حملات القوائم الكردية تستند على أمجاد الماضي

سرجين صالح

تعيش الحملات الانتخابية للقوائم المتنافسة في إقليم كردستان على أمجاد الماضي، إذ لجأت إلى نشر صور قادتها الكاريزميين المتوفين لحصد الأصوات فيما تحولت برامجها للأعوام الأربعة المقبلة إلى خطط بديلة غير واضحة ومتشابهة.

أطلق شمال نامق احد مرشحي قائمة الاتحاد الوطني الكردستاني حملته الدعائية على ضريح جلال طالباني الأمين العام الراحل للحزب معتمدا على الكاريزما التي يتمتع بها مام جلال لكسب مؤيدين لحملته الانتخابية.

وقال المرشح في مشهد فيديو على ضريح طالباني الذي يعتبر كاريزما الحزب وقد رحل العام الماضي، قال: “أتعهد لنهج جناب مام جلال الذي أقف في حضوره ولدماء الشهداء أن أكون وفيا لشعبي وان أدافع عن الدستور وحقوق شعب كردستان”.

وقال شمال نامق لـ”نقاش”: حول ذلك “كنت اقصد من ذلك ان مام جلال ليس موجودا معنا في الانتخابات، ولكن روحه وفكره معنا، ولم استخدم ذلك لجمع الأصوات، بل ان تذكير الناخبين باسم مام جلال معناه أننا نعمل بروحيته لنتمكن من استعادة مستقبلنا في بغداد”.

وتزايد استخدام الرموز السياسية والشخصيات الكاريزمية في الحملة الانتخابية في حدود اقليم كردستان مقارنة بالانتخابات السابقة.

ويستقطب طالباني ونوشيروان مصطفى المنسق العام الراحل لحركة التغيير أنظار أكثر المرشحين في حزبيهما خلال حملاتهم الانتخابية إذ تنتشر صورهم بشكل ملفت الى جانب الدعايات الانتخابية للمرشحين.

هوشيار عبدالله مرشح قائمة حركة التغيير استخدم مشهد فيديو لحملته الدعائية يظهر فيه مع نوشيروان مصطفى عندما كان يقدم برنامجا تلفزيونيا قبل أن يصبح نائبا في الدورة السابقة للبرلمان العراقي.

وقد وضعت القوائم صورا لقادتها في معظم مراكز حملاتها الانتخابية وكتبت معها أقوالهم السابقة والهدف من ذلك هو إثارة مشاعر مؤيديها.

وفضلا عن صور نوشيروان مصطفى في مراكز حركة التغيير وصور طالباني في مراكز الحملة الانتخابية للاتحاد الوطني، ترفع في الحملات الانتخابية للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يعتبر القوة الأولى في كردستان من حيث الجمهور ترفع صور مصطفى بارزاني الرئيس الراحل للحزب ومسعود بارزاني رئيسه الحالي.

ويعتبر لجوء بعض القوائم والمرشحين الى الشخصيات الكاريزمية القومية والحزبية لجميع الأصوات خلال الحملة الانتخابية جزءا من الخطة التي يعتمدون عليها في إطار العودة لأمجاد الماضي.

الاتحاد الوطني الكردستاني حاول وبشكل أوسع من الأطراف الأخرى الاستفادة من كاريزما أمينه العام السابق وقد سمى قائمته لهذه الانتخابات بـ”قائمة مام”.

وقال قادر حمه جان مسؤول اللجنة العليا للانتخابات التابعة للاتحاد الوطني في محافظة السليمانية لـ”نقاش”: “مام جلال هو واضع سياسة الاتحاد الوطني وقد ترك لنا برنامجا نسير عليه، لذلك فمن حقنا استخدام اسمه كقائد وزعيم، وهذا امر طبيعي ففي انحاء العالم يجري التذكير بالشخصيات الكاريزمية بعد اعوام وفي مناسبات مختلفة”.

اما بالنسبة لحركة التغيير فأن “نهج نوشيروان مصطفى” الذي رحل قبل حوالي عام من الآن له الاستخدام نفسه من قبل قائمة الحزب ومرشحيه خلال حملتهم الانتخابية.

وقال شورش حاجي المتحدث باسم حركة التغيير لـ”نقاش”: ان “منافسونا كانوا يتصورون انه برحيل نوشيروان مصطفى لن يبقى نهجه ايضا او سيحيد عن طريقه، لذلك فان ذكر اسمه هو لإثبات اننا نسير على نهجه وان نهجه باق”.

وتتخذ معادلة استخدام أمجاد الماضي للحملة الانتخابية بالنسبة للحزب الديمقراطي الكردستاني أسلوبا آخر، فمؤيدو الحزب يشيرون دوما الى نهج زعيمهم الروحي مصطفى بارزاني رغم رحيله منذ حوالي ثلاثين عاما.

وهذه هي اول انتخابات بعد عام 2003 لا يشارك مسعود بارزاني رئيس الحزب في حملتها الدعائية اذ يتعلق الامر بابتعاده عن منصب رئيس الإقليم والقضايا السياسية الطارئة بعد إجراء الاستفتاء إلا أن مؤيدي الحزب أطلقوا على قائمتهم اسم “قائمة بارزاني”.

وقال علي حسين القيادي في الحزب الديمقراطي لـ”نقاش”: انه “من الطبيعي ان نقول للناس صوتوا لقائمة بارزاني لان القائمة والحزب هما لبارزاني، فحين تكون المشاركة في الانتخابات قليلة ترتفع المشاركة عند ذكر اسم بارزاني”.

وأضاف “ليس شرطا ان يشارك بارزاني كل مرة في الحملات الانتخابية، ولكن بفضل مكانته فان مجرد ذكر اسمه يمكن ان يحدث تأثيرا على نسبة أصواتنا”.

وتوجد صور معظم القادة السياسيين على بوسترات بعض المرشحين والقوائم، اذ لا يزال التأثير النفسي للقادة الكاريزميين والتاريخيين على الناخب الكردي في اقليم كردستان نافذا.

وقال هوكر جتو منسق شبكة شمس لمراقبة الانتخابات لـ”نقاش”: معلقا “لقد لقنت الاطراف أعضاءها على ان الرموز او الأسماء لها تأثير اكبر وحصرت الجزء الاكبر من برامجها في الأشخاص، التغيير والاتحاد الوطني لا يمكنهما نسيان قادتهما الراحلين حتى يجمعوا عن طريقهم الأصوات ويكسبوا عطف الناس، وكثيرا ما يستخدم الحزب الديمقراطي بارزاني الاب للدعاية الانتخابية”.

وأضاف “لا يصوت الناخب في الاقليم حسب البرامج التي تطلقها الأطراف، لذلك نجد برامج القوائم اما هي غير واضحة تماما او قريبة جدا من بعضها”.

الحملة الانتخابية للبرلمان العراقي في حدود اقليم كردستان وكركوك والمناطق المتنازع عليها الاخرى اتخذت هذه المرة منحى مختلفا عن الحملات الدعائية في الانتخابات السابقة.

فقد خسر اقليم كردستان في الاعوام الاربعة الماضية الكثير من المكتسبات التي كان قد حققها بعد عام 2003 دون ان يتمكن ممثلوه في البرلماني العراقي والحكومة المركزية من منع ذلك.

فقطع نسبة 17% من حصة الاقليم من الميزانية وخفضه ونقل ادارة المطارات الى المركز وخسارة معظم المناطق المتنازع عليها هي ابرز المكتسبات التي خسرها الكرد وسيكون ذلك بالنسبة لنوابه القادمين في البرلمان العراقي امتحانا صعبا وكبيرا.

وفضلا عن تحريك موضوع التقصير الداخلي في اقليم كردستان تتحدث القوائم المتنافسة عن استعادة حقوق مواطني الاقليم من الحكومة المركزية ومن أبرزها مسألة الرواتب ومصير المناطق المتنازع عليها دون وضوح آلية العمل بهذا الاتجاه.

فابرز فقرات برنامج قائمة التغيير للانتخابات هي التشديد على ترسيم الحدود الجغرافية لإقليم كردستان وحل مشكلة المناطق المستقطعة بالاستناد الى المادة (140) من الدستور ومعالجة المشكلات المتعلقة بالنفط والغاز والثروات الطبيعية الاخرى، دون ان يأتي على ذكر وقت وطريقة تنفيذها.

أما برنامج الحزب الديمقراطي للانتخابات فهو تنفيذ مطالب القوائم الاخرى نفسها دون وضوح طريقته اذ جاء فيه: “سنركز الجهود للحصول على حصة اقليم كردستان والمناطق الكردستانية خارج الاقليم من واردات العراق وتطبيق الدستور بجميع فقراته ومواده فضلا عن المادة 140 والمساعدات العادلة للبيشمركة والاعتراف بها وتأمين حقوقها ومستلزماتها من جميع النواحي”.

وتشبه معظم برامج القوائم المشاركة في الانتخابات التشريعية العراقية بعضها في التفاصيل بما في ذلك انعدام آلية تنفيذ المطالب بعد اجراء الانتخابات.

ورأى حسن جهاد النائب السابق في البرلمان العراقي ان المرشحين وقوائم الاقليم تجنبت ذكر سبل استعادة حقوق الكرد من بغداد في حين يجب ذكر ايجاد السبل وعرضها لحل المشكلات العالقة بين الاقليم وبغداد حسب قوله.

وقال جهاد لـ”نقاش”: ان “مشكلة النفط وميزانية الاقليم في بغداد والمناطق المتنازع عليها والمادة 140 من الدستور والبيشمركة جميعها موجودة في برامج معظم القوائم ولكنها لم تعرض حتى الآن تفاصيل تنفيذ برامجها”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here