احمد مطر 00 العملاق الذي يخرس غفلتنا!

في سلسلة مقالات لماء الذهب، ونوادر مقالات النقد:
بقلم – رحيم الشاهر – عضو اتحاد ادباء ادباء العراق (1)
انا اكتب، اذن انا كلكامش(مقولة الكاتب) (2)
الإبداع مارد الحسد، والشهرة ام الخصوم( مقولة الكاتب)
شهادتي للشاعر احمد مطر ، ليست كشهادتي لأي شاعر آخر ، قرأت له ، فكتبت قراءتي الانطباعية عما قرأت ، ان ما عند احمد مطر ، أكثر من مزية تجعلك تقف أمام أسلوب هذا الشاعر العجيب في صياغة القصيدة الحديثة ، فقد خطف هذا الشاعر عروسة الحداثة من كل عشاقها من جيله، وممن سبقه ، ومن لحقه ، وجعلها أسيرة عنفوانه !
قصيدة احمد مطر فيها أبعاد كونية ، لاتستوعبها قصيدة أخرى ، ولا يطرقها شاعر آخر ، وفيها من التكثيف مايعجز النظير من ان يضاهيها ، او يضارعها ، ولديه دائرة حركية عفوية في تفاعيل الأوزان جعلته يصطاد اغرب المعاني وأثمنها وأنجعها ، دون ان يسجل عليه فاول من التكلف ، او الركة ، ففي سلة احمد مطر تهوي نجوم المعاني ولآلئه ، وقد استعصت على عمالقة آخرين0 ولدى احمد مطر في قصيدته ، وقفة مشهودة مع البداية التي تكفلها النهاية ، والمضمون المنساب في إزاحاته الإيقاعية ، وقدرة عجيبة على الالتفاف على المعنى ، وتطويع العبارة ، واختزال مرض الحداثة الطلسم الشعري ، وتدوير الوزن ، باتجاه الحركة الاسهل بين الألفاظ فيقدم لك معزوفة اجراس شعرية جميلة ، فيها يخبرك عفويا : انك وجدت ضالتك في الشعر الحديث ، فلا تنشدها عند غيره ، الا اذا تحدى ذلك الغير واتاك ببرهان جديد!هذا فنيا ، واما موضوعيا ، فإن قصيدة احمد مطر ، شهدت له انه من قلائل الشعراء الثائرين على السلطان الجائر ، ببعض من جرأة موسى ع على فرعون ، وهي مليئة بعبارات: السجان ، المخبر ، السلطان ، المنفى ، الوطن ، الفراق ، الغربة 000 الخ ، فلا تجد للمديح عنده بلاطا ، ولا تجد للغزل عنده ملاذا ، وإنما دار شعره في حومة الفراق والألم ، والتحسر واللوعة ، والأنفة والكبرياء ، ففي الكبرياء يقول:
صحت من قسوة حالي
فوق نعلي
كل أصحاب المعاليْ / ص 86 / احمد مطر /الأعمال الشعرية
وفي المنفى يقول:
وطن انا بين المنافي
احتويك مشردا / ص43/ مختارات احمد مطر
وفي الثورة يقول:
آن لي ان اكتب شعري بالرصاص0 / ص70 م احمد مطر الأعمال الشعرية
وفي نقد السلطان يقول:
وبأوطاني التي
من شرعها قطع الأيادي
يصبح اللص
رئيسا للبلاد0 /77 / احمد مطر / الأعمال الشعري
واعودالى فنيا فأقول : مايميز قصيدة احمد مطر ، أنها أذنت للشاعر كيف يكون شاعرا ، والناقد كيف يكون ناقدا ، والقارئ كيف يكون قارئا ، والمستمتع كيف يستمتع منصفا ، وذلك لاحتوائها على شحنات جرسية ، تفتقر لها كثير من النصوص السائدة والبائدة ، وما يميز شعره كذلك انه يعمل وغير معطل ، بينما تجد كثيرا من الشعر معطلا لايعمل ، فهو يعمل لتأثر الناس به واستسهال حفظه ، وهذا ينبع من قربه من مشاعر وهموم ، ومعاناة الناس0 وعند احمد مطر تجاوزت قصيدة التفعيلة متوسط عمرها القصير، وصارت بإذن الله تعالى ميالة للتعمير والتجدد ، فقد منح هذا الشاعر روحه ديباجة للقصيدة ، فنقع ألفاظ القصيدة بمعاني روحه ، فصرت ترى ان الوزن المقيد عند احمد مطر يخرج الى حريته ، ويمارس فضاءه ، دون ان يخشى السجان الذي ظل دوما يلاحق احمد مطر من منفى الى منفى ، لذلك اقول فيه : انه العملاق الذي اخرس غفلتنا!
21/4/ 2018

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here