شناشيل: مِن أين لهم كلّ هذا المال؟

[email protected]

 عدنان حسين

مفوضية الانتخابات معهود إليها بمهمتين كبيرتين للغاية. الأولى: تنظيم وإدارة الانتخابات البرلمانية والمحلية والإشراف عليها بما يمتثل لأحكام الدستور وقوانين الانتخابات، والثانية: تنظيم الحياة الحزبية بما ينسجم مع أحكام الدستور وقانون الأحزاب.
الحملة الانتخابية الجارية الآن انطلقت عملياً قبل أوانها بكثير من جانب بعض الأحزاب والائتلافات المتنفّذة في نظامنا السياسي، الإسلامية في الغالب، في تحدّ وانتهاك للقوانين، المفوضية لم تفعل حتى الآن شيئاً ممّا تُمليه عليها واجباتها والتزاماتها لوضع حدّ لهذه الممارسة المشينة، بوصفها ممارسة فاسدة ومفسدة. هذه الحملة تتميز بالإنفاق الباذخ جداً عليها من القوى والائتلافات المتنفذة، وهو ما أثار حفيظة الكثير من الناس الذين أمكنهم التعبير عن آرائهم ومواقفهم بحرية عبر وسائل الإعلام (قنوات التلفزيون والإذاعة والصحف) ومواقع التواصل الاجتماعي.
ليس من الصعب تقدير أنّ بعض هذه الأحزاب والائتلافات ستكون، عند آخر يوم من الحملة الانتخابية، قد أنفقت عشرات ملايين الدولارات. هذا على صعيد الدعاية والترويج فحسب، أما العمليات غير الشرعية الجارية من وراء الستار (شراء الأصوات والذّمم بالأشكال والأساليب المختلفة) فلابدّ من أنها ستكلّف أكثر من هذا.
من أين جاءت هذه القوى، وبعضها يلتحق بالعملية الانتخابية للمرة الأولى منذ 2006، بكلّ هذه الأموال؟
هذا السؤال موجّه إلى مفوضية الانتخابات قبل غيرها، بوصفها الهيئة المعهود إليها بإدارة وتنظيم العملية الانتخابية وإدارة وتنظيم الحياة الحزبية على حدّ سواء. ما مِن حاجة لتوجيه السؤال إلى الأحزاب والائتلافات، فالجواب لديها جاهز ومعروف: تبرّعات..!
قانون الأحزاب يُلزم، في مادته السادسة والثلاثين، الأحزاب بالتحقّق من هويّات مقدّمي التبرعات إليها، وبتسجيل هذه التبرعات في سجلّ خاص، مثلما يُلزمها بنشر قائمة بأسماء المتبرعين في جريدة الحزب أو التنظيم السياسي. القانون وضع هذا الحكم لضمان سلامة الحياة السياسية في البلاد وشرعيتها، ولتأمينها من الوقوع في شرك الفساد وحبائل المفسدين.
السؤال: هل حدث أن تثبّتتْ مفوضية الانتخابات من مصادر الأموال التي تُنفقها الأحزاب والائتلافات الآن على حملاتها الانتخابية؟.. هل طلبتْ إلى هذه الأحزاب والائتلافات أن تعرض سجلاتها الخاصة بالتبرعات عليها؟.. وهل تثبّتتْ من أنّ مصادر التمويل وطنية وليست ملوّثة برشى قادمة من وراء الحدود؟
إذا كانت المفوضية لم تفعل هذا، فإنها في الواقع ترتكب جرماً ينحدر الى مستوى الخيانة الوطنية.. لن ينفع المفوضية ومسؤوليها القول بعدم وجود الوقت الكافي والوسائل اللازمة، ولن يجديهم التذرّع بأيّ سبب آخر.. على الانتخابات يتوقف مصير الناس ويتحدّد مستقبل البلاد.. والتاريخ لن يجامل، لن يسامح، لن يغفر… ولن يرحم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here