اوراق سرية من ملف مذكراتي

—————————-: ضياء محسن الاسدي
(( غادر النوم عيوني ليلا كعادته مستلقيا على وسادتي اتقلب في فراشي متوسلا بالنوم أن يغشيني قليلا لأستريح من التعب والارهاق لكن النوم هجرني مليا فجأة قفزتُ منتصبا أريد مكتبي متلمسا بيدي في الظلام الدامس الذي يحيط جو الغرفة حتى وصلته وأنرتُ الضوء مسرعا نظرتُ الى ساعة الحائط كاد عقربُ الساعة أن يعانق الثالثة صباحا وعقرب الدقائق يتثاءب عند الرقم ستة. سحبتُ القلم بشدة بين اناملي اراقصهُ يمينا ويسارا بسرعة وعصبية وهو يحاول الافلات مني من غير محيص لشدت الضغط عليه أحاول ان اكتب عن شيء يسليني ويهدأ من وحشتي وأرقي أعتصر عقلي ومخيلتي لأجد فيها ما أكتبهُ أطلقتُ العنان لجفوني للاسترخاء وأغمضت عيني لاستجمع شتات ذاكرتي شعرتُ بالقلم يستسلم للنعاس ليضع رأسهُ على أحدى أناملي لينام استويت الى رفوف مذكراتي لأسحب ورقة منها فتحتها ليقع بصري على اجمل ذكرى اختزنتها في ملفي هذا الا وهي المرحلة الجامعية الطلابية التي ذكرياتها وحلاوتها وجمالها لا تقدر بثمن لا تزال عالقة لحد الان في ذهني ايامها تنساب امامي وتتدفق كشلال من المياه العذبة وذاك الوجه الجميل الرائع الذي بدى منتصبا بملامحه وعفويته وتلك الضحكة والابتسامة المميزة واللكنة الغير عربية على لسانها والثغر الذي يملك الكون بجماله واشراقته كانت كل شيء بالنسبة لي كانت الاهل والدراسة والاستاذ والعمر كله . لا نفترق ابدا في ساعات الدوام نتغيب عن المحاضرات في عدة مرات لتكون المحاضرة خاصة بيننا في حديقة المعهد ومناضد النادي فيها نتجاذب الاحاديث ونتبادل الكلمات الجميلة الشاعرية ما دمنا نحتضن الطاولة حتى نهاية الدوام لنكمل الحديث عند خروجنا من المعهد لنصل الى دار السكن الجامعي والشارع الجميل المبلط بالورود والرياحين والاشجار المعمرة الباسقة والمعطرة بازكى انواع العطور التي تمتد على جانبيه كان الحديث يدور بيننا بالنظرات ساعة وبالاشارات تارة اخرى لان اللسان يتوقف والقلب يستأذن قفصه الصدري ليسكن صدرها وبين اضلعها كنت استمع لكلماتها العذبة وهي تنساب من شفتيها كالخمر يسكر عقول الثملين من العاشقين الذين اضناهم تعب العشق وكانت الخطى تتباطأ في المسير حتى يغشاها سواد الليل في بعض الايام متمنين ان يطول بنا الشارع ولا نصل الى نهايته . والشعر الاسيل الذي يتلاشى لونه بسواد الليل المرسل ليغطي الكتفين والظهر يتهادى مع كل هبة نسيم عليل من همسات الربيع وخصاله كالأوتار الموسيقية التي تعزف الحان الحب والشوق وانين العاشقين وترجمان كلماته لم تمضي سنين الا وشارفت الحياة الدراسية ان تضع اوزارها لتترجل عن صهوة جوادها ملبية نداء الحياة لتطوي صفحة جميلة من صفحات حياتي لتدسها في حقيبة سفرها معلنة الرحيل الى اهلها في احدى المحافظات الشمالية مع اوراق ذكرياتي وآمالي متعاهدين على اللقاء ثانية تاركة الاسى والحزن لهذا القلب المرهف معلقا اسمها وحبها على صدري وحبيسا بين اضلعي أستنشقه مع أنفاسي . أيقضني اشراقة ضوء الصباح الباكر وسقوط القلم من رؤوس اصابعي ليستلقي على سطح المكتب من شدة الاعياء الذي اصابه طوال الليل لتصبح آثاره على الورقة البيضاء جزءا من ماضٍ جميل وصفحة معطرة في خزانة ذكرياتي ))

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here