الهجرات العربية بأتجاه الشرق قديما ! حضرموت ودورها المحوري في نقل الثقافة الاسلامية الى بلدان جنوب شرق آسيا ! ح 3

(*)
د. رضا العطار

كانت القبائل العربية عاد وثمود الموغلة في القدم قد سكنت حضرموت
زمن نبي الله هود الذي جاء ذكره في القران الكريم في سورة الفجر :

– الم ترى كيف فعل ربك بعاد ارم ذات العماد –

الذي يعتقد انهما من ذرية سام بن نوح، قد انقرضتا وتاريخهما مجهول والمتتبعات بشانهما متضاربة, واقدم الاخبار المتواردة عنهما تحدثنا عن حضارة السبئيين والمعينين الني ظهرتا في اعقابهما , 1300 ق م . وعرب حضرموت هم من نسل يعرب بن قحطان ولغتهم لغة سامية, تطل بلادهم على البحر العربي جنوبا و تتاخم الربع الخالي شمالا, وتمتد من وادي نبي الله هود شرقا الى اليمن السعيد غربا. ( 1 ) .

يروي الباحث الاسلامي حسن الامين ان المسلمين قد خرجوا من مدارج صباهم ومنابت اصولهم منذ القرن الاول للهجرة الى ممالك الهند الصينية سعيا وراء الرزق وممارسة التجارة او بحثا عن اوطان أمنة هربا من جور الحكام في وطنهم الام , كان من بينهم جمع من الاسرالعلوية الذين وجدوا في بلاد المهجر فرصتهم الذهبية في نشر العقيدة الاسلامية الصحيحة, بعد ان وصلوا اليها عبر اسفار محفوفة بالمخاطر والاهوال التي تفرزها ظروف البحار

خرجت التيارات الاسلامية الكبرى الى اقطار الهند الصينية من قبل المغامرين من التجار العرب في سفن شراعية كانت تمخر عباب البحار منذ اقدم العصور مستهلة رحلتها من ميناء قاليقوط على الساحل الغربي لشبه القارة الهندية, اكبر مركز تجمع للمراكب القادمة من مواني الشرق الاوسط, كعدن في اليمن و مسقط في عمان و مكلا في حضرموت او من احد مواني خليج البصرة. حيث كانت المراكب الشراعية تبحر عادة عبر مضيق سرنديب – سري لنكا – في فصل الخريف، مستفيدة من الرياح الموسمية في شهري سبتمبر و اكتوبر التي كانت تجرف سفنهم الشراعية شهورا عديدة حتى تصل بها الى جزر سومطرة وجاوه في سفر شاق وطويل, بعدها تواصل سيرها الحثيث باتجاه الشمال حتى تنتهي اخر المطاف في كانتون الميناء الجنوبي للصين.

لقد ثقل تاريخ حضرموت بكثرة الاحدات, وبسبب عدم توفر الدراسات الاثرية الكافية, غاب نصيبها من التدوين. رغم ذلك كله كانت فيها نوعا من الحياة البسيطة الهادئة. فبفضل الامطار الدائمية كانت اراضيها دائمة الخضرة عامرة بالمزارع وبساتين الثمر, لكنها تصحرت تدريجيا بعد ان تعرضت الى الجفاف الدائم بفعل انحسار الجليد في اوربا قبل اكثر من عشرة الاف سنة.
لقد تظافرت الاسباب من ضائقات اقتصادية ومنازعات داخلية ادت الى وقوع حضرموت فريسة للاحتلال الحبشي والفارسي . مع ذلك بقي فيها بعضا من نظم اجتماعية متحضرة ارقى من تلك التي كانت سائدة في مجتمعات القبيلة التي كان اهلوها يسكنون الخيام ويعيشون على رعي الانعام.

جاء الاسلام فكانت له في حضرموت نفس المئاثر التي تركها في المناطق الاخرى في مجال الحياة العقلية, فحل التوحيد محل الوثنية, والمعايير الدينية محل العصبيات القبلية الموروثة من زمن الجاهلية وانتشرت علوم اللغة العربية واتخذت اداب الجاهلية كالشعر والخطابة رونقا جديدا.

الحلقة التالية في الاسبوع القادم

* مقتبس من كتاب دائرة المعارف الاسلامية لحسن الامين بيروت 1990

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here