الأنتخابات العراقية القادمة

مداخلتي في الندوة التي أقامتهـا تنسيقية التيار الديمقراطي العراقي ومنظمة الحزب الشيوعي العراقي في سدني والتي كنت ضيفـا مشاركـا

زميلاتي زملائي المحترمين تحية حب مفادهـا الوطن

في البدء أورد لكم نبذة مختصرة جدا عن المشهد السياسي العام و أسباب تلكؤ النظام الديمقراطي على النحو التالي : – 1- غياب الأدارة والأرادة السياسية للقوى المتنفذة في تنفيذ وتطبيق نهج الديمقراطية كنظام لدولة تعتمد الدستور والقوانين وتطبيقاتهـا على الجميع .

2- التركيز و الأبقاء على نظام المحاصصة رغم أعتقادنـا بأنه ( شكل من أشكال الديمقراطية السياسية ) وأضع ذلك بين مزدوجين حيث هذا هو الأسوء في العملية السياسية الجارية في العراق والذي أدى إلى تأجيج و تفاقم الصراعات الأثنية وأنتج نظام المحاصصة الطائفية العقيم والذي أدى بدوره إلى أضمحلال دور المواطن العام والشعور المنتكس بالمواطنة والأنتماء إلى الوطن ، ممـا أدى به إلى ألتزام فكرة الأحتماء والتموضع تحت عبائة العائلة والقبيلة والعشيرة .

3- الديمقراطية في عراقنا قائمة على فكرة الأثنيات والقوميات الموجودة وعلى مدى حصولهـا على المكاسب ممـا أدى إلى الأحساس بالخوف من الأخر وبتالي أنتج تأسيس انواع مختلفة من الميليشيات المسلحة المختلفة التسميات، والتي بدورهـا زادت من تعقيد المشهد السياسي و تفاقم صراعات الأحزاب من أجل السيطرة والنفوذ والمال بطبيعة الحال .

4- ومن تلك الأسباب وغيرهـا نتوصل إلى أن الديمقراطية في بلدنـا معطوبة وهي مجرد رتوش توضع كمساحيق التجميل لخداع الجماهير . ممـا أدى إلى ظهور تناقضات العامة أدت إلى تفاقم أزمة الشعب والمجتمع العراقي ولخصتهـا بكثافة على النحو التالي :-

1- رهن الأقتصاد الوطني بالكامل بستراتيجيات الشركات الأجنبية المهتمة فقط بقيمة وكمية الأرباح الواردة لهـا وهي وحيدة الجانب معتمدة على النفط والأنشطة المتعلقة بهذا الجانب .

2- الجانب الأجتماعي الجديد الذي أنتج أستقطاب جديد ودخول عناصر جديدة محددة أدت أى تقسيم المجتمع وتهميش الغالبية وبالنتيجة كانت : – أ – هناك 30% من سكان العراق دون خط الفقر / ب- وهناك 65% من سكان الريف العراقي دون خط الفقر . ت- هناك بين 30 ألى 40 % من العراقيين عاطلين عن العمل بالأخص عند الذكور ونسبتهم تصل 35 % في حين عند الأناث 65% وهذا حسب المختصين، عدى هذه … النسب المخيفة للمعوقين وللأرامل وللأيتام وهي كارثة لا تتعامل معهـا السلطات بأي نوع من أنواع الأحترافية في تخفيف تلك الأزمة وعن كاهل المتضررين .

وهذا يقودني إلى الأستنتاج مفادهُ بأن هذه النسب تأتي بسبب تدمير القطاعين الأساسيين في البلد وهمـا القطاع الصناعي والزراعي ، حيث يتضح بأن نسبة الناتج المحلي العام للقطاع الصناعي لا يزيد عن 2% أمـا الزراعي فلا يتجاوز بين 5 إلى 6 % وهذان القطاعان يشكلان الشريان الأبهر لمجمل الأنتاج القومي لأي بلد ، ولكن في بلادنـا هو مدمر وميؤوس منهُ ، بالمقابل هذا يسبب أزدياد في نسب القطاع الخدمي والذي أرتفع إلى أكثر 60% وهذا القطاع همـّه الوحيد هو تحقيق الأرباح ثم الهروب . ونحن لا نهمل بتالي القطاعات الأخرى المدمرة هي الأخرى غالبـا وبنسب متفاوته وكبيرة ومنهـا القطاعات الصحية والتعليمية والتربوية والرياضية و…. ألخ

الأنتخابات العراقية : – هي واجب وطني على كل فرد تجاوز الثامنة عشر من العمر وعلى كل مواطن عراقي أينمـا يتواجد وتحت أية ضروف كان المشاركة فيهـا دون تردد وهذا حق دستوري وشرف كبير له . أن الأنتخابات التي ستجري في الثاني عشر من مـايو الحالي والتي سيتنافس عليهـا أكثر من 7 ألاف مرشح لشغل 329 مقعد( بعد إضافة مقعد للأخوة الشبك) حيث فيهـا سيتبارى 206 من الأحزاب المختلفة التوجهات والرؤى منهـا الدينية ومنهـا القومية والليبرالية واليسارية وغيرهـا وجميعهـا تتدعي الوطنية وهذا لا بأس . ولكن الذي أراه شخصيـا بأن أغلب تلك التحالفات الجديدة هي ذاتهـا القديمة ولكن بلباس جديد ، سوى أن التحالفات والتكتلات ستكون بأشكال جديدة وكلهـا حاملة لتناقضاتهـا على ظهرهـا وتتحين الفرص للقفز على السلطة وتحلم برأسة الوزارة ، وبالمناسبة برأي الشخصي بأن فرص السيد العبادي قد تناقصت لحد كبير . بسبب أختلاف الأصطفافات وظهور الجديد منهـا . أعود إلى مـا قلته حول التناقضات

1- أغلب الكتل الفاسدة أصبحت تتحدث فجأة بالمدنية والديمقراطية ، وتتكلم عن الفساد ومحاربة الفاسدين وكأن الأمر لا يعنيهـا ولم تكن هي جزءا من ذلك الفساد العام المستشري في عروقهـا . والأغرب من ذاك أن الجميع أصبح في غفلة من الزمن ديمقراطي ( للگشر ) ومؤمن بالنظام الدستوري الديمقراطي الذي يتساوى الجميع تحت مظلته.

2- بروز بعض التحولات في الخطاب السياسي للأحزاب الدينية بشقيهـا الشيعي والسني ووضوح كبير في ظاهرة مناوراتهـا لجذب الناخب أو للتهرب عن تحمل مسؤلية ما وصل أليه حال المأساوي في العراق ورمي المسؤلية على الآخرين ، ومن ذلك يتأكد لدينـا تراجع في شعبية الأحزاب الدينية والمذهبية والطائفية وحتى القومية لدى الجماهير العراقية التي أدخرت ذاكرتهـا بأسؤ مـا يمكن .

3- و من هذا يؤكد تراجع الصراع بين الطوائف إلى صراع داخل تلك الطوائف نفسهـا مـا أعنيه هنـا هو صراع داخلي بين الكتل السياسية ذاتهـا ومن ثم محاولة كلاٍ منهـا تسقيط الآخرى بمختلف الأشكال إن كان أبتزازاً أو تسقيط أخلاقي كمـا نراه هذه الايام فهو في تزايد ملحوظ .

4- بروز واضح لعدم الأكتراث بالهوية المذهبية والأثنية بين الجماهير وهذه لم تعـّد فعالة كمـا كانت قبل أعوام حين أستُخدمت في التعبئة السياسية ضد الأطراف الآخرى لجذب الناس .

من جميع مـا ذكرته أعلاه أستشف بعض النقاط الأيجابية في مـا تجيئ به الأيام القادمة أقصد الأنتخابات : – 1- أزدياد الوعي لدى الكثيرالناس بالأخص الشباب بأن الأحزاب التي حكمت لمدى السنوات ما بعد السقوط لليوم لم تكن وطنية أوهي أحزاب مرتبطة بالمال العام والفساد وبمقدار ما تنهبه ، والبعض المستقوي بالعامل الأقليمي الخارجي أي بدولة أخرى تدعمه وهذا مرفوض أخلاقيـا لدى المواطن وبالمجمل لم تقدم له شيئ ليعود وينتخبهـا.

2- تغير في الأمزجة العامة للغالبية العظمى بعد سنوات اليأس والحرمات والمذلة وتغلغل الشعورالعام بالرفض لكل مـا يتصل بهذه الاحزاب الدينية الكارثية .

3- وضوح أكثرفي أن المدنية والديمقراطية همـا المخرج الوحيد والأفضل لأنقاذ العراق من هذا الوضع المزري والأقتناع بأن أنقاذ الوطن يعتمد على إقامة نظام عابر للمحاصصة الطائفية و الأثنية ، وبأن النظام المدني العلماني الديمقراطي هو الحافظ لحقوق الجميع مهمـا كانت مذاهبهم أو أثنياتهم أو قومياتهم وأنتمائاتهم .

ومن المؤكد أن الجميع مقتنع بأن الكتل المتسلطة والحاكمة تقف ضد إقامة هكذا نظام ، فلهذا ستسعى بكل قوة إلى الأجهازعلى رغبات الجماهير الرافضة وكذا على رغباتنـا الديمقراطيين واليساريين والشيوعيين والوطنيين المستقلين ، وهي تعلن حربهـا العلنية ضدنـا بتسخير أبواق رخيسة تقوم ليل نهار بتخويف السذج من الناس …. بأتهامنـا بالكفر والألحاد والأنحلال الخلقي والأخلاقي والفساد وغيرهـا وفي الحقيقة هذه هي صفاتهم ، نحن نؤكد بأن لديهـا رغبة شديدة في الأبقاء على نظام المحاصصة والطائفية والأثنية المقيتة خدمة لمصالحهـا ومن أجل بقاءهـا .

وأقول صراحة بأنهـا ستعمل بقوة أكبر وبدوافع أكثر من أجل تشتيت قوة القوى المدنية والعلمانية المؤمنة بإقامة نظام ديمقراطي العلماني الحقيقي، وعلهُ أفلحت في ذلك … حين فشلنـأ نحن في تجميع صفوفنـا وتوحيد قوانـا والخروج بقائمة تجمع جميع الحركات والأحزاب اليسارية والديمقراطية والظهورفي تحالف مدني علماني حقيقي واحد يمثل مختلف أطياف الشعب العراقي يكون له الشرف بقيادة التغايرالتاريخي المطلوب .

ومن ذلك كله أستنتج بأن الفرص المتاحة لنـا في هذه الأنتخابات هي أكبر من السابقات رغم عدم توحد قوانـا ولكن الحراك الجماهيري أدى إلى كشف وإظهارنوايـا وحقيقة الأحزاب الدينية والقومية الحاكمة التي فشلت فشلا مريبـاً ، وأنه اي الحراك الجماهيري أفضى إلى أجهاض محاولاتهـا للنيل منه … لكنة مـا زال مستمرا ، نحن نعلم بوجود سجالات كثيرة حول المفوضية المستقلة العليـا للأنتخابات وتركيبتهـا ( برأي الشخصي هي ليست مستقلة لأن نظام المحاصصة يحتويهـا ) ، ثم الصراع الدائم حول قانون الأنتخابات والجهود الكبيرة التي بذلت لتعديله لصالح العام لم تفلح ، وكانت الموازنة التي تأخرت كثيرا لهـا دور في زيادة الصراع وكيل الأتهامات . أن مـا جرى كان أختلاف في وجهات النظر وعدم أستيعاب المرحلة والصعوبات الحقيقية الجمة التي تعصف بالوطن وعدم الأستماع إلى هذا المشهد المحزن والأكتفاء بالعوامل الذاتية والموضوعية ( الشخصية ) لدى البعض مما أدى إلى عدم الأنسجام والتوحد في أطار يجمع الغالبية الوطنية تحت قيادة الحزب الشيوعي العراقي الضامن الحقيقي لحقوق الجميع ممـا أدى إلى ظهور من أختار الأخر وتحالف معه مؤمنـأ بوجود مشتركات اساسية بينهمـا والبعض الأخر بحث عن تحالف يعطيه قوة لدى أصحاب الأمكانات وتحت ضغط تلك الظروف وأوضاع حصل الذي حصل ونحن اليوم ملتزمين بالتوجه الأساسي والذهاب والمشاركة بقوة في الأنتخابات لأيماننـا بأن قضية التغير والديمقراطية لا تتحققان إلا بالسلم الأهلي وعن طريق صناديق الأقتراع ولهذا علينـا مضاعفة الجهود في العمل التوعوي والتعبوي في حث الناس على البحث عن المرشحين المؤمنين بأهدافنـا في أقامة مجتمع مدني ديمقراطي أيا كانت القائمة التي ينتمي المرشح لهـا وعلينـا التكثيف من عقد الندوات والأماسي لكشف وتعرية الفاسدين والأنتهازيين والوصوليين والمعيقين لحركة التاريخ ، المهم في موضوع التحالفات هو الألتزام الكامل بالمشروع الوطني الديمقراطي الحقيقي الذي سيقودنـا إالى بر الأمان وساحل السلام ، وأني متأكد بأن أتخاذ قرار دخول أي تحالف مع هذا الطرف أو ذاك هو أمر نابع من جملة أفكار وأجتهادات مرتبطة بالواقع المعاش في الداخل والتي تختلف عن مـا نراه أو ندركه نحن في الخارج ، أعلم بأنه لا يوجد ضمانـات في التحالفات ولا توجد ضمانات في العمل السياسي .

لكم محبتي أيهـا الأحبة

نبيل تومي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here