“الانتخابات النيابية العراقية، بين الواقع والتطلع والمخاوف الجيوسياسية”

الكاتب: لقمان عبد الرحيم الفيلي

اولاً: نظرة من الخارج الى الداخل العراقي:

• توقعات الأغلبية المراقبة للسياسة العراقية هي ان نتائج عدد مقاعد التحالفات ستكون قريبة بعض الشيء.

• ان يكون الاخر عبر الحدود لا يعرف بالضبط او باطمئنان من سيكون رئيس مجلس الوزراء العراقي القادم، فذلك مؤشر صحة وتعاف للنظام السياسي العراقي واستقلاليته.

• من وجهة نظر الخارج لنا، هناك ملفات مهمة امام الحكومة العراقية القادمة التي ستحتاج الى فريق قوي لإدارتها. هذه الملفات تتضمن اعادة علاقة بغداد مع ادارة إقليم كردستان بعد فشل مشروع استفتاء الاقليم، وتحديد حدود حركة وحيوية الحشد الشعبي وضبط إيقاعه ضمن الجانب الأمني والعسكري للدولة، وتفعيل برنامج للحد من الفساد المالي والاداري لأجهزة الدولة، وتوسيع دائرة الاقتصاد خارج إطار الدولة الريعية، واخيراً إشعار كل الأقليات أنها ضمن حماية الدولة وهم مواطنون من الدرجة الأولى وخصوصا بعد انتهاكات داعش لوجودها وهويتها.

• الواقع الجيوسياسي الحساس في المنطقة يأمل بان تكون الدورات المكوكية بين الأحزاب العراقية لتشكيل الحكومة قصيرة وسريعة، وهذه على عكس توقعات الاحزاب العراقية التي تعتقد ان عملية تشكيل الحكومة ستكون معقدة وذات مخاض طويل.

• هناك ترقب خارجي للانتخابات الجديدة بأنها ستنتج تغيير بعض الوجوه وصعود جيل سياسي شبابي جديد يعتمد على امتدادات حقيقية داخل العراق وقادر على التفكير خارج المألوف لحل مشكلات العراق المتعددة والمعقدة.

ثانياً: نظرة من الداخل العراقي الى الخارج:

• الكل يتحدث عن دور رعاية مهمة للعملية السياسية من الجارة الشرقية والحليف الدولي والمرجعية الدينية في النجف. هل ما زالت العملية السياسية في دور المراهقة رغم مرور 15 سنة على ولادتها؟

ام انها نشأت واصبحت فتى او شابا وتحتاج ان تقف على قدميها؟

• بعد عقد ونصف من الزمن، ومع تواجد وتعاط اميركي وإيراني فعال مع الدولة والمجتمع العراقي، نستطيع ان نقول باطمئنان ان العراق لم يتطبع بعد في علاقاته مع الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية، هل سنحتاج الى عقد ونصف اخر لنصل الى معادلة مريحة وواضحة وفعالة بين العراق والولايات المتحدة من جهة وبين العراق والجارة إيران من جهة اخرى؟ وهل لدينا كدولة ومجتمع خارطة طريق واضحة لهذا التطبيع الضروري؟

ثالثاً: نظرة من الداخل الى الداخل:

• عدم معرفة الكتل السياسية بدقة لطبيعة ثقلها الانتخابي فذلك مؤشر على انها لا تعرف بالضبط عمقها وسعتها المجتمعية. هنا تحتاج هذه الكتل الى وقفة لفهم الأسباب، وان كانت الطبقة السياسية لديها برنامج سياسي تنطلق فيه من الشارع الى سدة الحكم وليس العكس. اما من جانب الشارع فهل ترى هذه الكتل السياسية أنها ككتل متشابهة لم تقدم شيئا متميزا لها؟ وبالتالي سيؤدي الى عزوف في المشاركة في الانتخابات، ام انه سيشارك ولكن سيكون مستعداً لان يجرب الاختيار بطريقة غير تقليدية عكس المرات السابقة؟

• هناك رغبة في دعم منهاج نوع من الاكثرية السياسية (يمثل كل العراقيين) وتشكيل كيان يحكم واخر في المعارضة، ولكن فِي الوقت نفسه هناك عدم وضوح في برنامج ومنهج تشكيل الحكومة القادمة وخصوصاً إذا شاركت مختلف التحالفات المهمة في برامجها السياسية في تشكيل الحكومة. ذلك يعني العودة الى الوراء وضياع فرصة التعافي السياسي بعد انتهاء العراق من تحرير أراضيه من داعش الإرهابي.

• لا توجد قراءة واضحة في الثقل الانتخابي او طبيعة التحالفات الداخلية داخل المكونات وبينهم، وهذا يعني ضعف القراءة والحوار السياسي بينهم.

• برامج الحكومات السابقة، اثناء حفل تشكيلها تحت قبة مجلس النواب، كانت تتجاوز ثلاثين فقرة، لا أرى اننا نحتاج ان نعود لها، ولكن هناك حاجة حقيقية لواقعية البرامج وما يمكن تطبيقه خلال أربع سنوات قادمة.

• المتغير في التحالفات هو الثابت الوحيد في المعادلة العراقية السياسية للائتلافات الحكومية وذلك لعدم وجود تحالفات ستراتيجية بالمعنى السياسي لهذه الكلمة.

• السياسات الهادفة، وبالتالي السياسي الهادف يعمل لغرس مشاريع بناء وسط مجتمعه غير مكترث ان يقطف ثمارها هو او الأجيال التي تليه. وعليه فالمفروض في العمل السياسي في العراق ان يكون عملا ماراثونيا وليس قصير الأمد وذلك لمن له مشاريع بناء، اما ان كانت مشاريعه لغير ذلك، فذلك متاجر بالسياسة ليس الا.

• هناك إشكالية حقيقية متعلقة بكثرة عدد الأحزاب العراقية المشاركة في الانتخابات النيابية، بعضها حزب الشخص وليس حتى حزب الجماعة او الحركة الجماهيرية. بالإضافة الى ذلك عدم ترشيح بعض القيادات أنفسهم لمجلس النواب وبقائهم خارج الحلبة البرلمانية معناها ازدياد عدد الزعامات علماً اننا في أمس الحاجة لتقليلهم واختصار عددهم لتفعيل ثقافة ديمقراطية صحية.

• بعد تحرير العراق من دنس داعش، هناك فرصة تاريخية لإعادة البيت العراقي على أسس صحيحة ومتينة. هذه الفرصة ستعتمد على اسس تشكيل الحكومة القادمة وان تكون من منطلقات برامج سياسية بحتة لبناء كل العراق وليس من أي منطلقات أخرى مثل القومية والاثنية والطائفية. ان لم تتغير معادلة تشكيل الحكومة والابتعاد عن مناهج السنوات السابقة (حكومات 2006 و 2010 و2014) فان التحديدات الأساسية سوف لن تعالج وقد تعود كرة داعش او من امثالها وتداعياتها في تحولات اقتصادية او مجتمعية كبيرة تستمر في استنزاف كيان الدولة والمجتمع.

• كل الشكر والعرفان للسيد الجليل علي السيستاني وباقي المراجع في عدم زج أنفسهم في الحراك السياسي الداخلي في الموسم الانتخابي. اتركوا السيد الجليل وركزوا على تحسين برامجكم الانتخابي، فذلك ارحم لكم وللسيد المرجع الساكن في دار مؤجرة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here