احتمالات المواجهة بين ايران واسرائيل

ادهم ابراهيم

اعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب انه لايستبعد اعادة التفاوض مع ايران حول الاتفاق النووي وانه سوف يتخذ قراره بشان هذا الاتفاق في وقت لاحق . كما صرح رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بان ايران لم تلتزم بالاتفاق النووي وان لديه وثائق تثبت ان ايران تكذب . وقدم عرضا استعراضيا يفتقر الى اي سند علمي او وثائقي يؤيد ماذهب اليه . وقبل ايام قامت اسرائيل بضرب معسكرات ايرانية في سوريا وادت الى مقتل العشرات من الميليشيات الموالية لايران

فلماذا كل هذه الضجة والتصعيد الان ؟ اذا اردنا الاجابة على هذا السؤال لابد لنا من الرجوع الى الوراء قليلا ونتسائل هل كان اوباما مناصرا لايران وترامب عدوا لها ام ان الستراتيجية الامريكية كانت تقتضي اعطاء ايران الضوء الاخضر للتمدد في العراق وسوريا مقابل الاتفاق النووي في عملية ماكرة خبيثة لاشعال الصراع في الشرق الاوسط والقضاء على اي بؤرة مستقبلية تعادي اسرائيل . اضافة الى احلال ايران محل اسرائيل كعدو بديل للعرب . وبالمقابل فان هذا المخطط يحقق طموحات القيادة الايرانية في اعادة مجدها القومي الامبراطوري ، وسيمهد الطريق لتصفية القضية الفلسطينية نهائيا وقد اعترف وزير الخارجية الامريكية الجديد بان النزاع الفلسطيني الاسرائيلي هو السبب الرئيس لحالة عدم الاستقرار في المنطقة ، وحل هذا الصراع هو السبيل لتحقيق السلام

ان هذه المهمة التي خطط لها بعناية فائقة قد اوشكت على الانتهاء

وتم تصفية الفصائل المسلحة بعد ان تم شيطنة المعارضة السورية وتسيد المنظمات الارهابية عليها . . كما تم اجراء التغيير الديموغرافي على نطاق واسع بما يخدم مصالح الدول الاقليمية والدولية تمهيدا لتقسيم سوريا الى كانتونات ومن ثم دويلات صغيرة وضعيفة . واذا ماعلمنا بان لايران اليد الطولى في تنفيذ هذه المهام ، عندئذ سندرك لماذا سكتت اسرائيل طوال هذه المدة عن التدخل الايراني في سوريا واشراك حزب الله وميليشيات عراقية وافغانية في كل معاركها هناك ، اضافة الى نفوذها الكبير في العراق ولبنان

الان جاء الدور الامريكي والاسرائيليلي في القضاء على التمدد الايراني في

المنطقة بعد ان استنفد اغراضه ، وتحت لافتة الغاء اوتعديل الاتفاق النووي يجرى التصعيد العسكري والسياسي تجاه ايران بشكل لم يسبق له مثيل مما قد يعرض المنطقة الى حرب مستعرة لايمكن التكهن بمداها

فهل فطن الايرانيون الى هذه اللعبة ام انهم انخدعوا بالاتفاق النووي واطلاق الاموال المحتجزة التي تم صرفها على حروب اهلية في العراق وسوريا

بدلا من تحسين الظروف الاقتصادية للشعب الايراني الذي عانى الامرين

وهنا يثور سؤال ترى هل ستصطدم ايران باسرائيل ووراءها الولايات

المتحدة ام ستسكت ازاء كل هذا التصعيد والتهديدات المستمرة وضرب مواقعها العسكرية في سوريا

ربما تعتقد ايران بان الاوروبيين سيقفون الى جانبها لوجود علاقات

تجارية كبيرة لهم معها ، وانها تستطيع المناورة فترة طويلة كما كانت تفعل عند مفاوضاتها السابقة في مجموعة خمسة زائد واحد

صحيح ان المانيا وفرنسا ودول اوروبية اخرى تعارض بشدة

الانسحاب من الاتفاق النووي ، لكنهم في الوقت ذاته غير مستعدين لمواجهة الثور الامريكي خصوصا وان الرسوم الكمركية الامريكية على البضائع

الاوربية ستكون كالسيف المسلط عليهم وهم لايحتملون اي نكسة اقتصادية ، ولذلك قدموا اقتراحات بديلة لتحسين الاتفاق النووي ليشمل الصواريخ البالاستية وتحجيم الدور الايراني في الشرق الاوسط كوسيلة ترضية قد تكون مقبولة للامريكان

ان الجناح المتشدد في ايران والذي يمثله الحرس الثوري يحاول الظهور بمظهر الرافض للتهديدات الامريكية الاسرائيلية تجاه ايران . وصرح احد قادة الحرس بان اسرائيل ستواجه ضربة مباغتة غير متوقعة

وفي المقابل هناك جناح اخر يحاول تهدئة اللعب يمثله رئيس الجمهورية روحاني يدفع باتجاه التسوية السياسية

ان المصالح الستراتيجية الايرانية المتحققة في سوريا سوف تمنع

الايرانيين من تصعيد العمليات العسكرية مع اسرائيل . اضافة الى ان ايران تدرك حجم القدرات العسكرية الاسرائيلية الكبيرة جدا بالمقارنة مع قدراتها الدفاعية

وعليه فاننا نرى ان ايران سوف لن تجازف في الدخول باي مواجهة

جادة مع امريكا او اسرائيل في الوقت الحاضر ، ولذلك نجدها تتراجع في كل مرة وهي تعلن ان الضربات الاسرائيلية سوف لن تمر دون رد . . وسيطول انتظارنا لهذا الرد . كما ان الحديث عن المقاومة او الممانعة سوف لن يستمر طويلا لانه كان بالاساس للاستهلاك المحلي ولتمرير خططها تجاه جيرانها العرب . وقد كنا نتمنى وقوف ايران مع فلسطين تجاه اسرائيل ، ولكن تجري الرياح بما لاتشتهي السفن . . اما بالنسبة لروسيا فليس من مصلحتها القيام باي عمل قد يزيد من تصعيد الموقف المتأزم ، وستكتفي بادارة الازمة حتى لاتكون طرفا فيها او التورط اكثر مماهي عليه الان . ولذلك ستحافظ على قواعد اللعبة حتى لو كان ذلك على حساب شريكها الايراني

ادهم ابراهيم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here