ألفرق بين آلفيلسوف و آلمنافق:

اليوم بعد إنتهاء علاجي اليوميّ في مستشفى(سن مايكل) والعودة للبيت كان سائق التاكسي تعجّ منه روائح العطور الهندية – ألباكستانية المختلفة رغم أن القانون الكندي لا يسمح للسائقين و حتى المرضى إستخدام العطور اثناء التنقل, كما أن مظهره ولحيتهُ و العطور التي إستخدمها تدلل جميعها بأنه من الهند وآلباكستان, مع إبتسامه خفيفة كانت تُزيّن محياة بعد السلام الذي هو أحلى كلام لمن يفهم الكلام و الذي جذبني لأني أعتقد بأنّ الوجوه الباسمة تمتلك شيئا من الحقيقة والمحبة بداخلها رغم ضغوط الحياة و تعقيدات المعيشة والصعوبات التي تواجه آلجّميع في معركة الحياة القاسية, و لأني ملتحٍ أيضا و ربما نظراتي هي الأخرى وحيائي دلّتهُ إلى أنيّ مؤمن أيضاً؛ فبدء بآلحديث معي طارحاً الأسئلة المعتادة, منها كآلعادة: (في أيّ مسجد تصلي) الغاية من معرفة المسجد – خصوصا و أنها محدودة في تورنتو – هي معرفة ما إذا كنت سُنيّاً أم شيعياً!؟ أجبته بأني لا أؤمن بأي مذهب من المذاهب الأسلامية المختلقة ألمختلقة سوى بمبدأ خالق الكون و الأنسان و الزمان و العدل!
و الباكستاني كما العربي كما كل حزبي و مذهبي متعصب و لكُلٍّ منهم مسجده و منساته و مقبرته و أنا الوحيد الذي لا أعتقد بتلك المساجد التي لم تُخرّج مؤمناً شاباً من هذا الجيل مع إحترامي لمناهجها و هيئآتها المختلفة كل بحسب منهج مؤسسه لكونها تخلوا من الأخلاص و الحكمة و الأدب و الأخلاق الكونية, لمعاداتهم للفكر و لأهل الفكر, لذلك تخصصت بآلفواتح و الاموات و الذكريات الموسمية, و لا مكان للمفكر ناهيك عن الفيلسوف فيها كما لا معنى للمعاني التي أحملها خصّصياً في أوساطهم,

وهنا في مدينة (تورنتو) العاصمة الأقتصادية لكندا؛ حين تصاحب شرقياً أو حتى غربياً عادة ما يبادر أحدهما الآخر بآلحديث و بآلكلام كشيئ فطري و يسترسل حتى في الخصوصيات .. والكلام يجر الكلام خصوصا في ديار الغربة.

بعد استقراري داخل سيارته(التويوتا) .. و تعيّن الأتجاهات والعنوان المطلوب بدأ بآلسير لقطع مسافة 20 كم, ثم بادرته بآلقول بعد ما أشار بكونه مسلم و يصلي في المسجد خمس مرات في اليوم بحسب توصية الرسول(ص) و الحمد لله .. قلت له: و هل تعتقد بأنّ الصّلاة و الصّوم من دون يقظة القلب تكفي لنجاتك و تأدية رسالتك الكونيّة لتصبح على الأقل مسلماً ناهيك عن أن تكون مؤمناً!؟
قال: نعم, و إستَدَلّ بحديث عن الرسول المظلوم(ص), قائلاُ نقلا عن شيخه في المسجد:
[سأل صحابي نبيّنا محمد (ص) [ ما تقول في رجل يسرق الليل كلّه ثمّ يُصلي النهار جماعة في المسجد, قال(ص):
لا بأس, فإنّ صلاته ستمنعهُ يوماً من إرتكاب السرقة ]!
قلت لهُ: يا أخي: وهل إمامكم هذا ذكر مصدر الحديث؟
قال نعم: لكني لا أتذكره, قلتُ له حاشا الرسول أن يشجع على الفساد علناً : و أنا يا شيخ قد جاوزت هذه الأمور منذ شبابي بعد ما أنهيت دراسة الفقه والفلسفة و العرفان و عمري لم يتجاوز العشرين ثم صرت فيلسوفاً كونيّاً أسعى لأنقاذ العالم رغم تغلغل الجّهل ليس في أوساط الناس و المؤمنين العوام بل في أوساط العلماء و الأكاديميين و المثقفين .. و لهذا أشكّ بل و أرفض مثل هذه الأحاديث الموضوعة, خصوصاً تلك آلمرويّة عن عكرمة و أبو هريرة و مروان بن الحكم وعمران بن حطان وحريز بن عثمان و سمرة بن جُندب وغيرهم من الذين باعوا ضمائرهم للمستكبرين كمعاوية كما “مؤمني و حركيّ و سياسيّ” اليوم الذين باعوا و فعلوا كل شيئ لخدمة ألأستكبار العالمي و رضاه بثمن بخس مقابل بيع و هدم أوطانهم!
و الرّسول حاشاه سلام الله عليه: أن يُشجّع على الفساد و السرقة وعلى مثل هذه الأعمال التي تدخل حيّز النفاق, لأنّ عمله شيئ و قوله و صلاته شيئ آخر .. بإختصار مثل هذا الشخص و أمثاله في عصرنا يعتبرون من المنافقين, لأنهم يتظاهرون أمام الناس بآلعمل والأيمان و الجهاد في سبيل الله, لكنهم حين يخلون مع شيطانهم يستغيبون وينافقون ويكذبون و يسرقون أموال الناس إن قدروا.
و أخيراً قلت له: القلب هو الأساس و ليست الأجساد ولا اللحية و “الدشداشة” و الحركات المصطنعة و التزويقات اللفظية دعني الآن أنّ أنقل لك حديثاً عن (جنيد البغدادي) رغم أنك كما أكثر من مليار مسلم لا يعرفونه:
كان جُنيد الفارسي الملقب بآلبغدادي يملك دكاناً في أسواق بغداد, و ذات يوم إحترق السوق كلّه و إذا بآلناس قد هرعوا و أبلغوا جُنيد الذي كان له دكاناً في ذلك السوق بآلحريق قائلين له:
[يا جٌنيد لقد إحترق السوق كلّه إلّا محلّكَ (دكانكَ), عندها رفعَ رأسهُ للسماء قائلاً: [ الحمد لله ], لكنهُ و بسبب هذه الجملة ندم أربعين عامأً مُستغفراً ربّه كل يوم و كان كثير الأستغفار لله على فعلته, لأعتقاده لحظة بأنّ الباري لم يُحرق دكانه إكراماً له بينما إحترق كل دكاكين الناس من حوله.
بعد سماع السائق لهذه القصة التي تهز وجدان كل إنسان سوي له فطرة صافيه: إنزعج وقال لقد أخطأ جُنيد, و كان عليه أن يشكر الله على عطائه و تقديره .. قلتُ له الفرق بينك و بين جُنيد بإختصار شديد, هو:
[جُنيد يملك قلباً كبيراً لكن يختلف عن قلبك لهداية الناس؛ قلباً ينبض بآلحب و الأخلاص و الحياء من لله وعباده, أما أنت فتملك جسدأً و نفساُ و بطناً تضحي و تتهم كل الناس لأجل ملئه, ثمّ تصلي لله لأجله, و هكذا ذلك المعمم (الأمام) الذي “يُجاهد” و “يحاضر” و “يُزور” لأجل نفسه و تثبيت مكانته .. لا لأجل إحياء الناس بآلتضحية بمصالحه و كما فعل جُنيد و أئمته الهادين المهديين، للمويد من قصص العرفاء راجعوا (أسفار في أسرار الوجود).
ثم ودّعته و أنا فرح بوداعه لأن لقائهُ أحزنني كما لقاء معظم الناس إن لم أقل كلهم بسبب لهوثهم لبطونهم و التي عندها يكون الفارق بينكَ و بينهم كما الفرق بين السماء و الأرض.
عزيز الخزرجي/ فيلسوف كوني.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أن من رواة الصحيح غير الذي عدوهم من الصحابة واصطلحوا على تعديلهم مروان بن الحكم القائل للحسن بن علي(ع): [أنكم أهل بيت ملعونون]، و سمرة بن جندب الذي قال ما قال في عليّ(ع) لاجل المال وعمران بن حطان الخارجي القائل الأبيات المشهورة يثني بها على أشقى الآخرين ابن ملجم. يثلب الإمام علي بن أبي طالب، وحريز بن عثمان الرحبي الذي نقل عنه صاحب التهذيب إنه كان ينتقص عليا وينال منه وقال إسماعيل بن عياش عادلت حريز بن عثمان من مصر إلى مكة فجعل يسب عليا ويلعنه وقال: أيضا سمعت حريز بن عثمان يقول هذا الذي يرويه الناس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى حق ولكن أخطأ السامع قلت فما هو قال: إنما هو أنت مني بمنزلة قارون من موسى وذكر الأزدي أن حريز بن عثمان روى أن النبي صلى الله عليه وآله لما أراد أن يركب جاء علي بن أبي طالب فحل حزام البغلة ليقع النبي صلى الله عليه وآله وقيل ليحيى بن صالح لم لا تكتب عن حريز فقال كيف أكتب عن رجل صليت معه الفجر سبع سنين فكان لا يخرج من المسجد حتى يلعن عليا سبعين مرة وقال: ابن حبان كان يلعن عليا بالغداة سبعين مرة وبالعشي سبعين مرة فقيل له في ذلك فقال هو القاطع رؤوس آبائي وأمثال هؤلاء الرواة كثيرون ولكن هؤلاء الثلاثة مروان وعمران وحريز عنوان ومثال لأنهم من رواة صحيح البخاري الذي قالوا عنه أنه أصح كتب الحديث وقال: الذهبي في ترجمة المصعبي أنه أنصر أهل زمانه للسنة وأنه وأنه ثم قال: ولكنه يضع الحديث وقال في ترجمة الجوزجاني أنه من الحفاظ الثقات وكان يتحامل على علي وفيه انحراف فيه.
فهل مساجد يسبون فيها أهل البيت و في مقدمتهم علي (ع) تعتبر مساجد للعبادة و ذكر الله؟
(2) للمزيد من البيانات و العبر و الحكم ؛ راجع مؤلفاتنا و مقالاتنا الكونية التي وحدها تدلك على الحقيقة في هذا العصر المزيف.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here