كيف ترى وسائل الاعلام الغربية العراق بعد الانتخابات؟

كاثرين شير

كانت التغطية الإعلامية لوسائل الاعلام الغربية للانتخابات التي جرت في نهاية الأسبوع الماضي في العراق فرصة جيدة للعراقيين لمعرفة كيف ينظر إليهم العالم الآن.

بعد ستة أشهر من القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية وبعد 15 سنة من كونهم جزءا من “محور الشر” كيف يرى العالم العراق اليوم هل هو بلد في حالة حرب مع الإرهابيين؟ أم ما زال العالم يراه إرهابيا؟.

في نهاية الأسبوع الماضي، كان العالم يراقب العراق عن كثب فيما كانت البلاد تنظم انتخاباتها الفدرالية، وهي أول انتخابات تجري في البلاد بعد طرد المجموعة المتطرفة المعروفة باسم “الدولة الإسلامية” من العراق.

كيف إذن ترى وسائل الإعلام العالمية العراق وشعبه اليوم: هل ما زالت تنظر اليه باعتباره شعبا إرهابيا مشمولا بمحور الشر؟ هل تراه كشعب همجي يرتكب أعمال العنف الطائفي؟ هل تنظر اليه كبلد في حالة حرب: فيه ضحايا وأبطال في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية؟ أم تعتبره بمثابة ديمقراطية ناشئة؟.

إذا كنت لا تعرف الكثير عن العراق، لكنك قرأت وراقبت تغطية الانتخابات التي جرت نهاية الأسبوع الماضي لوسائل الاعلام الغربية فستميل لاختيار “الديمقراطية الناشئة” إذ كانت هناك الكثير من المواد وفهم للتعقيدات السياسية ونقاش عقلاني للخيارات السياسية للناخبين في البلاد، حتى لو بدا أن معظم المراقبين كانوا يعتقدون أن النصر سيكون حليفا لرئيس الوزراء العراقي الحالي حيدر العبادي.

وعلى الرغم من تركيز البعض القليل من وسائل الإعلام على حقيقة أن جماعة “الدولة الإسلامية” أو “داعش” قد وجهت تهديدات للناخبين، إلا أن عناوين الأخبار التي تنذر بالخطر كانت قليلة ومتباعدة.

لم ينخدع أحد بسبب الضجيج السياسي المربك أو التقارير الكاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي كما حدث في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، خلال الأزمة الإقليمية العراقية – الكردية.

من الواضح أيضاً كيف أن المراسلين الأجانب يشعرون بالأمان في العراق. مع بعض الاستثناءات الإقليمية، كان مراسلو المنظمات الدولية يجوبون أنحاء البلاد.

وعلى عكس السنوات السابقة، عندما كانت المنطقة الشمالية شبه المستقلة من كردستان العراق واحدة من الأماكن الوحيدة التي يمكن للصحفي أن يرسل تقاريره منها إذا لم تكن لديه تفاصيل أمنية خاصة به، يبدو أن العراق قد أصبح أكثر أمانًا للصحفيين الأجانب – كما هو الحال بالنسبة للناخبين في البلاد. كما ان الحوادث التي رافقت الانتخابات كانت بسيطة.

لكن هناك عقبة واحدة يبدو أن العديد من وسائل الإعلام الدولية ما زالت تعانيها حول العراق وهو موقعه كبلد فاعل في الشرق الأوسط. في عام 2012، كتب مراسل صحيفة نيويورك تايمز في بغداد هذه الأسطر: “على الرغم من طموحه في ممارسة نفوذه كديمقراطية عربية جديدة، فقد يبقى العراق مسرحا للأحداث أكثر منه ممثلا فاعلا فيها”.

وما زالت العديد من الصحافة الدولية تصدق هذا القول. فقد صورت المقالات التي نشرت ما قبل الانتخابات الاقتراع على أنه صراع بين إيران والولايات المتحدة وعكست أن رئيس وزراء البلاد ، حيدر العبادي، يعطي الأفضلية للولايات المتحدة كما وعكست صورا لعدد من منافسيه مثل هادي العامري ونوري المالكي باعتبارهم وكيلين عن إيران.

لكن لم تكن العناوين على شاكلة “هل يمكن أن تكون إيران الرابح الحقيقي؟” و”التصويت قد يكون بمثابة كابوس للولايات المتحدة أو قد يجنبها هذا الكابوس” مفاجئة نظرًا لأن التقارير التي يكتبونها تباع لجمهور عالمي – وهي مبررة جزئياً، رغم أنه ليس بالقدر الذي اقترحته العناوين الرئيسية.

في النهاية، دحض الناخبون العراقيون هذه الفكرة المسبقة واختاروا منح أغلبية أصواتهم لمرشح وطني قال إنه لا ينبغي السماح للولايات المتحدة ولا لإيران التدخل في شؤون العراق.

وقد أدى ذلك إلى موجة جديدة من العناوين الإخبارية حول المرشح – رجل الدين مقتدى الصدر – وفوزه الصادم، في منصة مناهضة للفساد ومع ائتلاف غير عادي ضم أحزابًا علمانية والحزب الشيوعي العراقي.

كانت الصحافة الدولية تدرك جيداً أن بعض الرسائل السياسية الأكثر شعبية قد انتقلت إلى ما هو أبعد من الأجندة التقليدية الطائفية أو العرقية التي استرشدت بها السياسة العراقية إلى حد كبير فيما مضى.

ولكن هناك شيء واحد لم يره الكثيرون على الفور وهو احتمال انخفاض نسبة الناخبين إلى حد كبير. فقد قاطع أكثر من نصف جميع الناخبين الذين يحق لهم الانتخاب الانتخابات لأنهم مرضوا وتعبوا من عدم وفاء السياسيين بوعودهم ولعدم وجود أي تحسن في أمور مثل الخدمات المقدمة من قبل الدولة.

في بغداد بقي ثلثا الناخبين بعيدين ولم يتضح حجم فقدان الإيمان في نظام العراقي إلا في وقت لاحق من العملية والذي يمكن أن تكون له تداعيات لم تظهر بعد.

وعلى الرغم من أنه سيكون هناك بالتأكيد أسابيع، وربما أشهر، من المشاحنات الائتلافية في المستقبل وقد تظهر تحالفات غير متوقعة، ولكن أفضل خبر بالنسبة للعراق جاء بعد الانتخابات.

فقد تحدثت العديد من وسائل الإعلام بلهجة من المفاجأة السارة. الرسالة هي أن العراق لم يكن بجميعه إرهابيا أو كارها لأميركا، أو مثيرا للعنف الطائفي. لقد مر الشعب العراقي بالكثير من المآسي وكان على ما يبدو، يتولى مسؤولية مصيره.

قال مراسل صحيفة “دي تسايت” الألمانية إن العراق يشهد تغييرا جذريا، في تقرير معنون كالتالي: العراق كما نعرفه، أصبح في حكم الماضي. هناك ثقافة سياسية جديدة ناشئة هنا، كتب البعض. وأكد آخرون أن الديمقراطية هي عملية طويلة.

“في جميع الاضطرابات في الشرق الأوسط، قد يكون أهم تطور حدث في هذه السنة حتى الآن هو الانتخابات الديمقراطية التي أجراها العراق يوم السبت” ، كما كتب مجلس تحرير صحيفة واشنطن بوست. “كانت تنافسية، عادلة وخالية إلى حد كبير من العنف – إنه إنجاز رائع لبلد كان حتى قبل بضعة أشهر يخوض حربًا ضد الدولة الإسلامية”.

https://www.washingtonpost.com/opinions/global-opinions/a-positive-sign-from-the-middle-east-iraqs-democratic-election/2018/05/14/fc72f494-579d-11e8-858f-12becb4d6067_story.html

تجار نهاية العالم الذين اقترحوا أن الفصل التالي من المفاوضات السياسية سيؤدي إلى مزيد من العنف ، كانوا أقلية.

https://www.cnbc.com/2018/05/15/iraq-could-be-the-next-proxy-battleground-for-the-future-of-the-middle-east-top-oil-analyst-warns.html

العراقيون أنفسهم ما زالوا ينتظرون رؤية ما سيحدث بعد ذلك. فهم يعرفون أن أي ﺷﻲء ﻗﺪ ﻳﺤﺪث وﻏﺎﻟﺒا هناك شيء ﻣﺎ ﻳﺤﺪث هﻨﺎ. انهم يأملون في الأفضل ولكنهم على دراية جيدة في توقع الأسوأ.

وذلك يعود بالأغلب لسنوات من خيبات الأمل لكن العراقيين ميالون إلى احترام الرأي الخارجي. لذلك ربما سيكونون مسرورين بمعرفة كيف ينظر اليهم الإعلام العالمي في هذه الأيام ويجب أن تترجم لهم افتتاحيات التهنئة باللغتين العربية والكردية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here