الثقافة والسياسة ايهما المتقدمة

أثبت بما لا يقبل ادنى شك ان التغيرات الناجحة في بلدان العالم كانت الثقافة هي القائدة والموجهة للساسة و كان المثقفون هم الذين يقودون الساسة في حين نرى التغيرات الفاشلة قي بعض البلدان والتي أغرقت شعوبها بالعنف والارهاب والفساد ومن هذه الشعوب الشعب العراقي كان السبب في ذلك هو قيادة السياسة للثقافة والساسة يقودون اهل الثقافة وبالتالي فسدت وفشلت الثقافة والسياسة وهكذا سادت الفوضى وغرقنا في بحر الظلمات لا ندري كيف ننقذ انفسنا حتى فقدنا البصر والبصيرة حيث اخذ احدنا لا يعتمد على الآخر في انقاذ نفسه بل في الصعود على الاخر من اجل اغراقه والنتيجة كلنا سنغرق في بحر الفوضى التي لا تنتج الا الظلام والوحشية
كان المفروض بأهل الثقافة توحيد انفسهم والتحرك وفق خطة موضوعة مسبقا وخلق ثقافة عراقية منذ تأسيس دولة العراق في بداية القرن العشرين بعد تحرير العراق من ظلام ووحشية الخلافة العثمانية عند ذلك شعر العراقي انه يملك وطن اسمه العراق وحكومة اسمها الحكومة العراقية طبعا بمساعدة الانكليز الا ان العراقيين كانوا غير مهيئين لهذه المرحلة الانسانية الراقية الحضارية وجهل وغباء بعض شيوخ رجال الدين الشيعة وشيوخ عشائرها الجهلاء المتخلقين وغلبة الفكر والعقلية البدوية الصحراوية وتأثرهم بالفكر الوهابي الظلامي وضغط ال سعود ادى الى بناء عراق مبنيا على الباطل حيث ابعد اكثر من 65 بالمائة من ابناء العراق واعتبروهم مواطنين من الدرجة الثالثة الرابعة حسب الخضوع وكل ما بني على باطل فهو باطل وهاهم العراقيون الآن يدفعون ثمن تلك الجريمة البشعة في العراق بأسم ثورة العشرين
والسبب في ذلك عدم وجود اي ثقافة عراقية ولا مثقفين ينتسبون الى العراق بل هناك ساسة ينتسبون الى انفسهم الى مصالحهم حتى وان تظاهروا بانهم ينتسبون الى طوائفهم الى اديانهم الى قومياتهم الى مناطقهم انها مجرد اغطية مجرد وسائل تضليل وخداع ليس الا
وهكذا نرى هؤلاء الساسة صنعوا وخلقوا لهم ثقافة ومثقفين خاصة بهم وحولوهم الى ابواق تزمر وطبول تطبل لهم وفي خدمتهم ومن اجلهم في حين لا تجد من يغني للعراق والعراقيين
نعم سمعنا وشاهدنا ثقافة عراقية من صرخة مثقف عراقي في الشمال في الجنوب في الوسط لكنها صرخة فردية لا اثر لها في هذا الضجيج الطائفي والعنصري والعشائري المتخلف
حتى عندما حاول العراقيون بناء عراق جديد بعد ثورة 14 تموز 1958 مبني على الحق واجهوا هجمة ظلامية وحشية لا قدرة لهم على مواجهتها مما ادى بالتالي الى هزيمتهم وسيطرة قوى الظلام والوحشية
والسبب تجزئة الثقافة والمثقفين الى مناطق الى طوائف الى قوميات واصبح المثقفين مجرد طبول حول دعاة الطائفية والعنصرية وحتى العشائرية
المفروض بالمثقف ان يخرج من شرنقة الحزب والطائفة والقومية وتكون مهمته صنع ثقافة عراقية يحترمها كل عراقي صادق مخلص معتز بعراقيته وتحترم كل عراقي مخلص صادق يعتز بعراقيته فالمثقف له ثوابت واضحة لا تتغير حتى لو تغير الزمان و المكان وهي حماية العراق والعراقيين ووحدة العراق والعراقيين والدفاع عنهما دعم وترسيخ الديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية الدعوة الى بناء العراق الحر الديمقراطية المستقل الى حكم الشعب حكم الدستور والمؤسسات الدستورية
وهذا يتطلب تأسيس حركة ثقافية جماعية تضم كل مثقف انسان ينطلق من منطلقات انسانية مهما كان عرقه ودينه ومذهبة وطائفته ووجهة نظره ومنطقته ووضع خطة وبرنامج خاص بها وتتحرك وفق هذه الخطة وهذا البرنامج
لا شك قد تهيأت للعراقيين جميعا وخاصة المثقفين بعد تحرير العراق في 9-4- 2003 ظروف ملائمة للتحرك بقوة رغم الهجمة الظلامية الارهابية المعادية لمسيرة العراقيين الجديدة التي كانت تنشد بناء عراق ديمقراطي تعددي وكان يمكن للمثقفين في العراق ان يلعبوا دورا مهما في نجاح العملية السياسية وبناء عراق موحد وديمقراطي ومواجهة كل الهجمات الظلامية المعادية للحياة الحرة
المؤسف والمؤلم لا زال الكثير من المثقفين لم يفكروا في احترام الثقافة والمثقفين لم يفكروا في انقاذ العراق العراقيين من الحالة المزرية التي تعيشها بعد تحرير العراق بل للاسف الكثير منهم جعل من نفسه طبل اجوف يطبل للسياسي الطائفي العنصري وهذه اكبر اهانة للمثقف والثقافة
اعتقد قد آن الأوان لجمع كل المثقفين العراقيين من مختلف الطوائف والعقائد ووجهات النظر والاعراق والمناطق وتاسيس حركة ثقافية لها خطة وبرنامج ويتحرك الجميع وفق تلك الخطة التي مهمتها الاولى وحدة العراق والعراقيين وحمايتها والدفاع عنها ودعم وترسيخ الديمقراطية والتعددية وبناء دولة الدستور والمؤسسات الدستورية تضمن للعراقيين جميعا المساوات في الحقوق والواجبات وحرية الرأي والعقيدة
وهكذا تقود الثقافة السياسة ويقود المثقفون السياسيين
مهدي المولى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here