صناعة القرار بين التوافقات الوطنية والتدخلات الخارجية

يوسف رشيد الزهيري

بعد عملية الاحتلال الاميركي للعراق وسقوط النظام السابق اشتد الصراع بين القوى الخارجية في دعم الأحزاب المشاركة في العملية السياسية، الذي اخذ طرقا متعددة حتى في استخدام القوة ضد الخصوم السياسيين.

وقد ظهرالتدخل الخارجي واضحا في الإنتخابات العراقية في كل الدورات ولم يستطع احد إنكاره، بل كان البعض يخرج في الإعلام متبجحا، إنه مدعوم من هذه الجهة أو تلك، وكان للخطاب المتطرف والصراع الطائفي دور في فتح الأبواب إمام هذه التدخلات الخارجية، التي اتخذت أوجها متعددة سواء بواسطة الخطاب الإعلامي، أو الدعم المالي أو فرض شخصيات سياسية بعينها، أوكلت أمرها الى تلك الجهات الخارجية لغرض تنفيذ سياستها في البلد.

بل أن الأمر كان يبلغ أشده، حين الوصول للصراع على كرسي رئاسة الوزراء، فتبدأ الجلسات والاجتماعات والصراعات في الغرف المغلقة، وزيارات الدول الاقليمية من اجل كسب التاييد والمباركة ويتدخل سفراء بعض الدول وتعقد الصفقات والمساومات، ويدخل البلد في أزمة مقلقة، وتنجلي الغبرة إلا ونرى نتائج انتخابية، معظمها خلاف أرادة الناخب العراقي

وقد لعبت القوى السياسية في العراق على الصعيد الداخلي، دورا بارزا في تغذية واذكاء الورقة الطائفية ولغة المكونات التي لعبت عليها القوى السياسية العراقية بعد العام 2003، حيث هيمنت وسيطرت تلك القوى على مراكز القرار السياسي ومن الاستمرار في المشهد السياسي العراقي لحد الآن. فالتوظيف السياسي للطائفة والخطابات السياسية الطائفية التي طغت على المشهد السياسي في العراق أسقط كل المشاريع الوطنية الداخلية، وبموازاة ذلك، شجعت تلك المشاريع الطائفية الدول الإقليمية الراعية لهذه الطائفة أو تلك والهادفة إلى تفكيك وإضعاف الدولة العراقية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. ولهذا نرى الدولة العراقية تقبع في أزمات سياسية وأمنية واقتصادية منذ العام 2003.

ولذلك، لايمكن لصانع القرار العراقي أن يصلح الوضع السياسي للعملية السياسية ومن ثم إصلاح الوضع العام للدولة العراقية، إلا الخروج من سيطرة وهيمنة الدائرة الاقليمية بمشروع وطني حقيقي يأخذ مصلحة العراق الداخلية والإقليمية بنظر الاعتبار، وليس النقيض (أن يأخذ مصلحة الدول الإقليمية في العراق وتحقيق مصالحها واهدافها التوسعية على حساب العراق فإذا أدرك صانع القرار العراقي والقوى السياسية هذا الأمر وعملوا على مشروع وطني وفق رؤية بناء الدولة والإدارة الحكيمة للأزمات والحكم المتوازن القائم على مشروع المصالحة الوطنية الحقيقية الذي ينسجم مع دولة المواطنة والمهنية في اتخاذ القرارات وسياسة ادارة مؤسسات الدولة اعتمادا على مفهوم بناء الدولة بشكل حضاري وإنساني ووطني فوق كل الميول والاعتبارات الحزبية والطائفية، ومشروع عابر للطائفية والمحاصصة، بما يتناسب مع مصلحة العراق الإقليمية والدولية، حينها يمكن أن يكون الإصلاح في العراق إصلاحا حقيقيا، نابعا من رؤى وإجماع وطني داخلي، ومن الممكن أن يحرك العملية السياسية ويدفع بها بالاتجاه الصحيح. وعليه، هل إن صانع القرار العراقي قادر على بلورة الإصلاحات وفق الرؤى الوطنية والمصلحة الإقليمية للبلد، أم ستكون الإرادة الإقليمية والمحاصصة الطائفية والحزبية متحكمة في الإصلاح؟.

فلا تزال القوى الاقليمية تفرض سيطرتها السياسية بل العسكرية عبر اذرعها واجنداتها الموجودة في العراق وتكمن في ولاءات قادة وسياسيون لجهات خارجية بعد ان شهد العراق حربا ضد داعش واقتضت المصلحة الاقليمية بالتدخلات العسكرية الاقليمية والخارجية . وما تشهده الساحة السياسية اليوم من تنافسات ونتائج انتخابية ودعوات محمومة في الإصلاح الداخلي فالعامل الإقليمي والخارجي ليس بمعزل عن هذه الاحداث والمتغيرات وكل الاطراف الخارجية تسعى الى تحقيق اهدافها وأن تكون الإصلاحات متماشية مع مصالحه”، بغض النظر عن المصلحة الوطنية للعراق، بمعنى أن صناعة القرار العراقي في مفهوم الإصلاح لابد أن يتماشى مع الرؤى الإقليمية المتصارعة، ويحقق نوعا من التوازن الإقليمي .وإتاحة الفرص والحريات ودور أكبر للاقليات والقوميات والفئات الأخرى التي تشعر بالتغييب والتهميش في المشاركة الحقيقية في السلطة وفق المنظور العام للمصلحة الوطنية ومقتضيات المصلحة الاقليمية دون المساس في استقلالية العراق واستراتيجيته الوطنية. وان الدعوات الاخيرة للسيد مقتدى الصدر والمتصدرة قائمته الانتخابات البرلمانية بتشكيل حكومة ذات سيادة واستقلال بارادة وطنية خالصة وابوية راعية لكل مكونات الشعب العراقي .انما تأتي من منطلقات ومبادئ ثورة الاصلاح التي اطلقها منذ سنوات لمحاربة الفساد والطائفية السياسية والتدخلات الخارجية وجاءت متوافقة مع متطلبات مصلحة الشعب العراقي في تقرير ٨مصيره بتشكيل حكومة مهنية وطنية بعيدة عن المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية والتدخلات الخاجية.

مرسل من هاتف Samsung Galaxy الذكي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here