأيجاب و أداء العبادات الشخصية بإتقان, أو تنازلياً في حال السّلب و عدم أداء العبادات الشخصية بدقة, و بآلتالي قد يغفرها الله تعالى جميعأً إن قصّر بأدائها, أو كان فيها خلل و نقص!

لكن المصيبة الكبرى و بيت القصيد هي في الحقّ (ألرّابع) الأخير ألذي على أساسه يتمّ تعين مصير الأنسان في الدُّنيا و آلآخرة, لأنّه يتعلّق بحقوق النّاس الذين نعيش معهم, و لا يفرق سواءاً كان هذا الأنسان مسلماً أو مسيحيا ًأو يهودياً أو حتى كافرأً, حيث خصّهم الله بحقوق و بكرامة عظيمة تعادل السّماوات و الأرض و ما بينهما!

ألغاية من هذه المقدمة .. بُعدان:
ألبعد ألأول: تعريف الناس خصوصا المسؤوليين و القضاة و الحاكمين في العراق و العالم بأنّ حقوق الناس خطٌّ أحمرٌ لا يمكن تجاوزه, و من يفعل ذلك فسيلقى العذاب الأليم, أما من ضميره و نفسه (اللوامة) إن كانت فيها حياة .. أو من الناس الذين سيُطالبونه بتلك الحقوق .. و إن إستطاع الأفلات من هذين المحكمتين بدهائه و حنكته الشيطانية و كما فعل البعض في مجلس النواب و الوزراء و القضاء؛ فإن محكمة الله تعالى العادلة ستقاضيه و بدقة متناهية و لا مهرب منه و ستكون العقوبات مضاعفة عليه بسبب فساده و ظلمه و تنكره لحقوق الناس, لكونه كان يعرفها و قرأها و دعا لها في يوم من الأيام!

لذلك أقول لكم:
أيّها الناس .. خصوصاً المسؤوليين و الحاكمين؛ لا تظلموا .. و لا يظلم بعضكم بعضا بآلحقوق, عبر الرواتب ألمليونية و المخصصات المليارية و الحمايات, و إنّ كلّ “فلس” و ليس “دينار” .. سيكون جمرةً حارقة في أياديكم و بطونكم و أفواهكم و أفواه من أطعمتموهم من المقربين بتلك الأموال الحرام!

و لعل (العدالة العلوية) و كما قالها جورج جورداق و آخرين .. هي السّبب الوحيد الذي حطمّ دولة العدل الألهية الفريدة التي أقامها أمام العدالة الكونية الأمام عليّ بن أبي طالب, حين لم يُعجب أهل العراق و الشام عدالته, لأمتهانهم الفساد و الظلم و سلب الحقوق كثقافة موروثة لديهم من ثقافة حمورابي الظالم و إنتهاءاً بآل عثمان و آل صدام حتى الحاكمين الحاليين الظالمين!

لذلك فأن تبدلاتكم و إستقالاتكم و إعتصاماتكم أيها الحاكمون .. من مجلس النواب و الحكومة و القضاء و كما فعل السيد ألسّنيد(جواد جميل) و آخرين سبقوه لن يُرجع الحق لأصحابه و لا يكفي لبراءة ذمتكم .. بل هي ذر للرّماد في عيون الناس الذين سلبتم حقوقهم بآلمكشوف و من خلال قوانينكم الظالمة التي لم تختلف كثيرأً عن قوانين الحاكمين السابقين كحمورابي و صدام و من بعده .. و سوف لن تنقذكم من (المحاكم الثلاثة) التي تنتظركم, مهما حاولتم أن تتفننوا للتهرب من المسؤولية و آلتلذذ بتلك الأموال المنهوبة, ما لم ترجعوها و تقسموها على الشعب الجائع الجريح الدامي, لانكم سرقتموها أمام هذا الشعب المسكين الذي تعجّب من أفعالكم و مواقفكم لكونكم إدّعيتم كما أقرانكم ألأنتماء لحزب الدعوة الأسلامية و على مدى 13 عاماً أسوداً ليكون الشماعة التي أسقطتم عليها كل فسادكم .. و لا أدري أي حزب لعين هذا الذي إدّعيتم الأنتماء له بإسم (حزب الدعوة الأسلامية) ألذي بدى و كأنه إمتداد لحزب البعث!؟

لأن الحزب الذي عرفتُه بذلك الأسم .. كان حزباً إلهياً آخر خلال السّتينات و السّبعينات من القرن الماضي كان يُسمى بحزب الدعوة الأسلامية الذي كان يتمنى كل مؤمن و مؤمنة الأنتماء له .. و ليس هذا الحزب المزور الفاسد العميل الذي ترأسه البعثي إبراهيم الجعفري و العبادي و أشباههم من الفاسدين الذين سرقوا العراق بلا حياء .. من النفس و لا من الله و لا من الناس, من خلال مئات الملايين كرواتب و مخصصات و حمايات و سفرات و نثريات كل شهر بجانب العقود ألمليارية الكاذبة!

و لو لمْ تُعلنوا التوبة أمام الله و الشّعب و ترجعوا و من تحالف و تحاصص معكم .. جميع تلك الأموال المليارية التي سرقتموها؛
فأنّ العذاب (النفسي) أولاً,
و (الناسيّ) ثانياً,
و الألهيّ(ثالثاً), ستُلاحقكم أينما كنتم .. حتى بعد الموت!
و إنا لله و إنا إليه راجعون ..
أللهم إني قد بلّغت ..
أللهم إشهد!
عزيز الخزرجي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here