اعتقال الفاسدين واستردادهم بين الحقيقة والتزييف

حكيم عادل

شهد العام الحالي استرداد وزير التجارة الأسبق تبعه وقبل أيامٍ قليلةٍ استرداد الأمين العامِّ لوزارة الدفاع المدير العامِّ لمديريَّة التسليح والتجهيز الأسبق في الوزارة، وبعده بيومٍ واحدٍ فقط تمَّ اعتقال المدير الأسبق لمصرف الرافدين ضياء الخيُّون في العاصمة الأردنيَّة عمَّان؛ وقد شابت التغطية الإعلاميَّة لهذه العمليَّات بعض الالتباس تارةً وتزييف الحقائق لمصلحة جهةٍ معينةٍ وغمط مصلحة جهةٍ مقابلة تارةً أخرى، بل وتجييرها في سياق السباق الانتخابيِّ في تسييسٍ واضحٍ لملفَّات مكافحة الفساد الذي حاولت هيئة النزاهة النأي بها عن التسييس، ولزومها المنهج المهنيَّ الموضوعيَّ البحت؛ وبغية إيضاح حيثيَّات اعتقال مدير مصرف الرافدين السابق من قبل السلطات الأردنيَّة وتبصير المواطنين بما يحري في ميدان اعتقال المُدانين الهاربين واستردادهم تمهيداً لمحاكمتهم؛ أودُّ إيضاح الموضوع بإيجازٍ كالآتي :

1. تمَّ اعتقال الخيون من قبل السلطات الأردنيَّة، بناءً على النشرة الحمراء الصادرة بحقِّه التي صدرت بناءً على الملفات المُعدَّة من الهيأة بعد صدور بعض الأحكام القضائيَّة بحقِّه، وعند اعتقاله قامت الشرطة الدوليَّة – الإنتربول – فرع عمان، بإشعار جهة الاتِّصال في بغداد، أي الشرطة العربيَّة والدوليَّة في بغداد، وهذا الإشعار ورد بكتابٍ رسمي، قامت بنشره بعض وسائل الإعلام .. وهو صحيح مليون بالمائة !!!

2. قامت جهة الاتصال في بغداد، بإشعار كلٍّ من هيأة النزاهة ورئاسة الادعاء العام بخبر الإعتقال، وبدوره قام الأخير – رئاسة الادعاء العام – بإشعار الهياة بكتابٍ رسميٍّ..

3. بعد ذلك قامت السلطات الأردنيَّة بتكفيل المُعتَقل ، أي إطلاق سراحه مؤقتاً بكفالةٍ، وذلك مراعاةً لوضعه الصحيِّ، مع سحب جواز سفره؛ لمنعه من مغادرة الاْردن، وكلُّ هذا الإجراء سلكته السلطات الأردنيَّة مُؤقَّتاً لحين وصول الملفات المُتعلِّقة بتسليمه من الجهة الطالبة – وهي هيأة النزاهة – …

4. بمجرد اعتقاله وإشعار الهياة بذلك، وفقاً لما ذُكِرَ في أعلاه، قامت الهيأة بإرسال الملفات المتعلقة به عبر الطرق الدبلوماسيَّة ..

5. إنَّ تسلُّم السلطات الأردنيَّة لهذه الملفات لا يعني بالضرورة أنها ستسلمه للعراق حتماً، فقد تقوم بذلك أو لا ، كما حصل في قضيَّة القطان ، إذ على الرغم من تسلم السلطات الأردنيَّة ملفاته المُعدَّة من الهيأة، وقيام الهيأة بالتواصل المباشر مع الادِّعاء العامِّ الملكيِّ والسلطة القضائيَّة من جهةٍ، وقيامها بالتواصل مع السفارة العراقيَّة في عمَّان التي قامت من جانبها بإجراء لقاءاتٍ مع كثيرٍ من المسؤولين الأردنيِّين رفيعي المستوى لحثِّهم على التسليم، رغم كل هذه الجهود فإنهم لم يسلموه إلا بعد ستة أشهر تقريباً .. ممَّا يعني أنَّ الأمر خاضعٌ لموافقة الجانب الأردنيِّ ..

6. بعد سماع الهيأة خبر نفي المعتقل لاعتقاله، بادرت بالاتِّصال بالشرطة الدوليَّة – شعبة اتِّصال بغداد – لغرض التواصل مع جهة الاتِّصال في عمَّان؛ لغرض التأكُّد من الخبر، وقد قام الأخير بتأكيد خبر اعتقاله مرَّةً أخرى، وعلى وفق التفصيل أعلاه ..

7. إنَّ تسليم المُدان للعراق يعني خضوعه للمحاكمة مرَّةً أخرى، إن كانت الأحكام ضدَّه غيابيةً؛ وبالنظر لكون هذا المُدان أحكامه غيابيَّة، فإنَّ ذلك يعني أنَّه سيخضع – من حيث المبدأ – للمحاكمة من جديدٍ ..

8. إنَّ السلطة التي تقوم بتنفيذ الاعتقال أو أمر إلقاء القبض بالنسبة للعراقيِّين المُدانين والموجودين في الخارج هي السلطة التابعة لذلك البلد وليس السلطات العراقيَّة، ولهذا تمَّ اعتقال القطَّان في الأردن من قبل السلطات الأردنيَّة ذاتها ، ولا علاقة للسلطات العراقية بتنفيذ الاعتقال لا من قريب ولا بعيد ، وهو ما يقضي به القانون الدوليُّ، وعند تحصل القناعة لدى السلطة القضائيَّة في الأردن بالملفات المُعدَّة من هيأة النزاهة، بادرت بتسليمه – القطان – وفقاً لقواعد القانون الدوليِّ … لذلك وقع الكثيرون في خلطٍ واضحٍ عندما ألمحوا إلى أنَّ السلطات العراقيَّة هي التي اعتقلته في الأردن وجاءت به !!!

وهذا الأمر هو بذاته ما سيحصل في قضيَّة مدير مصرف الرافدين، وما حصل من قبلُ في قضيَّة وزير التجارة السابق !!!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here