عراقيات بارعات الجمال يقتحمن الانتخابات لإزاحة من يأسن منهم

عندما قرَّرَت منال المعتصم خوض الانتخابات البرلمانية في العراق، لم تفكر أولاً إلا في صورةٍ ساحرةٍ لها لأجل ملصق حملتها الانتخابية، وعلَّلَت ذلك بأن لدى النساء الجميلات فرصةً لجذب المُصوِّتين أكبر من غيرهن الأقل جمالاً. وقالت منال، بينما تزهو بأظافرها الطويلة أرجوانية اللون: “العراقيون عصريون للغاية، ولديهم ذوق رائع”. مضيفةً: “لذلك، فهم بالطبع يبحثون عن أشخاصٍ حَسنِي المظهر يُمثِّلونهم”. ولا تعتبر منال المُرشَّحة الوحيدة التي تراهن على الجمال على حساب العقل. فبينما يستعد العراق لخوض الانتخابات البرلمانية، يوم السبت المقبل 12 مايو/أيار 2018، تمتلئ البلاد بالملصقات التي تحمل الوجوه المُنمَّقة لنساءٍ بارعاتِ الجمال، وفقاً لما ذكره تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الأحد 6 مايو/أيار 2018. واعتبرت منال، البالغة من العمر 35 عاماً، التي تخوض الانتخابات مستقلةً، أن الساسة القدماء “قبيحون”، وأنهم غير متعلمين، ولا يفعلون أي شيءٍ لصالح الشعب، ورأت أن المجتمع العراقي يحتاج وجوهاً جديدة جميلة، وأنه فقد الثقة في السياسيين.
استياء من ساسة العراق
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن السياسة العراقية أصبحت فاسدة وعديمة الجدوى لسنوات عديدة، وبعد 15 عاماً من إطاحة أميركا وبريطانيا بالرئيس صدام حسين، فإنه عند السؤال عن الديمقراطية البرلمانية ما بعد غزو العراق، يزيغ السياسيون أعينهم. وتقول نوال، 30 عاماً، وتعمل مهندسةً، أثناء تناولها العشاء مع أمها وأختها في أحد مراكز بغداد التجارية: “لم يفعل السياسيون شيئاً لحمايتنا، ولم يُقدِّموا لنا أي شيء”. وأضافت: “إن الوضع الآن أكثر أمناً من السابق، ولكنه ما زال غير آمن بشكلٍ كامل”. ويساور أحمد رحيم، 39 عاماً، نفس الشعور حيال السياسيين في العراق، ويقول “لم يقدموا لنا شيئاً”. وعلى الرغم من أن المفخخات لا تزال تنفجر في العراق، إلا أن الهجمات الانتحارية شبه اليومية انتهت، وباتت شوارع العاصمة العراقية بغداد في أهدأ حالاتها الآن منذ العام 2003. وقال أحمد إن “اليوم أفضل من البارحة بالطبع، الوضع أكثر أمناً، ولكنه لا يقارَن بما قبل 2003. فقد كانت المياه والكهرباء متاحتين طوال الوقت أيام حكم صدام. الوضع الآن فوضوي. الشوارع مليئة بالجنود فعلاً، ولكنك لا تشعر بالأمان”.
والطائفية ما زالت حاضرة
ويعاني المناخ السياسي العراقي الحالي من الطائفية منذ سقوط نظام صدام البعثي، ومنذ اعتلاء الأغلبية الشيعية التي قمعها صدام السلطة في الانتخابات، وهو ما أشعر الأقلية السنية بالاستياء، مما تمخَّض عنه بعد ذلك صعود تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش). والآن، وببطء، بدأ الجرح يندمل، ويعترف الكثيرون من أهالي بغداد من السنة والشيعة، أنهم تعلَّموا من التجربة القاسية، وأن الطائفية لا تُخلِّف إلا العنف. ويتبنَّى القليل من المرشحين برامج انتخابية قد تثير الانقسامات. وقد خفَّفَ مقتدى الصدر، العلم الشيعي السابق ومؤسس “جيش المهدي”، المُتَّهم بالعديد من الاغتيالات الطائفية، من حدَّةِ خطابه، ويشنُّ حملته الآن ضد الفساد. في حين يراهن حيدر العبادي، السياسي المنفي السابق الذي أقام في المملكة المتحدة ويشغل منصب رئيس الوزراء حالياً منذ 2014، أن نجاحه في القضاء على “داعش” وتحقيق المزيد من الأمان سيضمن له بقاءه السياسي. وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه من المُرجَّح أن ينجح، بالرغم من أنه ما زال من غير الواضح إن كان سيتمكَّن من تشكيل تحالف شعبي.
ومزيد من الفوضى
ومن المُتوقَّع أن ينتعش تحالفٌ انتخابي منافس في الانتخابات، يتألَّف بشكلٍ كبير من ميليشيات شيعية عراقية على علاقةٍ بإيران، تورَّط بعضها في أعمال وحشية طائفية قبل أن ينهضوا بدورٍ حاسمٍ في هزيمة “داعش”، وفقاً لـTheTimes. قال فاضل شمارة، 63 عاماً، الذي تدير عائلته متجر ملابس قرب ضريح مقدس للشيعة منذ أكثر من قرن: “تقلَّصت الطائفية بصورةٍ ملحوظةٍ الآن”. وأضاف: “الفتنة لا تزال موجودة، ولكنها نائمة. إن أراد السياسيون، فسينفخون في النار مُجدَّداً فقط. لن أُصوِّت في الانتخابات المقبلة، فهم نفس الوجوه، ويتبنون الأفكار ذاتها”. وارتعش النور أثناء حديثه، ثم انقطع تماماً -حيث تنقطع الكهرباء كل ساعة تقريباً- فتنهَّدَ شمارة وأخذ رشفةً أخرى من كوب الشاي في يده، قال أيضاً: “على الأقل، حين أدار أجدادي المتجر أيام الحكم العثماني، كان هناك نظامٌ وقانون. لا يوجد الآن سوى الفوضى”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here