انتخابات ديالى: ولائم طعام واستغلال للخلافات القومية والمذهبية

مع بدء العدّ التنازلي للتصويت في الانتخابات النيابية العراقية يتنافس مرشحو محافظة ديالى لكسب أصوات الناخبين معولين على استخدام الخلافات القومية والمذهبية داخل المحافظة وإقامة الولائم الفخمة للتأثير على الناخبين.

كان لديالى (55 كلم) شمال شرق بغداد نصيب كبير من ممارسات الدعايات الانتخابية، فما أن بدأت الحملات الانتخابية في المحافظة المختلطة مذهبيا وعرقيا حتى تحرك المرشحون المتنافسون البالغ عددهم (334) والمنتمين الى (22) تحالفاً وقائمة انتخابية لإقناع الناخبين باختيارهم آملين في الوصول الى البرلمان العراقي باسم ديالى التي تملك (14) مقعدا من مجموع المقاعد النيابية.

يتنافس على تلك المقاعد كل من العرب والكرد ومن أبرز القوى المتصارعة والقوية في ديالى هي قائمة النصر التي يتزعمها رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي والفتح بزعامة هادي العامري وقائمة ائتلاف الوطنية التي يقودها اياد علاوي وقائمة سائرون التي تجمع بين المدنيين والتيار الصدري وقائمة القرار التي يقودها أسامة النجيفي لكن يبدو أن التنافس الأقوى والأكثر وضوحا هو بين تحالفي النصر والفتح.

تحالف النصر يبدو أكثر مقبولية نتيجة ما قدمه من طروحات لبناء وإعادة إعمار ما دمره الإرهاب، فضلا عن أن المحافظة استقرت امنيا وبشكل ملحوظ في مدة حكم العبادي، إذ كانت خطواته ايجابية نحو المحافظة في مجال القضاء على الظواهر المسلحة خارج القانون وعلى تنظيم داعش المتشدد الذي كان يتواجد في بعض الأقضية التابعة للمحافظة.

أما قائمة الفتح فهي الأخرى لها شعبية بين أهالي ديالى إلا أن معظم مؤيديها هم من سكان المدينة من الشيعة القاطنين في أقضية ونواحي المحافظة مثل الخالص وابو صيدا وبعض مناطق المحافظة التي يكون لأتباع القائمة تأثيرا عليها.

الأحزاب الكردية تخوض الانتخابات النيابية المقبلة في محافظة ديالى بست قوائم منفردة هي قائمة الاتحاد الوطني الكردستاني، الديمقراطي الكردستاني، تحالف الوطني، الجيل الجديد والحزب الاشتراكي الديمقراطي، اذ تعول تلك الأحزاب على أصوات الناخبين الكرد في قضاء خانقين والبالغ عددهم (81) ألف ناخب بحسب ما أعلنته المفوضية العليا للانتخابات حول عدد الكرد المسموح لهم بالتصويت هناك.

وتقول عضو مجلس محافظة ديالى بالدورة السابقة خديجة خدا باش ان أصوات الناخبين في ديالى تتشتت بين الأطراف التي تعتمد على ترشيح كرد في القوائم العربية وبالعكس.

وتؤكد ان الكرد سينجحون بالحصول على مقعد واحد من الأربعة عشر مقعداً برلمانياً المخصصة للمحافظة بالرغم من نزوح بعض الكرد عقب انسحاب قوات البيشمركة من المناطق المتنازع عليها بعد دخول الجيش العراقي الى كركوك والى تلك المناطق، اذ سيصوت هؤلاء النازحون من تلك المناطق مع نازحي اربيل والسليمانية بعدما تم تسجيل معلوماتهم في وزارة الهجرة والمهجرين.

وتضيف أن “الكرد وباقي القوميات والأطياف بحاجة إلى مؤتمر وطني تتوحد به الجهود وتترك الخلافات فضلا عن انه يجب إيجاد حل للنزوح والتهجير والصراعات وتحقيق مصلحة سكان المحافظة التي عانت كثيرا على مدى خمسة عشر عاماً”.

الصور والملصقات ملأت شوارع المدينة المختلطة مذهبيا وعرقيا لكن يبدو أن ثقة الناس بالمرشحين لم تعد كما كانت بعد تجاربهم السابقة معهم، إذ يبدو ان الكثيرين لا يريدون المشاركة في الاقتراع وهو ما دفع الكثير من مرشحي القوائم الى إقامة الولائم ودعوة الناس اليها في محاولة لكسب الأصوات.

الهام قدوري رئيسة منظمة الالهام وسفيرة السلام في العراق تقول ان “معظم السكان كانوا رافضين العملية الانتخابية تماما لدرجة انهم رفضوا تحديث بطاقاتهم الانتخابية لكن من خلال دورنا كمنظمة تعمل على رفع مستوى الوعي السياسي لدى مواطنين أهالي المحافظة والتأكيد على ضرورة المشاركة في الانتخابات وايضاح اهمية صوتهم في عملية التغيير، استطعنا ان نغير من تلك الأفكار نحو الأفضل”.

وتضيف “معظم الناس يتجهون اليوم نحو الوجوه الجديدة من المرشحين كونهم مصدر ثقة لهم، ولديهم همة وعزيمة للتغيير نحو مستقبل جيد فهم لا يفكرون ابداً بالوجوه التي سبق وتم انتخابها كونهم لم يقدموا لهم اي شيء يذكر فأهالي المحافظة اليوم لديهم وعي كامل بالآلية التي تجري بها الانتخابات”.

معظم الناخبين يرغبون بالتغيير بالرغم من ان خيارات الكثير منهم عشائرية ومناطقية بعد فقدانهم الثقة بالتنظيمات الحزبية وبرامجها الانتخابية اذ يقول قيس علي احد أبناء عشيرة الدراجي ان كل عشيرة من عشائر محافظة ديالى تتفق على مرشح واحد من ابنائها ويتم الاتفاق على التصويت له.

ويؤكد “العشيرة لديها القدرة على محاسبته او استبداله في حال ثبت تقصيره إزاء عشيرته او منطقته او واجباته الوطنية كما ان للعشيرة القدرة على إجبار المرشح من أبنائها على الانسحاب في حال إخلاله بوعوده وواجباته تجاههم”.

النقد الموجه للدعم العشائري للمرشحين المناطقيين هو ان هؤلاء سيمثلون عشيرة او منطقة بعينها على حساب باقي المناطق فضلا عن ان هذا الامر سيسهم في تهميش الكفاءات المحلية من المرشحين الذين يفتقرون لهذا النوع من الدعم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here