صوتك كان هو الفيصل الفاصل …

اما الآن يجب ان نقول كلمة حق في وجه الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة بعد ان ظهرت النتائج النهائية .
لم يخلو مشهد العملية الانتخابية من انتهاكات على المستوى التنظيمي ولكن بالرغم من ذلك يجب ان نشير في كل صدق الى التطور الملموس الذي شهدته الحركة الديمقراطية العراقية الجديدة التي بدأت تترسخ في عقول الشعب الذي اصبح على علم ودراية عقلانية في كيفية ادارة لعبة المحاصصة ومجاراة الوضع الدستوري المفروض عبر صناديق الاقتراع التي حسمت أمر التغير المنشود الذي فيما يبدو كان على الطريق الصحيح ان سار الالتزام على هذه الدرجة من الوعي .
لقد فاز من فاز وخسر من خسر ، جاءت وجوه جديدة وخرجت وجوه بارزه ولكن الامر المهم الذي يجب ان نقف عنده الاف المرات خصوصا في هذه هذه الدورة البرلمانية هو البحث عن أسباب هذا التغيير الملفت وان كان ليس بالمستوى المطلوب ولكن لابد لنا ان نستعيد ما حدث في ابرز المواقف والتداعيات التي ساهمت وساعدت على ان تكون هذه الدورة الانتخابية تختلف عن سابقتها.
أول هذه الأسباب هو تصريحات المرجعية الدينية الشيعية العراقية التي كان لها الأثر الأكبر في تغيير وعي واتجاه الشعب ، فقد كان حديث المرجعية الدينية واضحا جدا وصريح لا يحتاج الى توضيح او تأويل عندما اعلنت عن رأيها الصريح وقالت ان المجرب لا يجرب ، كان النداء الى كل العراقيين بكل طوائفها وانتماءاتها واتجاهاتها الا ان الأغلبية من الطائفة الشيعية خصوصا حاولت ان تأول وتلتف على تصريح المرجعية بتبريرات واهيه كادت ان تكون خصومه فكريه ومعتقديه من اجل تثبيت مصالح شخصية او اجتماعية او عشائرية رجعيه بعيدة كل البعد عن موقف عقلاني يحد من الاندفاع غير الواعي نحو اهواء غير مبررة وقد اصبحوا فيما يبدو هم الخاسر الأكبر في هذه العملية لانهم خسروا الضمير والاتجاه قبل ان يخسروا انفسهم المتخبطة التي لم يكن للمبدأ فيها اي مكان بداخلهم.
الأمر المهم الثاني هو تلك الاجهزة الحديثة التي احضرت من اجل تعزيز نزاهة الانتخابات التي ساهمت برصد كل الاصوات الناجية بالرغم من محاولة مفوضية الانتخابات الفاسدة في تغيير النتائج النهائية لصالح الخاسرون فقد كان للأجهزة دور داعم في التنظيم والرصد والتثبيت وان لم تتسم بالدقة .
ثالثا وهو الأهم هو افتضاح ووضوح قيمة الشخصيات السياسية السابقة التي تحاول ان تتشبث في السلطة بكل ما اوتيت من قوة والتي لم تقدم اي شيء ملموس طيلة فترة وجودهم على مدار سنوات عديدة سواء كانوا في السلطة او في اي مركز متنفذ في الدولة لانهم اصبحوا مكشوفين للعلن بعد أن اثبتوا القصور في الادراك الفكري والعقلاني حبن حاولوا ان يوجهوا الشعب نحو الطائفية المقيتة فهم لا يحملون اي فكر او اتجاه يحددون به المسار ولو على نطاق التطور البسيط في تسيير امور الدولة التي اصبحت تعاني من فسادهم وسرقتهم ليس للمال العام فقط بل طال فسادهم حتى وصل الى تحييد دور الشعب الاخلاقي وجعله في خانة لا يحسد عليها من التردي الاخلاقي والثقافي والانساني.
اما المقاطعون فهم الفئة الناضجة ذات الاغلبية المثقفة التي كان لها الدور الابرز في جعل الانتخابات تبدو على هذه الشاكلة عندما عمدوا على ان لا يدلوا بأصواتهم وحجبوها عن المشاركة لعدم قناعتهم بأغلبية الشخوص التي وجدوا انها غير مؤهلة على ان تكون في ادارة الدولة مما دعا الى فتح المجال الى البقية العظمى الذين توجهوا نحو مرديهم وقد تم تحييد الاصوات الى جهات ليس لها القرار الكامل في تشكيل حكومة قادمة .
نتيجة لذلك كانت هذه الانتخابات طريقا حقيقيا جعل الشعب يقف على ارضية معقولة يستطيع الانطلاق من خلالها نحو ديمقراطية حقيقية في مستقبل العملية السياسية القادمة ويكون له بها صوت الفصل بين ما يريده هو وما لا يريده الفاسدون فقد كانت هذه المرحلة درسا نحاول ان ان نستعيد تعاليمه في كل مرة ان اردنا ان نمارس حقوقنا الدستورية فلولا صوت الشعب الناضج الواعي ذو الضمير الحي لما آل اليه هذا الانتصار الملموس الذي يجب ان يثقف له في المراحل القادمة.
حامد ثامر المسفر ـ كاتب روائي .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here