السوقية والهمجية في الحملة الأنتخابية!

علاء كرم الله
ما أن أعلنت مفوضية الأنتخابات بدء الحملة الأنتخابية والترويج للمرشحين للأنتخابات التي ستجري في 12/ من شهر آيار القادم، حتى أصطبح العراقيين في بغداد وبقية المحافظات على هرج ومرج وفوضى جديدة زادت من فوضى حياتهم وصخبها وأيقاع ضجيجها المزعج، وتشظي أهلها وسكانها كل الى صوب وطريق وطائفة وعشيرة ومذهب،وهنا لا بد من الأشارة بأن ( عدد المرشحين هو7367 مرشح سيتنافسون على 329 مقعد برلماني،عدد الأحزاب السياسية والأئتلافات والقوائم الأنتخابية هو 320، موزعين على 88 قائمة أنتخابية، 205 كيانات سياسية، 27 تحالف أنتخابي ). نعود للموضوع، فقد تجاوز المرشحون للأنتخابات كل السلوكيات والنظم والتقاليد والأعراف الأنتخابية المعمول بها بالعالم وأفتقدوا للذوق وحتى لأبسط أنواع البرستيج والأتكيت!، فلم يسلم منهم شارع ولا جدار ولا حائط ولا عمود كبار ولا جسر ولا معبر ولا ولا ولا، ألا وعلقوا عليه صورهم بطريقة مثيرة للضحك والأشمئزاز بنفس الوقت، فزادوا بحملتهم الأنتخابية هذه من وساخة بغداد وبقية المحافظات التي تعاني أصلا من تكدس النفايات والأوساخ ، والتي صارت أحد العناوين والمظاهر البارزة لبغداد وبقية محافظات العراق ،لاسيما أن بغداد وبقية المحافظات سجلت وحسب تقارير المنظمات الدولية، بأنها واحدة من أكثر مدن العالم في وساختها وقذارتها، وأنعدام الأمن فيها، كما أنها من أكثر الأمكنة بالعالم تحطيما لحياة الأنسان، بعد أن أنعدمت فيها صور الأنسانية وسبل العيش والحياة الحرة الكريمة. وكل ذلك كان بسبب الأحزاب السياسية وقادتها الذين أوصلوا العراق الى صورته هذه من البوس والشقاء والفوضى والعشائرية وغياب النظام. ورغم كل ذلك عادت هذه الأحزاب ونزلت للأنتخابات بكل صور وأشكال وأساليب الخداع والزيف للألتفاف على عقول الشعب المهيئ والمستعد للأستغفال لعشرات المرات القادمة!. فلا زالت أحزاب الأمس تراهن على تخلف وجهل الغالبية من الشعب!، بدغدغة مشاعرهم بورقة الدين والمذهب والطائفة والعشيرة والقومية، وموروث وتاريخ الأئمة الأطهار عليهم السلام، فهذه الأحزاب على يقين تام بأن الدين والمذهب هو لازال ورقتهم الرابحة في الفوز بالأنتخابات القادمة(هذه هي المرة الرابعة التي تجري بها الأنتخابات، منذ عام 2003 ). يجري كل ذلك التحدي والصلف رغم نداء المرجعية الرشيدة وصيحاتها وبعلو الصوت وفي أكثر من خطبة جمعة، وهي توجه الناس بأن (لايجربوا المجرب مرة ثانية!). ولا بد لنا من الأشارة بهذا الصدد للتصريح العجيب! للقيادي في المجلس الأعلى الأسلامي (جلال الدين الصغير) لوسائل الأعلام، بأن (المجرب أفضل من النزيه غير المجرب!!!!). نعود الى صلب الموضوع، فقد كشفت الحملة الأنتخابية الدعائية لغالبية هذه الأحزاب السياسية وسياسييها، عن مدى السوقية والهمجية والتخلف الذي نحن فيه، حتى بدأنا نشك بأن هذه الأمة العراقية وهذا الشعب لايمت بأية صلة الى حضارة عمرها 7000 سنة!، بل أن كل الذي عشناه ونراه وخاصة منذ الأحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 بأن هذا الشعب هو من مخلفات قرون ظلامية ماضية لأزمان بالية!. ولأن هذه الأحزاب السياسية وسياسييها وقادتها يعرفون تماما بأنه لا رصيد لهم لدى الشارع العراقي، فأتخذوا طريق البلطجة في الترويج لمرشحيهم ولحملتهم الأنتخابية، وأستعملوا ضد بعضهم البعض كل طرق التدليس والتلفيق والدس والمخاتلة والخبث والكذب!، فأستأجروا من الرعاع والغوغاء من هذا الشعب وما أكثرهم في زمننا الأغبرهذا!، ليمزقوا صور منافسيهم أو يقوموا بالكتابة عليها أو بتشويهها بشتى الطرق والأساليب،أمام صمت مفوضية الأنتخابات أو أنتقادها بأستحياء وخجل لتلك الممارسات!، فهذا يمزق صورة هذا المرشح وذاك يمزق صورة هذا، وهذا يرفع هذه اللافته لهذا المرشح وذاك يضع الصبغ على هذه اللافته، حتى صار مشهد التنافس الأنتخابي فيما بينهم عبارة عن لوحة كاريكاتيرية مضحكة ومحزنة بنفس الوقت، رمادية اللون تحمل كل التناقظات وتعطي صورة عن مدى تخلفنا في كل شيء!. فقد كانت حملة الترويج للأنتخابات بين مرشحي الأحزاب السياسية المتنافسة هي (حملة تسقيط سياسي وليس حملة أنتخابية نزيهة لأحزاب تريد النجاح والتوفيق بشرف من أجل خدمة الوطن والشعب!). ولأن العالم الآن هو قرية صغيرة، وأبسط حدث يقع في سيبريا أو أقاصي الصين فما هي ألا ودقائق حتى يكون الحدث وبكل تفاصيله وأسبابه في متناول كل مواطن بالعالم!، فما بالك بالعراق الذي أنفتح صندوقه الأسود بكل ما يحمله من أسرار حقبة 35 سنة من الحكم الدكتاتوري، حتى بات العالم يعرف ما يدورفي درابين الفضل والشواكة والدركزلية والشورجة والصدرية! ليس بفضل التكنلوجيا حسب بل بفضل أحزاب وسياسي الصدفة الذين نشروا غسيل بعضهم البعض أمام العالم بكل ما يحمل من أوساخ وأدران منذ عام 2003 ولحد الآن، وخاصة في موسم الأنتخابات هذا الذي عكس صورة تخلفنا وهمجيتنا ووحشيتنا وفسادنا أمام العالم. الغريب في موسم الأنتخابات هذا أنه لم يبق أحد من شرائح المجتمع ألا وقد أصابته حمية الأنتخابات فنزل يجرب حضه وليشارك بها، عسى أن ينال نصيبه من كعكعة العراق اللذيذة والتي لازال بها الكثير الكثير!، فشارك السياسي المحترف وسياسي الصدفة والحظ (جماعة بلكت الله ويسويها وأصير نايب! يقصد نائب)، والجهلة والأميين والمثقفين وأنصافهم وأنصاف المتعلمين وكذلك الفنانين والرياضيين، وأساتذة الجامعات ووزراء سابقين وكذلك رصدت وسائل الأعلام مشاركة عدد من الراقصات وحتى بعض العاهرات، هذا على ذمة من رصد وذكر ذلك!؟،في خلطة غريبة عجيبة لاتنم الى تحضر وتمدن وتخصص بقدر ما تعكس رخص وأبتذال وتدني مستوى غالبية المرشحين!، وكأنها صورة من صور الفرهود ولكنه فرهود أنتخابي هذه المرة!؟، لا سيما وأن 90% من المرشحين للأنتخابات هم من الذين رشحوا في الأنتخابات السابقة!، ومن الذين ساهموا بفعالية وأمتياز في تحطيم البلاد والعباد أما بفسادهم أو بسكوتهم عن الفاسدين!، في تحدي واضح وصريح لفتوى المرجعية (بعدم تجريب المجرب؟!). ويبدوا أن سياسي الأمس والذين حفظنا أشكالهم وأفعالهم عن ظهر قلب منذ مجلس الحكم والأنتخابات الأولى، لازالوا واثقين بعودتهم الى قبة البرلمان تحت أي ظرف كان ومهما أفرزت النتائج!!، البرلمان الذي أغدق عليهم الذهب والفضة والياقوت والمرجان!، أما الجدد من المرشحين فهم يحلمون أن يسعفهم الحظ والصدفة كما حالف غيرهم من قبل ليكونوا تحت قبة البرلمان الذهبية الحديدية بنفس الوقت، التي تحميهم من أية مسائلة وأستجواب مهما سرقوا وفسدوا، ليشاركوا بحلب الشعب من تحت قبة البرلمان ما شاء لهم أن يحلبوا، رغم أن هذا الشعب لم يبق فيه السراق ضرع يحلب ولا ظهر يركب!!. في حقيقة الأمر لا أحد يعرف ما ستؤول عليه نتائج الأنتخابات التي ستجري في الثاني عشر من شهر آيار القادم فعلمها عند الله وأمريكا وأيران!!. ولكن الشعب الصامت المنهزم المكسور بأرادته لا ينتظر أية أمل بأن الأنتخابات القادمة يمكن أن تغير من حالهم ولا حال الوطن نحو الأحسن بل أن غالبية الشعب يرى بأن القادم هو الأسوء، فحيتان الشر والفساد من السراق والقتلة والمأجورين والعملاء والمنافقين هم من سيقودوا البلاد في سنينها الأربع القادمة!،هذا ألا ما رحم ربي الذي وسعت رحمته كل شيء، ويشاء غير ذلك ويرحم بالعراقيين. شيء واحد لا بد من الأشارة أليه وتذكير الناخبين به وعليهم أن لا ينسوه، رغم التعتيم عليه بشكل كبير حتى من قبل وسائل الأعلام؟!، (هو أن كل من شارك في البرلمان السابق ورشح نفسه بهذه الأنتخابات هونفسه من ساهم بالتوقيع والتصويت والموافقة على قانون(((أتحاد البرلمانيين)))، المثير للجدل والذي تم التصويت عليه وأقراره في جلسة واحدة وخلال أقل من ساعة وبصمت رهيب مطبق من قبل الجميع بلا أستثناء؟؟!، وتم نشره في جريدة الوقائع العراقية في اليوم التالي!، دون أية أعتراض من أية نائب!؟)، القانون الذي مثل العنوان الأبرز والواضح لفساد الطبقة السياسية الحاكمة، وتحديهم الصلف والوقح لأرادة العراقيين ومطالبهم بمحاربة الفساد والفاسدين بما ضمنه القانون من أمتيازات خرافية وعجيبة وغريبة لطبقة السياسيين السابقين واللاحقين ولأحفاد أحفادهم!!، وليذهب الشعب الى الجحيم. فهل يدرك الناخب العراقي ذلك؟. وأخيرا نقول كيفما ستكونون وتنتخبون يولى عليكم، ولا ساعة مندم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here