تقرير أميركي يوجه اتهاما للقضاء العراقي بشأن مصير 11 الف معتقل بتهمة الانتماء لداعش

نشرت وكالة الانباء الامريكية اسوشيتد برس، اليوم الاحد، تقريرا حول المعتقلين لدى السلطات العراقية، بتهمة الانتماء لتنظيم داعش ابان سيطرته على محافظة نينوى، فيما كشفت ان هؤلاء المعتقلين البالغ عددهم حوالي 11 الف شخص، حتى وان كانوا “أبرياء” فأن امامهم أحد ثلاثة احكام، السجن 15 عاما، المؤبد، او الإعدام شنقا.

وتقول الوكالة الأميركية: “استمرت المحاكمة بأكملها أكثر من نصف ساعة. وقيد المتهم بواسطة رجل ذو شعر رمادي إلى قفص الاتهام. تململ المتهم عندما قرأ القاضي التهم الموجهة إليه: إدانة بالولاء لتنظيم داعش، والعمل مع النشطاء في التنظيم كموظف في محطة مياه”.

وأضافت اسوشييتد برس، أن “المتهم، ويدعى عبدالله الجبوري، أكد للقاضي، في جلسة لأحد محاكم مكافحة الإرهاب العراقية، هذا الأسبوع، بانه غير مذنب، وقال إنه عمل لدى دائرة المياه في محافظة نينوى منذ أكثر من 20 عامًا وبقي في منصبه عندما تولى داعش مهامه في عام 2014، لكنه نفى أي ولاء له للجماعة، وأكد احتفاظ جميع موظفي الحكومة بوظائفهم في منشأة المياه”.

لكن القاضي قاطعه قائلا : “أنا أطلب منك التحدث عن نفسك فقط” .

بعد فترة وجيزة، تابعت الوكالة، “ذهب القاضي ورفاقه للمداولات. بعد بضع دقائق عادوا مع حكمهم: مذنب، حكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما. وسرعان ما انحسر الجبوري رأسه، ونوديَ على المتهم التالي، العضو في داعش”.

ونقلت وكالة اسوشييتد برس، عن مسؤولين عراقيين، قولهم، إن “العراق يحتجز أعداداً كبيرة من المعتقلين للاشتباه في صلاتهم بتنظيم داعش، – حوالي 11،000 شخص”، لافتة الى انهم ينقلون”من خلال محاكم مكافحة الإرهاب في محاكمات تثير تساؤلات حول ما إذا كانت العدالة تجري. في الوقت نفسه، غالباً ما تترك العائلات في الظلام حول مكان احتجاز أحبائها أو مصيرها”.

وأشارت الوكالة الأميركية، الى انها “حضرت، الأسبوع الماضي، عدة محاكمات في قضاء تلكيف، شمال الموصل”، مبينة ان”في جميع أنحاء المدينة، تكون المحاكمات عادة قصيرة، وغالبا ما تكون أقل من 30 دقيقة، ومعظمها ينتهي بأحكام مذنبة. وتستند الإدانات إلى اعترافات يقول المتهمون وجماعات حقوق الإنسان إن عملاء المخابرات ينتزعونها عن طريق الترهيب والتعذيب وسوء المعاملة. كما المخبرين المجهولين يستخدمون كدليل على صحة التقارير، مما يثير احتمال اتهامات كاذبة يُدلى بها للانتقام ضد ناس اخرين”.

ولفتت، الى ان “نفس محامي الدفاع، يترافع عن عشرات القضايا، مع معرفة ضئيلة من المدعى عليهم، علاوة على ذلك، حتى المشاركة المحدودة مع داعش يمكن أن تفرض عقوبة قاسية. بموجب قانون الإرهاب في العراق، لا يُسمح إلا بثلاث عقوبات – السجن لمدة 15 سنة أو السجن المؤبد أو الإعدام شنقا”، مشيرة الى انه “تتم مراجعة جميع الأحكام من قبل المحكمة العليا العراقية”.

ونقلت وكالة اسوشييتد برس، عن محامي الدفاع محفوظ حمد إسماعيل، قوله: “النظام مبني على أساس غير عادل”.

وأضاف إسماعيل، ان “قضايا هؤلاء المشتبه بهم تتم وتنتهي في اليوم الأول الذي يدخلون فيه إلى مركز احتجاز أمني أو منشأة استخباراتية”.

وأوضحت الوكالة الأميركية، أن “الدورات السريعة المبتورة تعكس في جزء منها كيف أن النظام القضائي العراقي غمره تدفق المشتبه بهم من تنظيم داعش”، لافتة الى ان “جماعات حقوق الانسان انتقدت المحاكم العراقية منذ فترة طويلة قائلة انها تكافح من أجل الحفاظ على الاجراءات القانونية، والآن يجب أن يعملوا من خلال الآلاف الذين تم الاستيلاء عليهم في حملات واسعة نفذت في الوقت الذي استعادت فيه القوات العراقية مدينة الموصل الشمالية العام الماضي، كما أن العديد من العراقيين متعطشون للانتقام السريع ضد جماعة اشتهرت بفظائعها”.

وقد دعا رئيس الوزراء حيدر العبادي، بحسب الوكالة، “الذي يترشح للإبقاء على منصبه في الانتخابات الوطنية الشهر المقبل مراراً وتكراراً، إلى تسريع إصدار أحكام الإعدام، ومنذ عام 2013، صدرت أحكام بالإعدام على أكثر من 3000 شخص تمت إدانتهم بتهم الإرهاب، وفقاً لجدول بيانات لنزلاء السجون العراقيين الذين تم تحليلهم من قبل وكالة الأسوشييتد برس، اما منذ عام 2014، فتم تنفيذ حوالي 250 عملية إعدام. في 16 نيسان الماضي، حيث أعلنت الحكومة أنها أعدمت 11 متشددًا”.

ولفتت وكالة اسوشيتد برس الأميركية، الى ان “حملة القمع المتشددة والواسعة في المحاكم، تهدد بمزيد من عزل الأقلية العربية السنية في العراق”، مبينة ان “السنّة كانوا المجتمع الرئيسي الذي يعيش تحت حكم تنظيم داعش، سواء من قاعدة تجنيده او ضحاياه”.

دعم بعض السنة، تمضي الوكالة بالقول:”التنظيم الإرهابي، وانضموا إلى صفوفها كمقاتلين أو شغلوا مناصب مهمة في الحكومة التي أنشأتها. لكن عشرات الآلاف الآخرين عملوا مع المجموعة لأنهم لم يكن لديهم خيار، إما أجبروا على التعاون أو الاعتماد على الوظائف الحكومية التي أصبحت الآن تحت سيطرة المسلحين”.

وأستطردت، انه “خلال زيارة قامت بها الوكالة، يوم الأحد، إلى محكمة نينوى الجنائية في تلكيف، سارع ضباط الشرطة عبر القاعات التي تحمل أذرعًا من مجلدات القضية”، لافتة الى انه” كان هناك صف من الرجال الذين كانوا ينتظرون المحاكمة وهم يجلسون على الأرض، ويواجهون الحائط، واياديهم مكبلة”.

ونقلت عن المتحدث باسم المحكمة عبد الستار بيرقدار، قوله، ان “المحكمة أصدرت خلال العام الماضي أكثر من 815 حكما بتهم تتعلق بالإرهاب. ومن بين هؤلاء، تمت تبرئة 112 شخصاً، وحُكم على 201 بالإعدام، و150 إلى السجن المؤبد، و341 إلى 15 سنة في السجن”، مشيرا الى ان” 1715 محتجزًا أفرج عنهم بدون محاكمة”.

وأضاف البيرقدار، أن “آخر حكم بالإعدام صدر في 19 نيسان، توجه الى رجل أدين بالعمل كقاض في تنظيم داعش”.

في واحدة من المحاكمات، وقف المدعى عليه، سالم أحمد، في المحكمة ويداه مقيدتان خلف ظهره، ويرتجفان.

القاضي يونس الجميلي قرأ ثلاث وثائق. وكان أحدهم شهادة “المخبر السري 130” الذي قال إن أحمد “أبدى تعاطفاً واستعداداً للانضمام إلى المنظمة”، ورأى أحمد يحمل بندقية هجومية ويعمل في إدارة شرطة المرور في “داعش”. كما قرأ القاضي تقريرا استخباراتيا كرديا قال فيه إن أحمد اعترف بالانضمام إلى داعش، فضلا عن تقرير من المخابرات العراقية يقول إنه أدين بالولاء للجماعة.

وقال أحمد “أقسم بالله، أقسم بالله، أقسم بالله، أنا بريء”. “أنا أب لبنات. لم أكن موالياً للتنظيم”.

وقال إنه “كان يعمل في البناء أثناء حكم داعش”.

وقال إنه “أُجبر على التوقيع على الاعتراف دون معرفة ما قاله”.

وقال “كنت معصوب العينين طوال الوقت، وكنت تحت التهديد، وأجبروني على وضع بصماتي على هذه الأوراق”.

وقال إن “شهادة المخبر السري يمكن أن يكتبها أي شخص يبغضني”.

أصدر القضاة حكما عليه بالسجن لمدة 15 عاما، مشيرا إلى أنه كان أخف عقوبة. وقال الجميلي “لقد عمل مع شرطة المرور في داعش. لم يناضل من أجلهم”. استغرقت الإجراءات داخل قاعة المحاكمة أكثر من 20 دقيقة، بحسب الوكالة الأميركية.

وجاءت محاكمة الجبوري، موظف إدارة المياه، بالمثل. قرأ القاضي تقرير الاستخبارات، باعتراف مزعوم وتقرير من رئيس بلدية القرية حيث عمل الجبوري. وقال رئيس البلدية إن “عائلة الجبوري معروف بأنهم اعضاء في تنظيم داعش، وأن الجبوري عمل في قسم المياه في تنظيم داعش”. لكنه قال “إنه لم ير أبداً الجبوري يحمل سلاحاً أو يرتدي الزي المصمم على الطراز الأفغاني”.

أصر الجبوري على براءته. وأشار إلى أن بغداد استمرت في دفع راتبه لأشهر بعد استيلاء تنظيم داعش كما فعلت الحكومة المركزية مع جميع الموظفين – وأنه ترك المنصب بعد عدة أشهر”.

لكن القاضي “ضغط” على الجبوري، وقدم الشهادة في الوثائق مرة أخرى. وقال له “ماذا تقول الان؟”.، بحسب الوكالة.

أجاب الجبوري “كما تشاء”، استسلم على ما يبدو لأن الدفاع كان بلا جدوى.

رد القاضي “انظر، ليس” كما أحب”.

وأضاف القاضي” ماذا تقول عن هذه الاتهامات؟”.

قال الجبوري إن اعترافه “أخذ تحت الخوف والتهديد، وأن تقارير رئيس البلدية ورئيس المخابرات كانت خاطئة”.

وبعد ثماني دقائق من المداولات، وجد القضاة أنه مذنب وحكمت عليه بالسجن لمدة 15 سنة.

وتابعت اسوشييتد برس، بالقول:”في هذه الأثناء، تعيش عائلات الآلاف من العرب السنة في السجن، لا يعرفون مصير أحبائهم. لا يتم إخبار معظمهم أبداً بمكان اعتقال أقاربهم والاعتماد على الكلام الشفهي للحصول على المعلومات”.

ونقلت عن محتجزين سابقين، إفادتهما بـ”وجود ظروف مروعة في الاعتقال العراقي – من الاكتظاظ وتفشي الجرب، إلى المراحيض المرتجلة المصنوعة من الأكياس البلاستيكية، وزجاجات المياه”.

وأشارت الى انه “على الطريق من مبنى المحكمة في تلكيف، يوجد في السجن حوالي 1500 شخص، معظمهم بانتظار المحاكمة”.

وأظهر مسؤول وكالة أسوشييتد برس خمسة مناطق في السجن: “فناء، حيث يقبع النساء وأطفالهن في أشعة الشمس. غرفة مزدحمة بشكل كثيف للقاصرين؛ غرفتين من الرجال، معبأة كتف إلى كتف، وكلها جالسة أو رابضة على الأرض؛ والغرفة حيث الرجال الذين تم الحكم عليهم كانوا يتناولون طعام الغداء. وكانت واحدة على الأقل من الغرف تحتوي على خطوط مظلمة وطبقات على الجدران يبدو أنها بقايا براز”.

وختمت الوكالة الأميركية تقريرها بقصة امرأة عراقية ولدها طبيب اعتقل في الموصل عام 2017، حيث تقول:”خارج قاعة المحكمة، جاءت امرأة عراقية في وقت مبكر، على أمل الحصول على فرصة لرؤية ابنها، يدعى قحطان، وهو طبيب يبلغ من العمر 28 عاما اعتقل في الموصل في ربيع عام 2017. وطلب منها الكشف عن هويتها كأم قحطان، خوفا من الانتقام من جانب الزملاء والجيران.

وتمكنت من الاحتفاظ بمحامٍ كان قد أخطرها بجلسة المحاكمة. بعد ليلة صلاة بلا نوم وقراءة القرآن، وصلت إلى المحكمة الساعة السابعة والنصف صباحاً، قبل افتتاحها في التاسعة صباحاً. أحضرت كيساً من المستندات البلاستيكية في حقيبتها وشاهدين للشهادة على شخصية ابنها.

انتظرت طوال النهار في الشمس، ورفضت العروض التي توجهت اليها كي تجلس، ومشيت إلى الحراس مرارا وتكرارا للسؤال عن حالة ابنها. وأخيرا، في تمام الساعة الثانية من بعد الظهر، نهاية يوم العمل، خرج محاميها مع مجموعة من الزملاء في طريقهم لتناول الغداء.

اخبرها المحامي بان “القضية قد تأخرت القضية”.

أم قحطان فرحت. على الأقل اليوم لن يُحكم عليه.

لكنها كانت تأمل أن ترى ابنها أخيراً.

قالت “لم يسمحوا لي حتى بالذهاب إلى الداخل لإلقاء نظرة بسيطة عليه”.

المصدر: stripes

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here