سياسي سني بارز عن تبادل المواقع الرئاسية بين الكورد والعرب السنة: مفيد للجميع

فيما كانت مصادر مطلعة ، اشارت قبل انتخابات 12 مايو/أيار إلى أن كلٌ من الكورد والسنة في العراق يتطلعون إلى المناصب التي يشغلها المكون الآخر، في رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب (البرلمان)، بعد الانتخابات القادمة ، جاء أوضح موقف واكثرها صراحة من شخصية سياسية سُنية بارزة حيال التسريبات بشأن نية لتبادل المواقع الرئاسية بين الكورد والعرب السنة في العراق ، حيث اعتبر رئيس الحزب الإسلامي العراقي إياد السامرائي مثل هذا التبادل «مفيداً للجميع» ، في إشارة إلى منصبي رئاسة الجمهورية الذي يشغله الكورد منذ عام 2005 ، ومنصب رئاسة مجلس النواب الذي سيطرت عليه القوى السنية منذ ذلك التاريخ أيضاً.
وكان السامرائي قد عبر عن موقفه هذا في مقابلة سابقة مع قناة «العربية»، وأثار حفيظة بعض الجهات الكوردية لأنه «لا ينسجم مع علاقتنا الجيدة مع القوى الكوردية بشكل عام» ، كما يقول السامرائي في مقال مخصص لشرح وجهة نظره في الموضوع ، ونشره، أمس، الموقع الرسمي للحزب الإسلامي.

وكان رئيس البرلمان العراقي (المنتهية ولايته)، سليم الجبوري، صرح مؤخراً في تعليق على التسريبات بشأن نية مبادلة منصب رئاسة البرلمان بمنصب رئاسة الجمهورية ، ان : “هذا التوزيع لم يُنص عليه دستورياً وإنما جرى العرف عليه وهي قابلة للتغيير”. مضيفاً ” علينا أن نعترف أن تجاوز هذه القواعد السياسية لم ينضج حتى الآن، وليس من السهل أن نذهب لرئيس وزراء خارج المكون الشيعي الآن”.

وجاء حديث الجبوري في مقابلة مع صحيفة “الغد” الاردنية في الـ 7 من مايو/ايار الجاري .

ولم يخلُ مقال السامرائي من انتقادات واعتراضات على سيطرة الكورد على منصب رئاسة الجمهورية، حيث يقول متسائلاً: «ماذا قدم الكورد لهذا الموقع؟ وكيف يمكن أن يكون من يقسم على حماية الدستور وضمان وحدة العراق هو نفسه الذي يصوّت على الانفصال عن العراق؟ وكيف نطمئن إلى أن الدستور سيُحمى وعلى مدى سنوات؟» وفق قوله ، في إشارة إلى دعم رئيس الجمهورية فؤاد معصوم لموضوع استفتاء استقلال إقليم كوردستان عن العراق في 25 سبتمبر / أيلول 2017.

هذا بينما لم يشارك الرئيس معصوم اصلاً في استفتاء الاستقلال ولم يصوت فيه .

ويحمّل السامرائي الكورد مسؤولية عدم العمل من أجل تفعيل الصلاحيات الدستورية التي أُعطيت لمنصب الرئيس ، ويقول : إن « العلة التي نستشعرها بمرارة أن صلاحيات رئاسة الجمهورية لم يجرِ تفعيلها على مدى 12 عاماً فهل كان ذلك تعبيراً عن عجز أم قرار؟! فلماذا لم تفعَّل هذه الصلاحيات؟ ولماذا لم يؤدِّ هذا الموقع دوره وهو موقع مصون أكثر من أي موقع آخر في الدولة». ثم يتساءل السامرائي في مكان آخر من مقاله قائلاً: «كيف نطمئن وقد سلمت رئاسة الجمهورية ولعامين كاملين خلال مرض المرحوم الأستاذ جلال طالباني إلى التحالف الوطني ، أيْ إلى المكون الشيعي، بتأويل دستوري ضعيف؟! » ، في إشارة إلى تسلّم نائب الرئيس الشيعي خضير الخزاعي مهام الرئيس طالباني في أثناء فترة مرضه.
من جهة أخرى، أبلغ مصدر قريب من تحالف «القرار» السُّني، أن «دعوة السامرائي بتبادل منصبي رئاسة الجمهورية والبرلمان بين المكونين الكوردي والعربي السني لا تحظى بالضرورة بإجماع الكتل السنية». ويقول المصدر الذي يفضل عدم الكشف عن هويته: «تركيز أغلب القوى السنية في هذه الدورة يتمحور حول السعي إلى انتزاع تعهدات والتزامات من القوى الشيعية حول تمتين عمل المؤسسات الحكومية وليس المناصب». وعلى الرغم من عدم نص الدستور على هوية رئيس الوزراء أو رئيسي الجمهورية والبرلمان، فإن العرف السياسي العراقي منذ عام 2006، جرى على ذهاب منصب رئاسة الوزراء إلى شخصية شيعية، ومنصب رئاسة الجمهورية إلى الكورد، ورئاسة البرلمان إلى السنة ، على أن الأخيرين حصلوا على أول منصب لرئاسة الجمهورية بعد إطاحة نظام صدام ، عندما شغل المنصب الشيخ غازي عجيل آلياور لنحو 8 أشهر عام 2005، وذهب منصب رئاسة الجمعية الوطنية المؤقتة (البرلمان) للكورد، وشغل رئاستها حينذاك الرئيس الحالي فؤاد معصوم.
من جانبه، يرفض النائب والعضو القيادي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني محسن السعدون، كلام إياد السامرائي المتعلق بعدم اهتمام الرئاسة الكوردية للعراق بالدستور، ونقلت صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية عنه القول : «هذا أمر غير صحيح، تجربة الكورد في حماية الدستور كانت ناجحة، رئيسا الجمهورية الكورديان (جلال طالباني وفؤاد معصوم) طبّقا الدستور بغض النظر عن قناعاتهما الكوردية الخاصة».

لكن السعدون، يتفق مع السامرائي بشأن مسألة تبادل المناصب بين الكورد والعرب السنة، بالقول : «منصبا رئاسة البرلمان والجمهورية لا يخضعان للقواعد الدستورية التي نصت عليها المادة 67 المتعلقة باختيار رئيس الوزراء من الكتلة الأكبر، ومن الممكن مبادلة منصب رئاسة الجمهورية برئاسة البرلمان بين الكورد والعرب السنة”.
وكشف السعدون عن أن الحزب الديمقراطي «طالب بذلك، لأننا لم نستفد كثيراً من منصب رئاسة الجمهورية في دوراتها الثلاث الماضية، نحن مع فكرة الاستبدال وذلك راجع إلى التوافقات السياسية اللاحقة». ويُعتقد أن «رئاسة البرلمان أهم من الجمهورية، لأن بيدها إقرار التشريعات المهمة ودورها أكثر فاعلية من رئاسة الجمهورية “.
ويعترف السعدون بأن «فكرة القبول بمبدأ الاستبدال لا تشمل جميع القوى الكوردية ربما، لكننا في الحزب الديمقراطي نميل إلى هذا الرأي، على أننا لا نقول: إن المنصب سيذهب إلى الكتل الكوردية استناداً إلى التوافقات التي تحدث بينها ” .
إلى ذلك، يقول العضو القيادي في الحزب الإسلامي رشيد العزاوي ، إنه لم يطّلع على تفاصيل دعوة السامرائي، لكنه يرى أن «العمل في البرلمان أفضل، لأن حركة رئيسه وصلاحياته أفضل من رئيس الجمهورية». ويشير العزاوي، إلى أن «لكل منصب خصوصية وامتيازاً، والأمر يتعلق بنوعية الشخصية التي تفوز بالمنصب وبإمكانها الاستفادة القصوى من صلاحياته سواء في رئاسة الجمهورية أو البرلمان” .

وكان المحلل السياسي والنائب السابق عن الاتحاد الوطني الكوردستاني برهان فرج ، قال لـ (باسنيوز) في وقت سابق ، أن القوى السنية في العراق سعت في الماضي إلى منصب رئاسة الجمهورية بهدف إبعاد العراق عن الهيمنة الإيرانية والعودة بها للوسط العربي ، لكن قوة نفوذ إيران حالت دون ذلك، واوضح بالقول : « إيران ترفض أن يمنح السنة منصب رئاسة الجمهورية، لكن إن زاد السنة من مساعيهم هذه المرة، فإن الفرصة مواتية أكثر لهم كي يحصلوا على المنصب، كون السعودية وتركيا والدول العربية تساندهم».

هذا فيما قلل النائب عن الديمقراطي الكوردستاني في البرلمان العراقي، طارق گردي، من أهمية أي منصب ، حتى وإن حصل الكورد على رئاسة الوزراء العراقية، بغياب وحدة الصف الكوردي، وقال : «إذا ما ذهبنا إلى بغداد بوحدة صف، سيكون أي منصب مصدر قوة وتأثير ، لكن بدون وحدة لن نتمكن من فعل شيء بأي منصب، والتجارب السابقة أكبر دليل على ذلك».

لكنه أشار إلى أنه في المرحلة الحالية يعدّ منصب رئيس البرلمان أفضل بكثير من منصب رئيس الجمهورية، لأن الأخير منصب تشريفي بروتوكولي، وخلال السنوات الأربع الماضية لم يعد هذا المنصب على الكورد بأي مكسب، وأضاف «مقاعد الكورد لا تمكنهم من الحصول على هذا المنصب، الأمر متعلق باتفاق الشيعة والسنة والكورد؛ فالشيعة أغلبية ويحصلون على رئاسة الوزراء، فيما المنصبان المتبقيان يحسمان باتفاق السنة والكورد».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here