رويترز: سنة العراق يصوتون بلا أمل في أول انتخابات بعد داعش.. فتور في المدن المحررة

سلطت وكالة “رويترز”، في تقرير لها نشرته اليوم الخميس، الضوء على المدن السنية التي دمرها تنظيم داعش، بعد دخوله اليها، ومدى اهتمامها بالانتخابات النيابية التي سيصوت العراقيون فيها بعد غد السبت، وتحفز أهاليها للمشاركة، مبينة أن “الكثير من السنة يريدون أن تكون أصواتهم مسموعة”.

وقالت الوكالة في تقريرها، إن “سكان غالبية المناطق السنيّة في العراق يبدون فتورا شديدا إزاء الانتخابات البرلمانية المقرّرة لبعد غد السبت، بسبب غياب الرهانات المحدّدة والآفاق الواضحة لتغيير أوضاعهم التي ازدادت سوءا بفعل الحرب ضدّ تنظيم داعش وما خلفته من دمار هائل في مناطقهم، وما أورثتهم من مشاكل كثيرة اقتصادية وأمنية واجتماعية يصعب الخلاص من تبعاتها في أمد قريب”.

وأضافت، أن “غياب الرهانات يتعمّق مع انعدام رغبة الغالبية العظمى من الناخبين المفترضين في التصويت لأي من المرشّحين الذين يتقدّمون للانتخابات تحت عنوان تمثيل السنّة، بينما الجمهور العريض من أبناء هذه الطائفة أصبح فاقدا للثقة بجميع القادة السياسيين الذين شاركوا في العملية السياسية الجارية بالبلد منذ سنة 2003، وكانوا بمثابة ديكور لتزيين حكم الأحزاب الشيعية”.

وتابعت، إنه “على مدخل مدينة تكريت وتحت لافتة عملاقة عليها صورة قائد عسكري شيعي يقف مئات من العرب السنّة العراقيين ساعات في انتظار تفتيشهم قبل السماح لهم بدخول المدينة”.

ويقول سكّان تكريت إنهم “يشعرون بخيبة أمل وبالتهميش”.

ومضت الوكالة بالقول، إن “حوالي 2.3 مليون نازح من المناطق السنّية لا زالوا يعيشون بعيدا عن بيوتهم بينما يقبع آخرون في السجون أو دون عمل في مدن شبه مدمرة وكلهم موضع شبهات بأن لهم صلات بالمتشددين السنّة”.

وقال عن شجاع محمد، الذي كان من خبراء القنابل بالجيش، وهو من تكريت، متحدّثا لوكالة رويترز، إنه “توجه إلى بغداد عندما سيطر تنظيم داعش على المدينة عام 2014 وعرض مساعدة السلطات في محاربة التنظيم”.

ويضيف، مشيرا إلى نيّته وضع علامة يشطب بها على ورقة التصويت بالكامل يوم السبت، إنّه “ووجه لدى تقديم طلبه بتهمة مساندة داعش”.

وتابعت الوكالة بالقول، إنه “رغم الشعور بخيبة الأمل على نطاق واسع يقول كثيرون من السنّة إنهم يريدون فعلا أن تكون أصواتهم مسموعة حتى إذا كان ذلك يعني إفساد أوراق التصويت”.

وأشارت الى أن “مقابلات مع عشرات الناخبين والمرشحين والمسؤولين المحليين في ثلاث محافظات سنيّة، توحي بأن الطائفة تعتزم المشاركة في التصويت يوم السبت رغم أنه لا أحد تقريبا يعتقد أن الانتخابات ستسفر عن تحسين أوضاعهم”.

ونقلت الوكالة في تقريرها أيضاً، عن الصيدلانية غفران، التي تحدّثت من الموصل وطلبت عدم ذكر اسمها الكامل خشية الانتقام منها: “نعم سأصوت. لكن ليس لدي أمل في تغيير أي شيء”.

وأوضحت الوكالة أن “غفران واحدة من آلاف العائدين إلى مناطقهم بعد استعادة الموصل من تنظيم داعش في حزيران الماضي رغم صعوبات الحياة بين أنقاض الأحياء المهدّمة ونقاط التفتيش والحواجز الأمنية المنتشرة بشكل كثيف على الطرقات”.

وذكرت الوكالة، ان “السنّة يشكون، منذ فترة طويلة من “تفشي التمييز على أيدي الحكومات وقوات الأمن بقيادة الأحزاب الشيعية المتصدّرة للمشهد السياسي منذ العام 2003 وذلك رغم أن البعض يسلّم ببعض التحسن منذ تولى رئيس الوزراء حيدر العبادي السلطة قبل أربع سنوات”، على حد تعبيرها.

ولفتت الى أنه “على النقيض من سلفه نوري المالكي، الذي كانت مواقفه طائفية بلا مواربة، فإن العبادي يحظى ببعض الدعم بين السنّة الذين ينسبون له الفضل في تحرير مناطقهم من تنظيم داعش، وربما يؤيدون إعادة انتخابه”.

وقالت فطومة بدران، المقيمة في مخيم حمام العليل للاجئين جنوبي الموصل: “لا نثق أبدا بهؤلاء السياسيين ولكن سأصوت للعبادي”.

وأوضحت الوكالة، أن “قائمة العبادي التي تحمل اسم قائمة النصر هي الوحيدة التي تخوض الانتخابات في محافظات العراق الثماني عشرة. وينفذ العبادي حملة الدعاية الانتخابية في جميع أنحاء العراق، ولقيت زيارته للمناطق السنية استقبالا حسنا”.

ويقول آخرون في الموصل مثل الشابّ علي فارس، الذي نقلت عنه الوكالة، إنّه “من المستحيل التصويت للقادة الذين يحمّلونهم مسؤولية قصف مدينة بلا هوادة خلال المعركة مع تنظيم داعش”.

ويشير فارس إلى “الإنفاق الكبير على الحملة الانتخابية”، معتبرا أنّه “كان من الأجدر توظيف تلك الأموال في إعادة إعمار ما دمّرته الحرب”.

وأمضى كثير من النازحين بسبب الحرب شهورا أو سنوات في المخيمات لكن بعضهم يعيشون مآوى مؤقتة لأن بيوتهم لم تعد صالحة للسكن أو لأن مناطقهم ليست آمنة حتى الآن.

وفي مرآب متفحم متعدد الطوابق يمتلئ بالسيارات التي دمرت في تفجيرات بتكريت، أقام المئات مخيمهم غير النظامي لا تفصل فيه بين الأسر سوى ملاءات معلقة، وفق ما وصفته “رويترز” في تقريرها، وقالت: “هنا ليس لدى الجميع الرغبة في التصويت”.

كما نقلت عن رحمن محسن، الذي كان يعمل سائق سيارة أجرة، إنه “عاد إلى بيته من بيجي بعد طرد داعش، لكنه وجد أن بيته قد احترق. لذلك جاء إلى تكريت وانتهى به الحال في المرآب، ويجيش صدره بالغضب لأن الساسة لم يبذلوا جهدا لمساعدته”.

ويعتزم جمال خلف، التصويت لمرشح يقول إنه “ساعد سكان المخيمات بإمدادات ضرورية. لكنه مثل كثيرين في المخيم لا يملك بطاقة انتخابية ويعتقد أن ذلك سيحول بينه وبين المشاركة”.

وبحسب الوكالة، فإنه “يسمح لسكان المخيمات بالتصويت من خلال نظام يسمى التصويت المشروط الذي يتيح للناخب إبراز وثائق تؤكد هويته فقط وإقامته في المخيم غير أن كثيرين لا يعلمون شيئا عن هذا النظام”.

وقال ناخبون في مخيمات وتجمعات ريفية في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى التي يغلب السنّة على سكانها، إن “عدة فصائل شيعية هددت بتوجيه اتهامات بالإرهاب للشباب ما لم يتحقق الفوز لمرشحين بعينهم”.

واختتمت الوكالة بالقول، إنه “من المشاكل الأخرى التي واجهها السنّة أنهم، على النقيض من الأكراد والعرب الشيعة، يفتقرون لقيادة وطنية قوية أو تنظيم حزبي على مستوى الجمهورية، وهو ما يعني أن القاعدة الانتخابية لساسة السنّة تتركز على المستوى الإقليمي أو القبلي. وفي بعض المناطق مثل تكريت”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here