الهجرات العربية نحو الشرق قديما، حضرموت ودورها المحوري في نقل الثقافة الاسلامية الى بلدان جنوب شرق آسيا ! ح 2

(*) د. رضا العطار

اولى الهجرات العربية الى خارج منطقتها كانت تتجهة في قديم الازمان نحو الشرق، الى الهند وما ورائها من بلدان جنوب شرق اسيا، حتى شملت تايلند و الملايو والصين واندونوسيا والفلبين، من قبل التجار المغامرين والدعاة من المسلمين. الذين كانت مراكبهم الشراعية تنطلق من المواني العربية الكائنة في مسقط بعمان او مكلا في حضرموت اوعدن في اليمن او من احد مواني خليج البصرة، ثم تتجمع اولا في ميناء قاليقوط على الساحل الغربي لشبه القارة الهندية، ومن هناك تبحر عبر مضيق سرنديب – سري لنكا – في فصل الخريف مستفيدة من الرياح الموسمية في شهري سبتمبر واكتوبر، التي كانت تجرف سفنهم شهورا عديدة، في سفر شاق طويل الى ان تصل بها الى جزر سومطرة وجاوه، بعدها تواصل سيرها الحثيث بأتجاه الشمال حتى تنتهي اخر المطاف في كانتون الميناء الجنوبي للصين.

كما كانت الهجرات بأتجاه العالم الخارجي تنطلق من سواحل الجزيرة العربية مستمرة عبر التاريخ، شملت الاجزاء الشرقية من القارة الافريقية، كالحبشة والصومال وزنجبار وكينيا وتنجانيقا ومدغشقر وجزائر القمر منذ صدر الاسلام التي كانت تتم عبر مضيق باب المندب.

في عام 313 للهجرة غادرت اولى قوافل العلويين، وهم ابناء احفاد الامام جعفر الصادق ميناء مكلا في حضرموت في سفينة شراعية متجهة الى جزر الملايو، هربا من جور الحكام في الشام والعراق، باحثين لأنفسهم ملاذا في اوطان نائية آمنة. فكانت رحلتهم مضنية وطويلة مثقلة بالمتاعب والاهوال دامت شهورا عديدة حتى وصلوا آخر المطاف جزيرة جاوه، فرسوا على ساحلها واستقروا فيه.

يقول المؤرخ نور الدين محمد في مجلة الموسوعات عدد مارس عام 1901م مايلي:
( ان اولى هجرات المسلمين الى الصين التي تمت خلال القرن الاول للهجرة كانت تضم اعدادا من الاشراف العلويين، الذين هربوا من ملاحقة الامويين لهم في الشام. فلما علم امبراطور الصين بأمرهم اسكنهم على شواطئ نهر متاخم للحدود، وعندما اطمأن انهم خاضعين لسلطانه، مدّ اليهم يد المساعدة )
ولعل اقدم ما يوثق صحة هذه الاخبار هو ما كتبه الرحالة الايطالي مركوبولو عام 1292 م وكذلك ابن بطوطة عام 1345م.

الحلقة التالية، الاثنين القادم !

مقتبس من كتاب دائرة المعارف الاسلامية للباحث حسن الامين بيروت 1990

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here