ساهر عريبي
رسمت المرجعية الرشيدة ممثلة بآية الله العظمى السيد علي السيستاني خارطة طريق للناخب العراق استباقا لبدء السباق الإنتخابي يوم السبت المقبل الثاني عشر من شهر مايو, لتستحق ان توصف بالوثيقة التاريخية التي ستذكرها الأجيال القادمه, و لتضع حدا لمزايدات الإنتهازيين وألاعيب ودجل السياسيين الذين يحاولون استغلال مقام المرجعية السامي او أية عناوين أخرى ”محبّبة للشعب العراقي ”لتمرير أجندتهم الفاسدة والفاشله.
دور المرجعية
آثرت المرجعية في بداية بيانها الذي تلاه ممثلها الشيخ مهدي الكربلائي , آثرت تذكير العراقيين بدورها المحوري في إرساء دعائم العملية الديمقراطية في البلاد في ظل حالة التشرذم التي كانت تمر بها البلاد بعد إسقاط النظام الصدامي في العام 2003. حيث لفت البيان الى إصرار المرجعية على إجراء الإنتخابات العامة بعد السقوط إيمانا منها بحق العراقيين ب“تقرير مستقبلهم بانفسهم“ معتبرة ان المسار الديمقراطي هو الخيار الصحيح والمناسب للبلد لتفادي الوقوع مرة أخرى في براثن الحكم الفردي.
ويأتي هذا التذكير للرد على من يقلل من دور المرجعية في ارساء دعائم العملية السياسية او مصادرة دورها الحيوي كصمام امان للعراق, فكل ماينعم به العراق اليوم من خيرات وحريات إنما هي ببركة المرجعية, واما السلبيات من فساد وفشل فلايتحملها سوى السياسيون الذين تصدوا لقيادة البلاد طوال السنوات الخمسة عشر الماضية , لكنهم فشلوا فشلا ذريعا في إعادة بناء البلاد واعمارها.
لقد كانت المرجعية منّة من الله على الشعب العراقي ولولاها لكان حال العراق اليوم كحال ليبيا التي تعيش الضياع منذ اسقاط دولتها قبل سبع سنوات , فلا دستور يحكمها ولا جيش موحد فيها ولا اجهزة امنية , وتسيطر عليها حكومتين واحدة في الشرق واحدة في الغرب, وسرى الإنقسام في مؤسساتها , فهناك مصرفين مركزيين وشركتي نفط فيما تتحكم مئات الميليشيات في مدنها, لأنها تفتقر لقائد ديني او سياسي له الكلمة الفصل في البلاد وكما هو عليه المرجع السيستاني الذي أحرج الإدارة الأمريكية واجبرها على إجراء الإنتخابات في العام 2011.
إمتلأ قلب المرجعية قيحا
عبّرت المرجعية في بيانها وفي الخطبة التي سبقت البيان عن شعورها بالأسى وعدم رضاها لما وصل اليه الوضع في العراق بعد مرور 15 عاما على اسقاط النظام, فقد أشارت بشكل واضح الى الاخفاقات التي رافقت التجارب الانتخابية الماضية مثل ”سوء استغلال السلطة من قبل الكثير ممن انتخبوا او تسنّموا المناصب العليا في الحكومة، ومساهمتهم في نشر الفساد وتضييع المال العام بصورة غير مسبوقة، وتمييز أنفسهم برواتب ومخصصات كبيرة، وفشلهم في اداء واجباتهم في خدمة الشعب وتوفير الحياة الكريمة لأبنائه”. لقد ملأت هذه الإخفاقات قلب المرجعية قيحا وهي التي اغلقت أبوابها بوجه السياسيين منذ مدة ليست بالقصيره , ومما يدمي قلب المرجعية هو ان بعض السياسيين ممن رات ألاّ صلاح في بقاءهم في منصبهم بعد انتخابات العام 2014 ,, عادوا وتحدّوا إرشاداتها عبر ترؤس قائمة لخوض الإنتخابات الحالية طمعا في تولي رئاسة الوزراء وكما فعل نوري المالكي الذي عاد مرة اخرى لترؤس قائمة دولة القانون , بالرغم من أنه الزعيم الوحيد الذي حكم العراق أطول فترة بعد السقوط.
فقد قاد البلاد لمدة ثمان سنوات متتالية , فيما حكم كل من سلفيه الجعفري وعلاوي بضعة شهور فقط, فكانت فترة حكمه هي الأطول والأفسد والأكثر فشلا في تاريخ العراق الحديث وعلى مختلف الصعد . فقد اهدر 1000 مليار دولار من ثروات العراق , وخلق طبقة سياسية فاسدة فاشله باعترافه, وقد تغلغلت هذه الطبقة في مفاصل الدوله وبشكل يثير الأسى. ومكّن أفراد عائلته من تبوء مناصب في الدولة لا لكفاءة او نزاهة يتمتعون بها بل لقربهم منه, كما وقرّب كل بعثي متملّق وانتهازي فكانت النتيجة انهيار الدولة في العام 2014.
عوامل نجاح المسار الإنتخابي
بيّنت المرجعية ان تحقيق المسار الإنتخابي للأهداف المرجوة يتطلب توفر عدة مقدمات ومنها عدالة القانون الإنتخابي الذي يارعى حرمة اصوات الناخبين ولا يسمح بالالتفاف عليها, وكما هو حاصل اليوم اذ تصادر القوائم الكبيرة أصوات القوائم الصغيره وفقا للقانون الإنتخابي الحالي الذي يجب تعديله بشكل يحتسب أصوات كل قائمة صغيرة في انحاء العراق فيما لو تجاوزت نسبة معيّنة وكما هو عليه في السويد التي تشترط حصول أي حزب على 4% من أصوات الناخبين في عموم البلاد كشرط لدخوله للبرلمان. وأما العامل الآخر فهو أن تتنافس القوائم الانتخابية على برامج اقتصادية وتعليمية وخدمية قابلة للتنفيذ بعيداً عن الشخصنة والشحن القومي او الطائفي والمزايدات الاعلامية, وهو واقع البلاد حاليا , إذ تفتقر القوائم لبرامج تعالج الأزمات التي تعاني منها البلاد من خدمية واقتصادية وإجتماعية. كما وان الناخب يهب صوته للمرشح ليس إنطلاقا من قراءته لبرنامجه الإنتخابي ولكk لدوافع قومية او طائفية أو حزبية او عشائرية, ولذا فقد شدد المرجع على أهمية وعي الناخبين لقيمة اصواتهم ودورها المهم في رسم مستقبل البلد وعدم يمنحونها لأناس غير مؤهلين ازاء ثمن بخس ولا اتّباعاً للأهواء والعواطف او رعايةً للمصالح الشخصية او النزعات القَبلية او نحوها.
التدخلات الخارجية
وشدّدت المرجعية على أهمية منع التدخلات الخارجية في أمر الانتخابات سواء بالدعم المالي أو غيره, وتشديد العقوبة على ذلك. ولم jأتي هذه اTشارة من المرجعية عبثا , فقد تحول العراق الى ساحة لمختلف اللاعبين من إقليميين ودوليين , بعد ان وضع العديد من السياسيين البارزين أنفسهم في سوق النخاسة ليبيعوها بثمن بخس لهذه الدولة او تلك طمعا في كرسي الحكم , ولاشك بان هذا العامل يعتبرا أساسيا في وصول الوضع في البلاد الى ماوصل اليه من سوء. فهناك دول تدعم الفاسدين بهدف تحقيق مصالح سياسية واقتصادية, وهناك دول تبذل الأموال بهدف أن تكون لاعبا مؤثرا في البلاد وهناك من لديه مخططات مستقبليه تستهدف الهيمنة على ثروات البلاد وتحويلها الى تبع لسياساتها. ولاشك بان الطرف الوحيد المتضرر جرّاء هذه التدخلات هو العراق. ومما يؤسف له لن بعض الدول تلعب دورا مزدوجا في العراق فهي من ناحية تدعم العراق عسكريا ودبلوماسا لكنها من طرف آخر تراهن على الفاسدين.
قتامة الوضع وخيارات التغيير
لقد كان الأسى يقطر من بيان المرجعية حيال ما آلت اليه الأوضاع في البلاد وعدl تصحيح القوى السياسية النافذة لمسارها الفاشل لكن المرجعية أبقت الأمل قائماً بإمكانية تصحيح تغيير مسار الحكم وإصلاح مؤسسات الدولة معولة على تضافر “جهود الغيارى من ابناء هذا البلد”. لكنها أعطت الإشارة لإستخدام سائر الاساليب القانونية المتاحة لإجدراء عملية التغيير. وهنا ينبغي التوقف عند معرفة المقصود بتلك الأساليب القانونية, ولاشك بان أولاها الحق في التظاهر ضد السياسات الحكومية وهو الحق الذي يكفله أي نظام ديمقراطي , فالحق في التجمع وفي حرية التعبير هي من اهم الحقوق التي شدد عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وتعكس هذه الإشارة أن المرجعية وفي حال عدم إصلاح الأوضاع, بصدد إعطاء الإذن لخروج مظاهرات عارمة في كافة انحاء العراق تقتلع الفاسدين والفاشلون من جذورهم بعد ان بلغ السيل الزبى, وبعد ان تمادى السياسيون في طغيانهم وفشلهم وفسادهم , ولم يعطوا نصائح المرجعية الرشيدة آذانا صاغية.
المشاركة في الإنتخابات
تركت المرجعية ولأول مرّة للناخب العراقي حق المشاركة في الإنتخابات من عدمها مشدّدة على ان المشاركة حق لكل مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية، لكنها أكّدت على أن ليس هناك ما يُلزمه بممارسة هذا الحق تاركة له ان يتخذ قراره آخذا بعين الإعتبار الحرص على مصالح البلد ومستقبل أبنائه. لكنها حذّرت من ان تخليه عن ممارسة حقه الانتخابي يمنح فرصة اضافية لفوز آخرين ممن قد يكونون بعيدون عن تطلعات الناخب لأهله ووطنه. ولعل في ذلك ترجيح على المشاركة من عدمها بشرط بذل الناخب للجهد لتحديد المرشّح والقائمة التي سينتخبها وفقا للشروط على طرحتها المرجعية لاحقا.
موقف المرجعية من القوائم الإنتخابية
أكدت المرجعية الدينية العليا وقوفها على مسافة واحدة من جميع المرشحين ومن كافة القوائم الانتخابية، بمعنى عدم مساندتها لأي شخص أو جهة أو قائمة وليس بمعنى مباركتها لجميع القوائم وليس بمعنى جعلها للمحسن والمسيء في منزلة واحدة, فليست وظيفة المرجعية البحث في السيرة الذاتية ل 7 آلاف مرشّح لتعرض للناخبين قائمة بالأنزه والأكفأ منهم , فتلك وظيفة الناخب المطالب بالبحث عن القوائم والأشخاص الذي تنطبق عليهم المواصفات التي طرحتها المرجعية. وفي مقابل هذا الوقوف على مسافة واحدة من جميع القوائم شدّدت المرجعية على ضرورة عدم السماح لأي شخص او جهة باستغلال عنوان المرجعية الدينية وكما يفعل من يدعي انه قريب من المرجعية او انه ابن المرجعية إذ لم يعد للمرجعية ابن في هذه العملية السياسية العرجاء.
الحشد الشعبي
كما وحذّرت من استخدام أيّ عنوان آخر يحظى بمكانة خاصة في نفوس العراقيين للحصول على مكاسب انتخابية، وذلك في إشارة الى تضحيات الحشد الشعبي الذي يحاول الإنتهازيون ممن لم تختلط دماء أبناءهم مع دماء أبناء الحشد, يحاولون المتاجرة بدماء الشهداء وكما تاجر من قبل حزب الدعوة الإسلامية بها لتحقيق مكاسب سياسية. فقد اكدن المرجعية في بداية الخطبة على أن الحشد هو ثمرة لفتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها المرجع بعد ان وصلت طلائع تنظيم داعش الإرهابي الى تخوم العاصمة بغداد, في وقت كانت ترتعد فيه فرائص السياسيين القابعين في الخضراء, ممن لم يعدّوا طوال سنوات حكمهم فرقة قتالية واحدة تقف بوجه حفنة من الدواعش لكنهم وبعد الفتوى بدأوا بتزوير التاريخ مدعين انهم أسسوا الحشد, فهل كان هناك حشد قبل الفتوى؟ ويأتي تحذير المرجع بعد ان كثر المزايدون والمتاجرون بتضحيات الحشد ممن لا ناقة ولاجمل لهم في المعركة وممن لم يقدموا اي تضحيات في معركة تطهير العراق من الجماعات المتطرفة بل أنهم نشروا الفساد المالي داخل مؤسسة الحشد وما مقتل الشهيد قاسم الزبيدي الا خير شاهد على ذلك.
شروط إنتخاب المرشح والقائمة
وضعت المرجعية للناخب جملة من المواصفات التي ينبغي توافرها في المرشّح والقائمة قبل إعطاء الرأي له. وأهمها الكفاءة والنزاهة، والالتزام بالقيم والمبادئ, وهنا لابد من التوقف عند هذا الشرط , إذ لم تقل المرجعية ”الملتزم بالتعاليم الدينية“ بل الملتزم بالقيم بالمبادئ وهذا عنوان أعم وأشمل وهو عابر للأديان والطوائف والقوميات والآيديولوجيات , فلو توفرت الكفاءة والنزاهة في شخص فضلا عن التزامه بالقيم الإنسانية فانتخبوه ولإن كان شيوعيا أو مسيحيا, شيعيا كان أو سنيا عربيا كان أو كرديا. ثم اشترطت ان يكون المرشح بعيدا عن الاجندات الاجنبية وليس اداة بيد الدول الخارجية لتمرير مشارعها ، كما وان عليه احترام سلطة القانون وعدم وضع نفسه او افراد عائلته فوقها وكما حصل في الفترة السابقة عندما وضع ابناء بعض المسؤولين القانون تحت أقدامهم فواحد يرجع طائرة الى بلدها لأنها لم تؤخر الرحلة بإنتظار وصوله, والآخر يفتخر والده بانه قاد قوة عسكرية واعتقل احد الأفراد في المنطقة الخضراء, او أن المسؤول الفلاني يستولي على القصر الرئاسي أو يتخم الوزارة بافراد عشيرته دون مراعاة لمعايير الكفاءة والنزاهة بل وتحويل الوزراة الى مضرب عشائري. كما وأشترطت أخيرا أن يكون المرشّح مستعدا للتضحية في سبيل انقاذ الوطن وخدمة المواطنين، لا ان يسكن في الخضراء محاطا بالحمايات ولا يكلف نفسه عناء النزول الى الشارع لمعرفة أوضاع الناخبين. واخيرا أن يكون قادرا على تنفيذ برنامج واقعي لحلّ الأزمات والمشاكل المتفاقمة منذ سنوات طوال, وليس برنامجه الوصول الى البرلمان بأي ثمن كان ومن ثم بدء ” اقتسام الكيكه واخذ الكومشنات“ كما اعترفت احد النائبات سابقا.
الطريق لمعرفة القائمة الصالحه والمرشح الصالح
خطّت المرجعية خارطة طريق واضح للناخب للوصول الى المرشح الكفوء والنزيه واولها هو النظر الى رئيس القائمة التي تضم المرشح. فينظر الى رئيس القائمة والتدقيق فيما إذا كان في موقع المسؤولية في الدورات السابقة , وعما إذا كان فاسدا او فاشلا , فحينها تترك هذه القائمة برمّتها وإن كان المرشح فيها نزيها, لأن قائمة يرأسها فاسد وفاشل لن يرتجى منها خير فهي ستعيد الكرّة مرّة اخرى وكما فعلت في السابق. فقد أثبتت تجربة السنوات الماضية ان أعضاء القائمة اداة بيد رئيسها يوجههم كيفما ما يشاء ولا يملكون امرهم بأيديهم. وعند التمعن في هذا الشرط فهو يعني أن المرجع قد اخرج قوائم دولة القانون والفتح وإراده من السباق الإنتخابي. فالأولى يرأسها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي حكم البلاد لمدة ثمان سنوات ثم سلمها الى سلفه العبادي بخزينة خاوية وأرضها محتلة من الدواعش, حتى أصبح فشله وفساده أشهر من نار على علم , واما موقف المرجع منه فواضح كوضوح الشمس في رابعة النهار عندما أوصى بإزاحته من منصبه عام 2014 فهل سيحظى بتأييده اليوم؟. واما قائمة الفتح فقد عقد رئيسها طوال الدورة السابقة زواجا كاثوليكيا كما قال مع قائمة المالكي فكان شريكا له في كل الفشل والفساد الذي طبع ذلك العهد, وبذلك انطبقت عليهما مقولة المجربين. واما الثالثة فقد اعترفت زعيمتها بملأ فمها بانها تقاسمت ”الكيكة والكومشنات“.
القوائم الإنتخابية
وبذلك فإن المرجعية ومن حيث شخصية رئيس القائمة فتحت الباب واسعا امام الناخب لإختيار مرشّح في باقي القوائم وأبرزها قائمة النصر وسائرون والحكمه , فأما الأولى فلاشك أن رئيسها الدكتور حيدر العبادي أبلى بلاءا حسنا خلال السنوات الأربع الماضية إذ نجح في تحرير العراق وبالحفاظ على وحدة أراضيه وفي إدارة ملفه الإقتصادي وفي تعزيز مكانة العراق الإقليمية, إلا ان مايؤخذ عليه ان قائمته تضم العديد من الفاسدين, إذ يتصدرها وللأسف صاحب نظرية إستنساخ الفاسدين والفاشلين النائب عباس البياتي الذي وصلت فيه الوقاحة الى حد تشبيه القوائم الشيعية الخمس بأصحاب الكساء وهو لايساوون ذرة تراب على نعل أصحاب الكساء.
كما وان العبادي ينتمي الى منظومة مجرّبة هي منظومة حزب الدعوة التي جرّت البلاد الى الخراب طوال السنوات الماضية بعد ان هيمنت على رئاسة الوزراء ومفاصل الدولة , لذلك فإن التصويت لها يعني التصويت لمنظومة مجربة وفاشله. وبالإنتقال الى قائمة الحكمة فإنها يتصدرها الوزير عبطان في بغداد وهو وزير أثبت كفائته ونزاهته خلال توليه لمنصبه إذ قدّم مثالا حيا على قدرة الجيل الجديد على قيادة البلاد ولكن غاب عنها أي شخصيات أخرى يشار لها بالبنان.
واما القائمة الأخيرة وهي سائرون فهي القائمة الوحيدة التي يتصدرها ثلاثة مرشّحين عرفوا بنزاهتهم وكفاءتهم, واولهم الدكتورة ماجدة التميمي التي أبلت بلاءا حسنا في كشف الفساد طوال سنوات عضويتها في مجلس النواب ولم تثار ضدها أي قضية فساد, فكانت نموذجا للنائب الوفي لتعهداته والحريص على مصالح المواطنين , ويعتبر إنتخاب امثالها ضرورة ملحّة لكل من يريد محاربة الفساد. واما الشخص الثاني في القائمة وهو الشيخ صباح الساعدي , فلقد كان الصوت الوحيد الذي صدح بكشف الفاسدين خلال حكومة المالكي الأولى لكن حيتان الفساد حاربته من كل حدب وصوب , غير أنه يعود اليوم ليشكل مع الدكتورة ماجدة ثنائيا شرسا سيتولى محاربة الفساد في مجلس النواب.
وأما آخر المرشّحين وهو سكرتير الحزب الشيوعي الستاذ رائد فهمي , فقد شهد بنزاهته وكفاءته الأعداء قبل الأصدقاء, وخاصة أبان توليه لمنصب وزير التعليم العالي في حكومة المالكي الأولى , والى الحد الذي كان يقول فيه المالكي“ ليتني أستطيع استنساخ امثال رائد فهمي“. وأما قضية كونه غير اسلامي فقد حسمها المرجع السيستاني الذي اشترط الكفاءة والنزاهة والإلتزام بالقيم والمبادئ بغض النظر عن المعتقد ولذا فقد فتح المرجع السيستاني الباب واسعا أمام أمثاله لتصدر المشهد السياسي وخاصة بعد أن اثبت الإسلاميون فشلهم وفسادهم المنقطع النظير. كما وان هذه القائمة يرعاها شخص قادر على ضبط ايقاع أعضاءها وطرد كل من يثبت فساده وفشله منها وكما فعل السيد مقتدى الصدر عندما لفظ معظم أعضاء كتلة الأحرار ولم يعد تدويرهم كما فعلت معظم القوائم غاضة الطرف عن فشلهم وفسادهم.
إن بيان المرجعية واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار ولن تعيه إلا آذان واعية واما الإتكاليون والمنافقون وانصار الفاسدين فسيتعامون مع ما ورد في هذا الخطاب على انه كلام عام وليس خارطة طريق بالرغم من انه لم يترك شاردة ولاواردة تتعلق في الإنتخابات الا اوردها, لكن الكثير لا يريد أن يتعب عقله ولا أن يريح ضميره بل يرضي رغباته ويحافظ على مصالحه الخاصة ضاربا بعرض الحائط مصالح البلد مستقبل أبناءه.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط