كوارث ومحن الإيزيديات والإيزيديين (دسنايا) بالعراق

د. كاظم حبيب

إلى أحبتنا وأخوتنا الإيزيديين والإيزيديات، إلى مواطناتنا ومواطنينا، إليكم يا من عانيتم من ظلم وعدوان وحقد وكراهية الحكام المسلمين وجلاوزتهم بالعراق وغير العراق، يا من تحملتم الكوارث وحملات الإبادة الجماعية في ظل الدولة العثمانية والدولة العراقية، يا من صبرتم على الضيم والبلوى وقاومتم الاستبداد والاضطهاد والتمييز الديني، ويا من برهنتم أنكم أبناء هذا العراق وبناة حضارته القديمة والحديثة، إليكم يا من تحملتم قسوة الإرهابيين التكفيريين من الدواعش وغيرهم وممن يحاول فرض دينه عليكم ومن الحكام الذين لا يستحون ولم يقدموا حتى الآن الاعتذار لكم، رغم المطالبة، لما مارسته دولهم وحكوماتهم السابقة والراهنة بحقكم، اليكم في عيدكم النيساني، رغم كل الكوارث والمحن، هذه الورقة المتواضعة لتعبر عن التضامن الإنساني لما تحملتموه من مصائب وكوارث ومحن وإبادة جماعية، من دماء ودموع، إليكم تحية وألف تحية وأطيب التمنيات، والعمل من أجل عراق آخر غير العراق الطائفي المحاصصي الفاسد والإرهابي والمريض الراهن، عراق ديمقراطي علماني حديث!!!

يعود تاريخ الديانة الإيزيدية (دسنايا) بالعراق إلى الفترة التي برزت في هذه المنقطة من العالم مجموعة من الأديان التي وضعتها شعوب المنطقة أو تبنتها، منها: المندائية، والزرفانية، والمثرائية، والمانوية والمزدكية والزرادشتية، أي في الفترة التي سبقت وجود العرب في المنطقة وقبل أو أثناء دخول اليهودية إلى بلاد ما بين النهرين، وقبل دخل الديانتين المسيحية والإسلام إليها. وقد تبنت واحدة من المجموعات السكانية في هذه المنطقة من العالم (إيران، العراق، سوريا، وتركيا، ومناطق أخرى) الدين الإيزيدي. ويشار إلى إن الإيزيديين يشكلون جزءاً من الشعوب الهندو-آرية، كالفرس والكرد، وغالبيتهم يتحدثون بالكردية، في حين إيزيدية بعشيقة وسوريا يتحدثون العربية، ويجيدون الكردية أيضاً. ينتشر العراقيون الإيزيديون في مدن عديدة منها: الشيخان وبعشيقة وبحزاني ومنطقة سنجار وباعذرة، كما إن مجاميع أخرى تعيش في سُمّيل وزمّار.

والإيزيدية من الأديان الطبيعية والموحدة، وكان اسمهم القديم دسنايا1، ولها مزار رئيسي واحد يأمه إيزيديو العالم ويقع في لالش وعلى مقربة من عين سفني، مركز قضاء الشيخان، الذي يبعد 40 كم عن دهوك و60 كم عن الموصل. ويمكن أن نجد للديانة الإيزيدية صلة ما في الفترة السومرية بالعراق وما بعدها، ويتجلى في عدد من المسائل بما في ذلك يوم الأربعاء الذي يعتبر يوم العطلة أو العيد الإيزيدي.

تعرض الإيزيديون على امتداد تاريخ وجودهم بالعراق، ولاسيما منذ الفتح الإسلامي لهذه المنطقة من العالم، ولاسيما في ظل الإمبراطورات العربية والعثمانية، إلى الكثير من المضايقات والاضطهاد والقتل والتهجير. لقد نفذت مجازر كثيرة بحقهم دون أن يرتكبوا جرماً يستوجب مثل هذه الجرائم البشعة التي تعرضوا لها، سوى إصرارهم على التمسك بدينهم غير التبشيري. والسبب في هذا الموقف العدائي من الإيزيديين يكمن في النهج الخاطئ والخطير ضد الأديان الأخرى وأتباعها عموماً من جهة، وضد الإيزيديين بشكل خاص من جهة أخرى لاعتبارين:

1- اعتبارهم من الكافرين وعبدة إبليس. ومثل هذه الفتوى تفرض على المسلمين منازلتهم وإخضاعهم للإسلام حتى لو تم ذلك بشن الحرب وممارسة الاضطهاد بحقهم؛

2- اعتبارهم يشكلون واحدة من تلك الفرق الإسلامية الخارجة على أسس وقواعد الإسلام أو مرتدة عنه، والتي يحل دم أفرادها على المسلمين، أو توبتهم وعودتهم إلى الإسلام. وقد اتهموا مرة بأنهم من أتباع يزيد بن معاوية، وأخرى كونهم من الخوارج أو الأباضية، ومرة ثالثة على أنهم من الشيعة الرافضة.

وأولى تلك الفتاوى التي صدرت بهذا الصدد، كما يشير إلى ذلك المؤرخون، كانت في القرن التاسع الميلادي أو الثالث للهجرة ونسبت إلى الإمام محمد بن حنبل والإمام أبى الليث السمرقندي.2

كتب الباحث العراقي صباح كنجي بهذا الصدد وبصواب يقول:

“والتاريخ يتحدث عن جرائم بشعة ارتكبها الولاة والسلاطين والحكام المسلمون بحق الإيزيدية في سنجار وبعشيقة وبحزاني والشيخان وغيرها حيث قامت تلك الجيوش بالهجوم على قراهم ومدنهم والحقت بهم الدمار والخراب وقد حللت الفتاوي الإسلامية سبي نساؤهم وقتل شيوخهم واطفالهم ونهب ممتلكاتهم. واهم الفتاوي التي صدرت من قبل شيوخ وائمة المسلمين التي اباحت قتلهم هي فتاوي الامام احمد بن حنبل في القرن التاسع الميلادي والامام ابي الليث السمرقندي والمسعودي والعمادي و عبدالله الربتكي التوفي في عام1159 والمتواجدة في مكتبة السليمانية وهي مهدات الى نعيم بك بابان ولم تقتصر الحملات العسكرية على الأتراك المسلمين فقط حيث يحدثنا التاريخ القريب عن حملة الامير الكردي الاعور (الأمير محمد الرواندوزي) الذي ارتكب ابشع الجرائم بحق الإيزيدية في عام1832 . وجميع هذه الحملات كانت تبحث عن ذرائع واسباب واهية لكي تنطلق الجيوش المعبئة بالحقد والكراهية لتقوم بدورها في القصاص من الأبرياء (الكفار) ولتنشر الإسلام في المناطق التي استعصت عليهم وهكذا كرر التاريخ نفسه لأكثر من مرة وبنفس المحتوى ضد الإيزيديين والأرمن والسريان والكلدان وبقية الأديان بما فيهم اليهود والمسيحيين.” 3

لقد جاء في نص “الفتوى الدينية!” الصادرة عن الشيخ عبد الله الربتكي المتوفي سنة 1159 هجرية الموجودة في المكتبة السليمانية، المهداة من نعيم بك آل بابان إلى إسماعيل حقي بك الأزميري. ما يلي: “إعلم أنهم متفقون على أباطيل من عقائد وتأويل كلها مما يوجب الكفر العتيد والضلال العنيد. فمنها أنهم ينكرون القرآن والشرع ويزعمون أنه كذب وأن مثل هذيانات الشيخ فخر هي المعتمد عليها والتي يجب أن يتمسك بها ولهذا يعادون علماء الدين ويبغضونهم بل إن ظفروا بهم يقتلونهم بأشنع قتل… ولا خفاء في أن هذه المذكورات كلها مما يوجب أشنع الكفر وأقبحه فهم إذن كفرة أصلية كما نقل عن بعض كتب المذهب ونسب إلى أصل المذهب فانه نقل عن كتاب المتفق والمختلف إن الظاهر من مذهب مالك أنه إذا ظهر أحكام الكفر في بلدة تصير دار حرب وهو مذهب الشافعي وأحمد (رض) واتفقوا على أموالهم. … قال في الأنوار: “توبة المرتد وإسلام الكافر أن يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويتبرأ من كل دين يخالف الإسلام ويرجع من كل اعتقاد هو كفر” هذا معلوم لو أجبروا وأكرهوا وأوعدوا بكل مكروه لم يتبرأوا عن معتقدهم في آدي ويزيد ولالش وغير ذلك من شيوخهم، ومنه رأيهم على أنهم زنادقة وتوبة الزنديق لا تقبل في وجه. (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم) الآية”.4

وجاء في كتاب أبن الفوطي الموسوم ب “الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المئة السابعة” بأن بدر الدين لؤلؤ قام في عام 1254 م 652 هجرية، أي قبل غزو المغول لبغداد بأربع سنوات، بنبش قبر الشيخ آدي بن مسافر وأخرج جثمانه وأحرق عظامه. 5

يشير المؤرخ عباس العزاوي في كتابه “تاريخ اليزيدية وأصل معتقدهم” نقلا عن كتاب تقي الدين أحمد بن علي المقريزي الموسوم ” السلوك لمعرفة دول الملوك” إلى حملة الإبادة التي تعرض لها الإيزيديون في عام 1414 م 817 هجرية بما يلي: “في هذه السنة قد حُرق قبر الشيخ آدي الكائن في حكار من بلاد الكُرد. قد تجمع هؤلاء على قبره وقد سموا بالعدوية فاتخذوه قبلة لهم. وهم كثيرون … وصار يتهافت الناس لزيارته. وهؤلاء عقبوا سلوك هذا الشيخ. وصار محل اعتمادهم واحترامهم …ولما تجاوزوا الحد… قام عليهم جلال الدين محمد بن عز الدين يوسف الحلواني من الشافعية، من فقهاء إيران فأغرى الأمراء بالقيام عليهم ودعاهم لمحاربتهم. وأجاب دعوته كل من حاكم جزيرة أبن عمر (أمير عز الدين البختي) وجماعة من الكُرد السندية مع حاكم قرية شرانش وأمير توكل الكُردي. وأيضا أرسل حاكم حصن كيفا جيشا لمساعدتهم وكذا التحق بهم أمير شمس الدين محمد الجردقلي. بهذه القوة العظيمة هاجموا جبل هكار وقتلوا الكثير من أتباع الشيخ آدي، وقد أسر جماعة من أتباع الشيخ آدي ممن يسمى (بالصحبتية) ثم جاؤا إلى قبر الشيخ آدي لأجل هدمه فوصلوا قرية شرالق (وفي الكتب الأخرى يسمى لالش أو ليلش) فهدموا قبته وحفروا القبر فأخرجوا عظامه وأحرقوها بمرأى من القوى الصحبتية وقالوا لهم انظروا عظام من تدعون ألوهيته كيف تحترق ولا يستطيع أن يمنعنا واغتنموا غنائم كثيرة. ولما عادوا عن النهب اجتمع الصحبتية وعمروا القبة من جديد وعادوا إلى ما كانوا عليه من عاداتهم القديمة”.6

لم تكن مثل هذه الفتاوى والإعمال المخزية سوى تعميقاً للخلافات وإساءة متعمدة وخطيرة ودعوة المسلمين لقتل أتباع الديانة الإيزيدية وحرمانهم من حقهم المشروع في أن تكون لهم طقوسهم وشعائرهم الدينية وتقاليدهم وقبور أوليائهم الصالحين يقومون بزيارتها والتبرك بها، كما يفعل أتباع الكثير من الأديان والمعتقدات في العالم منذ آلاف السنين.

لقد تعرض الإيزيديون في فترة الحكم العثماني إلى عشرات المجازر الدموية التي صدرت على ضوء الفرمانات التي أصدرها شيوخ الإسلام في ظل الدولة العثمانية المنافية لكل ما هو إنساني نبيل. وقاد ذلك إلى موت نسبة عالية من بنات وأبناء أتباع الديانة الإيزيدية، أو تحول بعضهم قسراً إلى الدين الإسلامي، أو هروبهم إلى خارج حدود الدولة العثمانية.7

يشير الكاتب العراقي أمين فرحان جيجو في كتابه الموسوم ” القومية الإيزيدية جذورها – مقوماتها – معاناتها ” إلى الأسباب الكامنة وراء هذا الموقف العدواني لبعض الأطراف ضد أتباع الديانة الإيزيدية، إضافة إلى ما ذكر سابقاً، إلى ما يلي:

١ – الحصول على الغنائم والممتلكات الإيزيدية .
٢ – اجتثاث الامتداد التاريخي والحضاري السومري البابلي للشعب الإيزيدي .
٣ – محو اللغة الإيزيدية.
٤ – اجتثاث الديانة الإيزيدية التي هي امتداد للديانة البابلية .
٥ – القضاء على المعالم الحضارية والتاريخية والتراثية للشعب الإيزيدي .
٦ – الاستحواذ على المناطق والجغرافية الإيزيدية بأكملها .
٧ – استغلال الطاقات البشرية من الإيزيديين الذين يقعون تحت رحمة الغازين لمهنة العبيد وتجنيدهم في صفوف الجيوش الغازية .
٨ – سلب الأطفال واختطاف النساء .
٩ – القضاء على الشعب الإيزيدي بهدف عدم تنامي قدراته البشرية والجغرافية والفكرية والإدارية.”8

لقد قادت هذه الهمجية الفكرية والسياسية والاجتماعية إلى ارتكاب جرام بشعة بحق الإيزيديين على امتداد تاريخ الدولة العباسية والعثمانية، وكذلك في الدولة العراقية الحديثة ابتداءً من عام 1935 حين رفض الإيزيديون، ارتباطاً بتعاليم دينهم، التجنيد الإجباري في الجيش العراقي، وخاضت قوات الشرطة معركة ضدهم أدت إلى قتل عدد كبير منهم وجرح الكثير إضافة إلى اعتقال 244 شخصاً منهم وإيداعهم السجن. كما تعرض الإيزيديون إلى مجزرة أخرى وقعت ضمن حملات الإبادة الجماعية ضد شعب كردستان والكرد في العام 1988 حيث استشهد منهم في هذه الحملات 193 شخصاً من النساء والرجال والأطفال.9 وفي فترة الجمهورية الرابعة (البعثية) فقد ارتكب النظام البعثي الكثير من الجرائم البشعة بحق الإيزيديين بما في ذلك التعريب، أي تسجيلهم عرباً قسراً. وقد سعى الزميل صباح كنجي على جمع معلومات مهمة حول ما حصل لهم في فترة الحكم الدكتاتوري البعثي حيث ورد ما يلي:

“وفي عام 1975 إثر انهيار الحركة الكردية المسلحة شمل التغيير والتهجير أكثر من 300 قرية ومدينة في سنجار بالإضافة الى تهجيرهم من مركز القضاء وتدمير محلة البرج وبقية بيوتهم بالكامل وتم اجبارهم على السكن في مجمعات سنجار القسرية الـ 12 التي منحت اسماء عروبية وإسلامية:

اولا : مجمعات الشمال: 1ـ خانه صورـ مجمع التـأميم، 2ـ سنوني ـ مركز ناحية الشمال، 3ـ دو كري ـ مجمع حطين، 4ـ دهولي ـ مجمع القادسية، 5ـ بورك ـ مجمع اليرموك، 6ـ كوهبل ـ مجمع الاندلس، 7ـ زورافا ـ مجمع العروبة،

ثانيا: مجمعات القبلة ـ جنوب جبل سنجار: 1ـ سيبا سيخ خدرـ مجمع الجزيرة، 2 ـ كر عزير ـ تل عزيرـ مجمع القحطانية، 3ـ كر زه رك ـ مجمع العدنانية، 4ـ تل قصب ـ مجمع البعـــث، 5ـ تل بنات ثالثاً: ـ مجمع الوليــد

كما تم تهجير الكثير من الإيزيديين من أهالي سنجار ايضا إلى منطقة باعذرة ومجمع خانك في دهوك .. كذلك جرى تهجير المتواجدين منهم في مناطق زاخو وغالبيتهم من عشيرة الهويرية الى مجمع خانك ومنطقة سينا وشيخ خدر وشاريا .. والقرى المهجرة من ضفاف نهر دجلة بسبب ملابسات الثورة الكردية ومشروع بناء السد في منطقة الدنانية هي :1ـ زينافا، 2ـ كبرتو، 3ـ ديربون، 4ـ بيبزن، 5ـ زينية، 6ـ خيرافا، 7ـ كمونة، 8ـ قسر يزدين، 9ـ سوركا، 10، ـ مام شفان، 11ـ جه م بركات، 12ـ كوتبة، 13ـ ربيبي، 14ـ مشكل.

وبعد ترحيل اهالي هذه القرى تم تجميعهم في مجمع (خانك) التابع لقضاء سُمّيل وأصبح نفوسه بحدود 30 ألف نسمة.. استقبل أكثر من 65 ألف لاجئ ومشرد من اهالي سنجار بعد اجتياحها من قبل الدواعش عام 2014. وفي العام ذاته 1975 .. جرى تهجير عدد آخر منهم من مناطق سهل نينوى والشيخان الى الفلوجة والحلة والناصرية وبقية المدن العربية في وسط وجنوب العراق.. ومن القرى المهجرة في منطقة الشيخان التي اجبر سكانها على تركها والسكن في مجمع مهت.. وتم اسكان القبائل العربية فيها عام 1975: 1ـ قرية مام رشان، 2ـ مقبلي، 3ـ محمودة، 4ـ جروانا، 5ـ مهمد رشان.

وفي المرحلة الثالثة من عهد حكم البعث تم تهجير سكان العديد من قرى الإيزيدية في دشت سينا وجرى تجميعهم في مجمع شاريا والقرى والمدن المهدمة عام 1987 قبل الانفال والتي لا يتحدث عنها السياسيون والمؤرخون للأسف هي : 1ـ تدمير قرية سينا كاملة وتفجير بيوتها الإسمنتية ومن كان معهم من مهجرين سابقين من عشيرة الهويرية المرحلين من زاخو وكانوا يسكنون في بيوت طينية بين سينا وشيخ خدر..، 2ـ تدمير قرية شيخ خدر كاملة وتفجير بيوتها الإسمنتية، 3ـ تدمير قرية شاريا وتفجير بيوتها الاسمنتية، 4ـ تدمير قرية كله بدرة وتفجير بيوتها الاسمنتية، 5ـ تدمير قرية خرشني وتفجير بيوتها الاسمنتية، 6ـ دمير قرية ركافا وتفجير بيوتها الاسمنتية.

أما في محور الشيخان ـ القوش فقد تم تدمير القرى التالية في نفس الفترة أي في عام 1987 قبل الانفال أيضاً:

1ـ قرية كرسافة ونقلهم الى مجمع النصيرية وشيخكا، 2ـ قرية خورزان ونقلهم الى مجمع النصيرية وشيخكا،

3ـ قرية طفطيان ونقلهم الى مجمع النصيرية وشيخكا، 4ـ قرية بيوس العليا ـ ملا جبرا ودمج سكانها بسكان باعذرة،

وفي الانفال عام 1988 تم تغييب اكثر من 200 فرد إيزيدي من اهالي بحزاني وبعشيقة وسنجار وخورزان وبوزان وباعذرة وملجبرا والشيخان ومجمع خانك ودوغات وختارة..”. 10 ما في فترة الجمهورية الخامسة، حيث أقيم النظام السياسي الطائفي، التي بدأت بعد إسقاط النظام الدكتاتوري العراقي في العام 2003،

فقد تعرض الكثير من الإيزيديين إلى القتل على ايدي الميليشيات الإسلامية السياسية المسلحة من أتباع القاعدة في محافظة الموصل إذ نفذ بحق العمال الإيزيديين جرائم بشعة حقاً وبأعداد كبيرة، ولم يلقوا الحماية من حكام الموصل والدولة العراقية والحكم الطائفي السياسي بالعراق. كما جوبهوا بنهج تمييزي مدمر لكرامة الإنسان وعيشه بالعراق. كتب صباح كنجي ف إجابة عن سؤال حول أحوال الإيزيديين بعد سقوط النظام البعثي ما يلي:

“بعد سقوط نظام صدام حسين تعرض الإيزيديون الى هجمات المتطرفين الاسلاميين ومنعوا من العمل في بغداد والمحافظات الجنوبية وتم حرق محلاتهم ومن ثم جرت عمليات مستمرة لقتلهم وقد ذهب ضحية العمليات الاجرامية للإرهابيين اكثر من ( 400 ) فرد إيزيدي وهناك ايضا ميول لمقاطعة الإيزيديين وعدم التعامل معهم ولذلك انقطع الطلبة الإيزيديين عن الدراسة في جامعة الموصل وعدده حوالي ( 1600) طالب وطالبة في مختلف الاختصاصات كما هناك صعوبة في تسويق بضاعة الإيزيديين في مختلف مدن العراق بما فيها مدن كردستان رغم وجود حكومة علمانية بسبب الميول الاسلامية التي تتفشى بشكل يؤدي الى مقاطعة غير المسلمين، ويشمل هذا عدم التردد على عيادات الاطباء الإيزيديين ومقاطعة المنتوجات الزراعية والحيوانية والالبان والطرشي وغيرها من البضاعة التي كان يتاجر بها الإيزيديون”.11

ثم كانت الطامة الكبرى باجتياح الموصل من قبل عصابات داعش المجرمة بعد انسحاب القوات المسلحة العراقية بشكل انهزامي وكذلك قوات البيشمركة من سنجار وغيرها في سهل نينوى والتي أدت إلى حصول كارثة إنسانية رهيبة ونفذ بحق الإيزيديين عمليات إبادة جماعية تجلت في نزوح عشرات الآلاف منهم من مناطق سكناهم إلى جبل سنجار ومنه إلى دهوك وأربيل وغيرها من مناطق العراق، وفي اعتقال الآلاف منهم وتعريضهم للقتل والسبي والاغتصاب والنهب والسلب. لقد كانت جريمة بشعة.

إذا كان تنظيم داعش الإرهابي قد وضع أمام المسيحيين واحداً من أربعة خيارات هي: 1) التحول صوب الإسلام والقبول بالختان للرجال؛ 2) دفع الجزية والخراج؛ 3) ترك البلاد بما على جلودهم من ملابس فقط؛ و4) قطع الرؤوس، إلا إنه لم يضع أمام الإيزيديين سوى خيارين أما 1) الدخول في الإسلام أو 2) قطع الرؤوس، أما نصيب النساء فكان السبي والبيع في سوق النخاسة الإسلامي والاغتصاب والقتل بمن فيهن البنات القاصرات، وكان نصيب الأطفال إدخالهم في الدين الإسلامي وتدريبهم على العنف وقتل من هم من ديانات أخرى. وقد مارسوا ذلك حقاً، إذ لم يدخل من الإيزيديين في الإسلام إلا بضعة أفراد سقطوا في أيديهم وفرض عليهم عنوة ومن رفض قتل فعلا بقطع رأسه.

إن المعلومات المتوفرة لدينا عما فعله القتلة الداعشيين تشير إلى ما يلي:

تعرض الإيزيديون الى أبشع جرائم العصر بسبب اقتحام تنظيم داعش الى قضاء سنجار في 3/آب/2015.. حيث تم سرقة وحرق (25) مجمعا تابعا لأبناء هذا المكون.. وحجز (1500) طفل، وزجهم في معسكرات خاصة لتدريبهم على العمليات الانتحارية والقتالية.. وحرق وسليب (25) مجمعا تابعا لأبناء المكون الإيزيدي.. وغادر (18) ألف منهم الى تركيا.

عدد النازحين من مناطق الإيزيديين

عدد النازحين

عدد القتلى

عدد المختطفات

عدد المفقودين

عدد الجرحى

430ألف

4541

5422

841

890

المصدر: كاظم حبيب، الإيزيدية ديانة عراقية شرق أوسطية قديمة، دار نينوى، دمشق 2017.

المزارات وأماكن عبادة الإيزيديين التي تم الاعتداء عليها وتدميرها من تنظيم داعش

1

شقسىَ باتىَ

مجمع بابيرة

13/8/2014

2

شيَخ بابك

مجمع بابيرة

13/8/2014

3

شيَخ مخفي

مجمع بابيرة

13/8/2014

4

ملك شيَخ سن

مجمع بابيرة

13/8/2014

5

ست حبيبة

بعشيقة وبحزانى

16/8/2014

6

ست خديجة

بعشيقة وبحزانى

16/8/2014

7

شيَخ حسن

بعشيقة وبحزانى

3/8/2014

8

شيَخو بكر

بعشيقة وبحزانى

16/8/2014

9

سجادين

بعشيقة وبحزانى

16/8/2014

10

شيَخ شمس

بعشيقة وبحزانى

16/8/2014

11

ملك ميران

بعشيقة وبحزانى

12

شيَخ بابك

بعشيقة وبحزانى

13

قبة ابو ريش

بعشيقة وبحزانى

14

شيَخ مندبال

سنجار

24/8/2014

15

ئيَزى

سنجار

22/8/2014

16

مزار ناسر دين

بعشيقة وبحزانى

16/10/2014

17

ئامادين

سنجار

20/10/2014

18

مزار الشيخ شرف الدين الشيخ عدي

سنجار

20/10/2014

19

مهمد رشان

سنجار

27/10/2014

المصدر: كاظم حبيب، الإيزيدية ديانة عراقية شرق أوسطية قديمة، دار نينوى، دمشق 2017.

ويشير الباحث صباح كنجي إلى عواقب داعش الإجرامية بحق الإيزيديين إلى ما يلي:

“وفي مرحلة داعش تم اجتياح منطقة سنجار كاملة المكونة من مركز القضاء واربعة نواحي و12 تجمعاً، بالإضافة الى مدينتي بحزاني وبعشيقة في سهل نينوى.. وكانت نسبة التدمير في مركز قضاء الشيخان تتجاوز 95% من مجموع ما فيها من بيوت ومنازل ومنشآت ودوائر حكومية، كما ارتكبت أبشع الفظاعات.. وتم فرض الدين الاسلامي على من وقع في الاسر من الاطفال والنساء، وجرى استعبادهم، والتشنيع بهم، باعتبارهم كفار، كذلك جرى قتل واعدام الكثير منهم.. وفي بحزاني وبعشيقة تم تدمير البنية التحتية والمشاريع الاقتصادية ونهب المعامل والمؤسسات، وحرق وتدمير بساتين الزيتون، إضافة الى وجود أسرى ومفقودين وقتلى ومسبيين من اهالي المدينتين.. وقد تسببت هذه الاوضاع في تفاقم الهجرة والتهجير.. حيث نشأت عدة مخيمات لهم في مناطق زاخو ودهوك وشاريا وباعذرة وايسيان، إضافة الى وجودهم وانتشارهم في المدن ابتداء من دهوك والعمادية وسرسنك واربيل والسليمانية..، مع اضطرار لجوء الاخرين الى سوريا وتركيا ومن ثم الهجرة إلى أوروبا.. ويقدر عدد المهاجرين الإيزيديين الى ألمانيا وبقية دول اللجوء بأكثر من 70 ألف مواطن ومواطنة لحد الآن منذ اجتياح داعش لسنجار في3/8/2014.. كما جرى استقدام اكثر 1500 من طفلة وفتاة وامرأة اسيرة ومغتصبة الى المانيا للعلاج النفسي والطبي .. وعموماً يمكن القول ان الهجرة شملت لأول مرة شرائح اجتماعية جديدة شملت.. التجار والاغنياء الذين قرروا مغادرة العراق، وكذلك المهندسين والاطباء والمعلمين وحاملي الشهادات العالية في مختلف الاختصاصات العلمية ومن المثقفين..”.12 وللاطلاع على تفاصيل الخسائر المادية التي لحقت بالإيزيديين ومدنهم ومؤسساتهم الاقتصادية والاجتماعية الدينية يمكن العودة إلى مقال مهم للباحث صباح كنجي نشر في موقع الحوار المتمدن بعنوان ” تقديرات أولية لخسائر بحزاني وبعشيقة على يد الدواعش”، العدد 5178 بتاريخ 35/2016 في محور الإرهاب والحرب والسلام.

الهوامش والمصادر

[1] كتب لي أحد الباحثين من أبناء المنطقة ما يلي: ما يخص المكون الإيزيدي.. بلا شك هذا المكون عريق وهم من بقايا السكان الأصليين في العراق.. تسمية الإيزيدية تعتبر تسمية حديثة ذات طابع إسلامي.. ولكن حقيقة وجودهم أعرق وأقدم بكثير من الحقبة الإسلامية.. لايزال يطلق عليهم من جيراهم في بلدات والقرى المسيحية في سهل نينوى مثل (القوش ، تللسقف ، باطنايا، بغديدا (قرقوش)، كرمليس ، برطلة الخ ) تسمية (دسنايا) اسمه التاريخي القديم وهي كلمة آرامية – سريانية ( تعني عبدة الاله سين (اله القمر ) مكونة من مقطعين سريانيين ( سين يعني قمر .. ئيل يعني الاله ) ، فهم تاريخيا ليسوا لا كردا ولا عربا ، انهم مكون عراقي عريق يطلقون على انفسهم بـ (دسنايا) ، وجميعهم يعرفون حقيقة أصولهم ، إلا ان الاضطهادات المتتالية وعبر التاريخ جعلهم ينكرون أصولهم وقاية أولا ، اضافة إلى الطمع في الحصول على مكاسب و مناصب من الجهات المتنفذة (كردا أو عربا) انقطاعهم عن اصولهم التاريخية كان له تأثير على لغتهم و ثقافتهم الرافدينية الأولى ( هنالك كتاب اسمه (الإيزيدية عقيدة و دين) على شكل بحث فيه الكثير من الاستنتاجات عن أصل و فصل الإيزيدية للكاتب والباحث يوسف زرا من اهالي القوش). ك. حبيب

2 صباح كنجي، اسئلة عن الإيزيدية، موقع بحزاني، 28/02/2012.

3 سامي سعيد الأحمد: اليزيدية: أحوالهم ومعتقداتهم، الكتاب في جزأين، مطبعة الجامعة، بغداد، 1971، الجزء الأول، ص 27-41).

4 أنظر: العزاوي، عباس. تاريخ اليزيدية وأصل عقيدتهم. بغداد. مطبعة بغداد. منصف الثلاثينات من القرن العشرين. ص 84-90.

5 توفيق زرار، موضوعات حول تاريخ اليزيدية واليزيديين، مجلة لالش. العدد 5/ 1995. دهوك ص 83.

6 العزاوي، عباس. تاريخ اليزيدية وأصل عقيدتهم، مصدر سابق، ص112/113.

7 ملاحظة: يمكن متابعة تلك المجازر البشعة في كتب كثيرة صادرة عن كتاب إيزيديين وغير إيزيديين بحثوا بعمق ومسؤولية في هذه المسألة منها على سبيل المثال لا الحصر السادة: عدنان زيان فرحان، قادر سليم شمو، لكتابهم المشترك بعنوان عنوان (مأساة الإيزيديين) وعنوان فرعي (الفرمانات وحملات الإبادة ضد الكورد الإيزيديين عبر التاريخ) الصادر عن مطبعة خاني في دهوك في سلسلة كتبها عام 2009، وكتاب أمين فرحان جيجو الموسوم حملات الإبادة الجماعية (الفرمانات ) التي تعرض لها الشعب الإيزيدي، وكتاب الأستاذ زهير كاظم عبود عن الإيزيديين، وكتب أخرى ومقالات كثيرة بهذا الصدد. ك. حبيب

8 أنظر: أمين فرحان جيجو، القومية الإيزيدية جذورها – مقوماتها – معاناتها، بغداد، 2010.

9 أنظر: كاظم حبيب، الإيزيدية ديانة عراقية شرق أوسطية قديمة، دار نينوى، دمشق، 2017. القائمة للتي

10 أنظر: كاظم حبيب، الإيزيدية ديانة عراقية شرق أوسطية قديمة، دار نينوى، دمشق، 2017. القائمة للتي نشرتها في كتابي المذكور أعدت من قبل الصديقين صبحي حجو وصباح كنجي كل على انفراد.
11.أنظر: صباح كنجي، الاحصاء والمعلومات عن الإيزيدية والاقليات منذ تشكيل الدولة العراقية..، مصدر سابق. 12. أنظر: صباح كنجي، عن الاحصاء والمعلومات عن الإيزيدية والاقليات منذ تشكيل الدولة العراقية.. أوائل نيسان 2018).



تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here