بعد اعلان نتائج الانتخابات لتبدأ مراجعة المنظومة الانتخابية

كتب المحرر السياسي:

اخيرا اعلنت النتائج النهائية لانتخابات مجلس النواب، فجاءت معبرة عن الرغبة العامة في التغيير، ومحققة تجديدا واضحا في بنية البرلمان، ما يفرض عليه المباشرة باطلاق عملية الاصلاح.
هذا الواقع الجديد نؤشره هنا، ونورد الى جانبه عددا من الملاحظات:
اولها ان الآليات الالكترونية التي اعتمدت في العملية الانتخابية، حققت من جانبها اسراعا في اعلان النتائج رغم ما شابها من عدم انسيابية في بعض المواقع، وهو ما كنا نشدد عليه ونطالب به. الا ان ما رافق العملية الانتخابية من مظاهر تجاوز للقوانين والتعليمات، وما جرى الحديث عنه من تلاعب وتزوير، جعل ضمان ثقة الناس بها امرا بالغ الصعوبة.
ومعروف للجميع ان العملية الانتخابية في بلادنا عانت اصلا وتعاني من امرين اساسيين، اثقلا كاهلها منذ سنة 2006 حتى اليوم، وأضعفا كثيرا ثقة المواطنين – الناخبين بها.
الامر الاول هو قانون الانتخابات الذي ظل يعدل مرة كل اربع سنوات في عشية كل دورة انتخابية، من دون ان يتغير شيء من طابعه اللاديمقراطي وغير العادل، والذي يؤدي في كل مرة الى ابقاء فاشلين وفاسدين في مواقع القرار والسلطة، وادامة حكمهم اربع سنوات اخرى.
والامر الثاني هو مفوضية الانتخابات التي اخضعها نظام الطائفية السياسية لنهجه التحاصصي، وفرض ادارتها مرة بعد مرة من قبل الممثلين الحصريين لاطرافه المتواطئة، سالباً المفوضية اهم ما يفترض ان تتمتع به لكي تنهض بمهمتها على الوجه الصحيح، الا وهو استقلاليتها.
وقد اوضحنا تكرارا في السنوات الماضية ان حرمان المفوضية من الاستقلال يجعلها عرضة لشتى الضغوط، ويجعل العملية الانتخابية عرضة للتشويه، ويفقدها احترام الرأي العام وثقته.
وحين ننظر الى العملية الانتخابية الحالية نلاحظ انها، في بعض مفاصلها على الاقل، شهدت تدخلات غير جائزة في الخارج خصوصا وفي بعض المحافظات. وقد اساء هذا بوضوح الى المفوضية، وضاعف الشكوك في قدرتهاعلى مقاومة الضغوط الكثيرة المنصبة عليها، وادى في النهاية الى تكاثر الاتهامات الموجهة اليها بالتلاعب والتزوير.
ولقد كنا نتمنى على المفوضية ان تتعامل مع هذا كله، وعلى الدوام، بجدية وشفافية.
ولفت الانتباه في الايام الماضية ان هذه الشكاوي استغلت للاساءة الى العملية الانتخابية برمتها. كما كان لافتا ان ابرز الشكاوي المذكورة جاءت من اطراف متنفذة متحاصصة في المفوضية ولها ممثلوها في مجلس مفوضيها وفي اجهزتها المختلفة، واليها اساسا تنسب اوساط واسعة من الراي العام مسؤولية الكثير من الخروقات التي رافقت العملية الانتخابية.
وفيما تبرز ضرورة التشديد على المسؤولية الكبيرة للمفوضية، واهمية تعاملها الجدي والمسؤول والشفاف مع تلك الشكاوي، وتبديد الشكوك التي تساور مختلف الجهات ذات العلاقة، وبضمنها الامم المتحدة، يتوجب في الوقت نفسه التذكير بالمهمة المزدوجة الكبيرة، التي ينبغي الا تغيب عن البال ابدا، ونعني مهمة العمل بدأب ودون كلل على اعداد قانون انتخابات جديد، ديمقراطي حقا ومنصف تماما، وقبل كل شيء لانتخابات مجالس المحافظات التي يفترض ان تجري في اواخر السنة الجارية. والى جانب هذا تشكيل مفوضية انتخابات جديدة وفقا لآليات تعتمد الكفاءة والنزاهة والمهنية وتبتعد عن المحاصصة، مفوضية مستقلة حقا وصدقا، وقادرة على انجاز المهمات الكبيرة المكلفة بها، سواء على المستوى الوطني او على صعيد المحافظات.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here