دَردَشاتٌ دِيمُقراطِيَّةٌ! [١١]

نــــــــــزار حيدر
لو أَنَّ الأَغلبيَّة الصَّامتة تستوعب اللُّعبة وتتعلَّم قواعِد وأُصول الديمقراطيَّة لعرِفت كيف تقلِب الطَّاولة على رؤُوس الفاسدينَ والفاشلين ولغيَّرت النَّتائج لصالحِ عمليَّة التَّغيير بدرجةٍ كبيرةٍ.
ففي العراقِ تبيَّن من خلالِ التَّجارب الإِنتخابيَّة السَّابقة أَنَّ الأَغلبيَّة الصَّامتة تُشكِّل حوالي [٤٠٪؜] من مجموعِ عددِ الذين يحقُّ لهم الإِقتراع والتَّصويت! ولكنَّها وللأَسف الشَّديد غير مُنظَّمة ولذلكَ لا تلعبُ أَيَّ دورٍ في التَّأثير على نتائج الإِنتخاباتِ فهي في كلِّ مرَّةٍ تقاطعُ الإِنتخابات ولا تسعى لتوظيفِ نسبتَها لتغيير النَّتائج!.
ولتوضيحِ كيفَ يُمْكِنُ لها أَن تُؤَثِّر في النَّتائج دعُونا نضربَ مثلَينِ؛
ففي الولايات المتَّحدة فإِنَّ الأَغلبيَّة الكبيرة من الوِلايات وعددها [٥٠] ولاية محسومةٌ لصالحِ مُرشَّح أَحد الحزبَين سواء في الإِنتخابات الرِّئاسيَّة أَو النيابيَّة أَو حتى في إِنتخابات حُكَّام الولايات، ولذلك ففي الإِنتخابات الرئاسيَّة مثلاً لا يُركِّز المُرشَّحان إِهتمامهُما وجُهدهُما الإِنتخابي عليها إِلّا ما ندر! وإِنَّما يصبُّون كلَّ جهدهِم على الوِلايات التي تسمَّى بالمُتذبذِبة وهي الوِلايات غير المحسُومة لأَيٍّ من الحزبَين وعادةً ما تحسِم أَمرها وخيارها رُبما في يَوْمِ الانتخابات أَو قبلهُ بيومٍ أَو يومَين!.
هذه الوِلايات المُتذبذبة أَو التي يُمْكِنُ تسميتَها بالأَغلبيَّة الصَّامتة هي التي تحسم نتائج الإِنتخابات في كلِّ مرَّةٍ من خلالِ المُشاركةِ المُكثَّفةِ جدّاً لصالحِ أَحد المُرشَّحين!.
حدثَ هذا في الإِنتخابات الرئاسيَّة التي فازَ فيها الرَّئيس الأَسود باراك أُوباما من خلالِ مشاركةٍ مُكثَّفةٍ للسُّودِ لم يشهد لها كلَّ تاريخ الوِلايات المتَّحدة [وصلت نسبة مُشاركتهِم في ذلك العام إِلى أَكثر من [٩٨٪]؜ فيما كانت النِّسبة لا تتجاوز عادةً [١٢٪؜] فقط في أَحسن الفُروض]!.
وحدثَ هذا كَذَلِكَ في الإِنتخابات الرِّئاسيَّة الأَخيرة التي فاز فيها الرَّئيس [العُنصري] ترامب عندما صوَّت لصالحهِ العُنصريُّون بدرجةٍ غَيْر مسبوقةٍ بحيث غيَّروا وِلايات محسُومة تاريخيّاً للديمقراطيِّين مثل [ميشيغان] لصالحهِ! وهم عادةً لم يهتمُّوا بالإِنتخاباتِ إِلّا أَنَّهم قرَّرُوا المُشاركة المُكثَّفة لردِّ الصَّاع صاعَين للملوَّنين [السُّود] الذين يعتبرونهُم تجاوزُوا حدودهُم عندما نجحُوا في إِدخالِ أَسوَدٍ إِلى البيت الأَبيض لأَوَّل مرَّةٍ!.
أَمّا في إِستفتاء خرُوج بريطانيا من الإِتِّحاد الأُورُوبي فلقد كان كذلك للأَغلبيَّة الصَّامتة دورٌ كبيرٌ جدّاً فاجأَ الشَّعب البريطاني الذي لم يتوقَّع مِثْلَ هَذِهِ النَّتيجة فحاولَ فيما بعدُ تصحيح ما اعتبرهُ خطأٌ بسببِ الغفلةِ من خلالِ توقيع [٤] مليُون مُواطن على طومارٍ يطالبُونَ فِيهِ إِعادة الإِستفتاء ولكن [بعدَ فَواتِ الأَوانِ].
لو أَنَّ الأَغلبيَّة الصَّامتة تتعلَّم قواعد اللُّعبة وتُنظِّم نفسها من خلالِ وسائل التَّواصل الإِجتماعي لاستطاعت فرضَ دورِها في التَّأثير على نتائج الإِنتخابات بشَكلٍ كبيرٍ شريطةَ أَن تنسى مقُولتها البائِسة [مَيفِيد]!.
أَمّا الذين يدعُون إِلى الإِنقلاب على العمليَّة السياسيَّة برُمَّتِها ويدعُون إِلى تشكيلِ حكُومةِ [إِنقاذٍ وطنيٍّ] مثلاً تعطِّل العملَ بالدُّستور وتكنُس النِّظام السِّياسي الحالي وكلِّ نتائجهِ ولفَترةٍ إِنتقاليَّة ثمَّ نبدأ التَّجربة من نُقطة الصِّفر!.
هؤلاء يتغافلُون عن أَنَّ البديل الوحيد عن الديمقراطيَّة هو الديكتاتوريَّة والإِستبداد ونظام الحزبِ الواحد وهو البديلُ الذي حذَّر مِنْهُ الخطاب المرجعي الأَخير! فضلاً عن أَنَّهم لا يُشيرُون إِلى أَو يسمُّونَ الذي سيبدأ العمليَّة السياسيَّة من نُقطة الصِّفر؟! هل هُم مِن الجنِّ أَم مِن المَلائكةِ؟!.
*يتبع…
٩ مايس [أَيار] ٢٠١٨
لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏Telegram; https://t.me/NHIRAQ
‏WhatsApp & Viber& Telegram: +1(804) 837-3920

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here