العراقيون يشعرون بالجزع والمرحلة الصعبة تأتي بعد الانتخابات

للمرة الأولى بعد هزيمة داعش، شارك العراقيون يوم السبت، 12 أيار الجاري، في انتخابات عامة، لكن النتائج الأولية غير الرسمية تبين أن العراقيين لم يعودوا يعولون على الأصابع المصبوغة بالحبر الأزرق ونظام العد الإلكتروني لإعادة الاستقرار إلى العراق الذي يعاني منذ 15 سنة من الحروب الطائفية والأهلية.

جرت انتخابات هذه المرة، بخلاف الانتخابات السابقة، بعيداً عن التفجيرات والعنف الإرهابي، وفي الوقت نفسه كانت بخلاف الانتخابات السابقة متلكئة وباردة، بحيث أن عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في بعض المراكز الانتخابين كان أقل من عدد المراقبين المحليين والدوليين في المركز، وتبين النتائج الأولية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بعد فرز 92% من الأصوات، أن نسبة المشاركة كانت 44.52% بينما كانت هذه النسبة في انتخابات 2010 و2014 حوالى 62%.

انتخابات مجلس النواب العراقي، تحدد مصير رؤساء الوزراء والجمهورية ومجلس النواب وكذلك تشكيلة الحكومة العراقية القادمة، لذا فإن كلاً من إيران والسعودية والولايات المتحدة تراقب بدقة نتائجها. وقد تزامنت الانتخابات العراقية مع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية مع إيران، ومن المتوقع أن يؤثر هذا على تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وعلى العلاقات المستقبلية لتلك الحكومة مع إيران وأمريكا ودول الخليج.

وبعيداً عن الصراعات الإقليمية والدولية، فإن الناخبين العراقيين يتطلعون إلى الخدمات، الأمن، فرص العمل وإنهاء الحرب الطائفية التي أدت خلال السنوات الأربعة الأخيرة إلى نزوح ملايين من سكان العراق ودمرت جزءاً كبيراً من المناطق الوسطى للبلد، والتي تقدر الحكومة أنها بحاجة إلى 80 مليار دولار لإعادة إعمارها.

وتفيد البيانات الأولية التي أعلن عنها في أولى ساعات الاثنين، 14 أيار، أن تحالف النصر بزعامة حيدر العبادي يأتي في المرتبة الأولى، يليه تحالف سائرون، فالفتح فدولة القانون.

إن الأصوات الكثيرة التي حصل عليها تحالف الصدر (سائرون) تبعث أملاً في نفس العبادي للاعتماد على هذا التحالف كقوة داعمة في تشكيل الحكومة وحفظ التوازن مع القوى المقربة من إيران.

لن يتمكن ائتلاف النصر من تشكيل الحكومة لوحده، وسيحتاج إلى حلفاء. لذا فإن أحد مستشاري الحكومة العراقية الحالية قال لجريدة “كارديان” البريطانية: “إن إدارة القتال والدمار في السنوات الماضية كانت الجزء السهل، والجزء الأصعب سيبدأ من الآن”.

ولغرض الحصول على تمويل من دول الخليج واستثماراتها، ستكون الحكومة العراقية القادمة بحاجة إلى حفظ نوع من التوازن الطائفي، ويستطيع الصدر لعب دور رئيس في حفظ هذا التوازن.

من جانب آخر، ولغرض إرضاء إيران والمليشيات الشيعية العراقية، سيكون بحاجة إلى منح دور ومناصب رئيسة لقائمة المالكي أو العامري الذي استثمرت إيران الكثير من أموالها فيه، وإن إهمال العامري وفصائل الحشد الشعبي الأخرى سيخلق مشاكل كبرى داخل البيت الشيعي وفي العلاقات بين القوى الأمنية العراقية، إضافة إلى الحاجة إلى الحشد لحفظ الأمن في المناطق المحررة حديثاً من قبضة داعش.

ولا يستبعد الخبراء أن يشكل العامري والمالكي تحدياً كبيراً للعبادي، لأن الاثنين برغم قربهما من إيران لا تثق بهما الولايات المتحدة ودول الخليج.

إن هذه الانتخابات العراقية سيكون لها تأثير على مصير القوات الأمريكية في العراق أيضاً، فالعبادي يؤيد بقاء هذه القوات في العراق، بينما يطالب العامري والمالكي بتقليص حجم تلك القوات (يبلغ قوامها حالياً 5000 مستشار وجندي).

لم تحقق الانتخابات السابقة للعراقيين شيئاً يذكر خلا الحرب الأهلية وتعميق الصراع الطائفي والسياسي، وتبين نسبة المشاركة المتدنية في هذه الانتخابات أن العراقيين لا يتوقعون للانتخابات ولا لكل العملية والمؤسسات الديمقراطية أن تأتي بنتائج مختلفة عن الانتخابات السابقة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here