قصور صدام.. دمرتها داعش وخلدت بين جدرانها مجزرة سبايكر

مجمع القصور الرئاسية في وسط مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين شمال بغداد (175 كلم) يضم اكبر مجموعة من القصور التي شيدها صدام حسين في القرن الماضي إذ تحولت إلى دوائر حكومية وبيوت للمسؤولين.

يبلغ عدد القصور التي بناها صدام والتي تنتشر على ضفاف نهر دجلة (136) مبنى خدميا وقصرا شيدها صدام حسين على مساحة (2,5) ميل مربع من ارض تكريت على هضبة مرتفعة وسط المدينة، وأحيطت بأسوار كونكريتية مرتفعة.

القصور الكبيرة صممت وفق رؤى تاريخية من منظور نظام صدام. وحملت اسماءً تاريخية عريقة منها “ذو الفقار” اكبر القصور ويضم (360) غرفة على شكل سيف الأمام علي، والعباسي، والفاروق، والشلال والبيت الصيني.

قسمت تلك القصور ومرافقها الى قسمين الشمالي والجنوبي حتى سميت حينها بالموقع الجنوبي والموقع الشمالي واستمر بناؤها خمس سنوات، في جزيرة في نهر دجلة بنى داخلها خمسة بيوت فخمة سميت قصور البجعة وسط غابة من انواع النخيل جلبت من كل العراق لإكثارها والمحافظة على أصولها في القصور.

القصور الرئاسية في تكريت صورة مصغرة عن حال العراق منذ 2003 حيث فشلت الحكومتان المركزية والمحلية في استثمارها او استغلالها للصالح العام لتكون في النهاية مجرد أكوام من النفايات بعد ان قام داعش وخلال سيطرة على تكريت عام 2014 بتفخيخ وتفجير أبرزها.

طامي صعب معاون مدير استثمار صلاح الدين يقول لنقاش إن “القصور بمميزاتها المعمارية وجماليتها وموقعها المتميز عرضت للاستثمار أكثر من مرة وان السبب الرئيسي وراء عدم نجاح الاستثمار هو سيطرت القوات الأمنية بمختلف أشكالها عليها ورفضها الخروج قبل مرحلة داعش وبعدها والأمر مستمر إلى اليوم إذ تتخذها الدوائر الأمنية مقار أمينة ومنعزلة وترفض إخلاءها رغم التأكيدات الرسمية من الحكومة المركزية والمحلية.

لجنة الاقتصاد في البرلمان العراقي أعلنت خططاً لاستثمار القصور الرئاسية (قصور صدام) عبر جولات تراخيص أسوة بالتراخيص النفطية. وقدرت اللجنة مواقع الاستثمار في عموم العراق بألف موقع، موزعة بين قصور ومنتجعات سياحية ومجمعات رئاسية فخمة، وهي منتشرة من شمال البلاد وصولاً الى ضفاف شط العرب في الجنوب.

وذكرت اللجنة في إعلانها أن الإحصاءات تؤكد بأن في تكريت وحدها 136 قصراً صممها معماريون محليون وأجانب، وبعضها يعتبر تحفا فنية من حيث التصاميم والفخامة والمساحة الشاسعة التي شيدت عليها، ناهيك عن وسائل أمن نادراً ما تطبق في بقية البلدان مثل الجدران المضادة لأنواع الأسلحة الثقيلة، والرخام النادر.

عضو مجلس محافظة صلاح الدين علي فاضل الدجيلي يبين لـ”نقاش” أن “القوات الأمنية والحشد الشعبي ومنذ نيسان (ابريل)2015 تقطن في مجمع القصور وهي مقفلة لها فضلا ان معظم القصور دمرت من قبل داعش اثناء المعارك والقصف الجوي للعناصر التي تمركزت فيها”.

ويضيف “بالإمكان اغتنام القصور الرئاسية في تكريت في مجال السياحية، لتدر أموالا كبيرة على المحافظة لاسيما انها تضم موقعين مهمين للغاية وهما الكنيسة الخضراء أقدم الكنائس في الشرق الأوسط والبيت الذي ولد فيه صلاح الدين الأيوبي، كما أن الكثير من السياح يتمنون زيارتها للتعرف على الكيفية التي كان يعيش بها صدام في تلك الحقبة التاريخية وفي النهاية يصب في توفير عشرات فرص العمل لأبناء المدينة”.

عندما يذكر اسم مجمع القصور في تكريت تسترجع الأذهان صورا بشعة ومشاهد مؤلمة لتلك الباحة المطلة من احد القصور الرئاسية على نهر دجلة إذ يقوم عناصر من داعش بإعدام مجموعة طلبة القاعدة الجوية ورميهم مباشرة في النهر.

في حزيران 2014 تم قتل (1700) طالب من طلاب القاعدة الجوية في سبايكر في مجمع القصور الرئاسية من قبل عناصر داعش ودفن اغلبهم داخل الأودية في تلك القصور ولا تزال فرق البحث مستمرة في انتشال رفات الضحايا من مناطق مختلفة من موقع الجريمة.

عشرات الوفود الرسمية والشعبية من مختلف أنحاء العراق وبشكل يومي تقصد موقع القصور وسط مدينة تكريت لتزور موقع الجريمة بل إن شخصيات إعلامية وفنية عربية من مصر والخليج زارت الموقع اضافة الى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.

اليوم عشرات العائلات المنكوبة بمقتل أبنائها في تلك المجزرة يتوافدون على المكان ذاته يضعون الزهور ويصبغون تلك الابنية بالحناء مستذكرين ضحاياهم بالدعاء والبكاء، إذ عمدت الحكومة على تنظيم المكان لاحتواء الزائرين ولإحياء الذكرى السنوية لضحايا سبايكر في مجمع قصور صدام.

مستقبل تلك القصور لاسيما غير المستخدمة منها او تلك التي تم تهديمها جزئيا غير معروف فهي مهملة تماما من قبل الدوائر التي تهتم بالتراث والتاريخ برغم وجود بعض الأصوات التي تطالب بتحويلها الى متاحف للحقبة التي حكم فيها صدام حسين البلاد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here