صراع القــــوى وطُرق الخلاص

صراحةً مَن ينظر للعنوان بلا شك يأخذه فكره نحو الصراع السياسي ولكن الامر ليس كذلك فهنا الصراع مختلف نوعا ما وان كان الأمر يتلاقى بشيء وهو انانية الانسان في القيادة والتحكم ومسك زمام الامور بكلا الشكلين !!

وعليه يمكننا القو ان الأنسان يعيش حالة الشد والجذب بين الروح والجسد ؛ فطالما يفضل الجسد النزول الى الأرض والاستمتاع بكل لذاتها فمصدره منها واليها بينما تحاول الروح أن تسمو وتعلو وترتفع الى مرتكزها ؛ وحتماً بعد هذا سيحدث الصراع بينهما فكلٌُ يريد موقعه ومركزه ؛ ولا شك أن هذا الصراع يحمل فى طياته كل تعب للإنسان ، وطاعة أهواء الجسد كفيلة بجعل الإنسان بعيداً عن النعمة ونيل رضا الله ، بل و منبوذاً من الاخرين و من نفسه أيضاً ، وسوف يجاهد مراراً لاقتناء رضا الاخرين و لا ينجح فى ذلك ، لأن إهمال الإنسان لاحتياجات الروح يفقده كرامته وهيبته وقناعته ؛ فغالباً ما تكون مسرة الجسد السلوك فى الفساد والإفساد ومخالفة نعم الله ، بل والتغلب على حركات الروح وأعماله التى تبغي إصلاح الإنسان وارتقائه فى الكمال و معرفة الله ، وتزداد أعمال الجسد العدوانية تجاه الروح كلما أزداد الإنسان فى طاعة الروح وإرضاء الله ..

ولعل الصراع بين رغبة الجسد فى السيطرة والقيادة وبين الروح فى الانتقال بالإنسان إلى أسمى درجات التقوى والكمال والفضيلة ،كما هو الصراع بين الحق والباطل ؛ هذا الصراع وإن كان يكلف الإنسان المزيد من الآلام المشقة والتعب ، إلا أن كل هذا لا يبقى طويلا ، حيث أن كل ما يواجهه الإنسان من أتعاب فترة هذا الصراع يتلاشى تدريجياً بقدر ما يجد الروح فى الإنسان الاستجابة لتدبيره والإذعان لخطته المملوءة حباً وإخلاصاً .ولعل من جميل ماقرته في مبحث الصلاة للاستاذ الصرخي الحسني وهو يتحدث عن صراع القوى في الانسان وكيف تتأثر الروح بافعال الجسد وتنعكس عليها واليكم ما قاله ( إن الصراع القائم في الروح، والنفس بين قوى الخير، وقوى الشر أي بين الفجور، والتقوى، صراع يخضع له الجسد أيضًا، ويتأثر بنتائجه للارتباط الوثيق بين الروح، والجسد، وكذا الكلام فيما إذا كان الجسد يعيش صراعًا من مرض معين، فإن هذا الصراع ينعكس على الروح )) .

عندما تكون القيادة فى الحياة للروح تكون نجاة الإنسان أكيدة بقدر إصراره على إبقاء هذه القيادة للروح أيضاً ، والسعادة الابدية أن يعيش الإنسان فى حرية صحيحة وكفيلة بأن تجعله مقدس فى الحق وسعيداً ، وهذا لا يتآتى للإنسان إلا بمحاربة ميول الفساد التى بداخله .

هيام الكناني

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here