قوة كوردية وشيعية تستعدان لـ”خلافة” داعش

بدأت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، منذ بداية شهر أيار- مايو الجاري، بهجوم بري مدعوم بغطاء جوي مكثف للتحالف، ضد المساحات والمواقع الاستراتيجية التي يسيطر عليها تنظيم داعش على الحدود السورية- العراقية، تحت اسم معركة “عاصفة الجزيرة”.
المعارك الأخيرة، والتي وصفت بـ”العنيفة والمصيرية”، شهدت تطوراً استراتيجياً هاماً في المنطقة، وهو بروز التحالف الكوردي السوري والشيعي العراقي، ولعل الحدث الأكثر أهمية، وفق ما يراه المحلل السياسي والعسكري السوري محمد العطار، هو أن الولايات المتحدة الأمريكية، دعمت الحشد الشيعي في العراق، ودعمت القوات الكردية في سوريا، وعندما باتت عملية اتصال ذراعي واشنطن ممكناً، سمح التحالف الدولي للحشد الشعبي بالتوغل داخل الأراضي السورية، بهدف مساندة الأمريكان في سوريا ضد تنظيم الدولة.
القوات البرية التابعة للولايات المتحدة الأمريكية، نجحت في انتزاع بلدة “الباغوز” الاستراتيجية من تنظيم الدولة في ريف دير الزور الشرقي، بعد إطباقهم الحصار الكامل عليها لأيام، تزامناً مع غارات جوية مكثفة للتحالف الدولي، فيما أشارت مصادر معارضة إلى أن المدفعية الفرنسية وسلاح الجو العراقي مع مقاتلات التحالف جميعهم شاركوا في عملية السيطرة على “الباغوز”.
مركز “جسور” للدراسات، تحدث عن أربع نقاط حيوية وأهداف، تحملها المعركة الأخيرة والمستمرة للتحالف الدولي والقوى المؤتمرة له، ضد تنظيم الدولة، انطلاقاً من البادية السورية، وصولاً إلى شرق البلاد، والنقاط هي: «هجوم وقائي يهدف إلى ضرب مساعي التنظيم بإعادة ترتيب صفوفه العسكرية وهكيلة نفسه، في الوقت الذي تشهد فيه البادية السورية تحركات متزايدة ونشاطاً ملحوظاً لعمليات التنظيم».
والنقطة الثانية، تتمحور حول «تأمين مناطق نفوذ التحالف الدولي من أي هجمات محتملة قد تقوم بها فلول داعش، انطلاقاً من آخر معاقله على ضفة الفرات اليسرى». أما ثالث الأهداف فهي، «تأمين الحدود السورية العراقية من أي جيب لتنظيم داعش، وهذا ما يفسر مشاركة القوات العراقية بالهجوم إلى جانب قسد». والهدف الأخير، والذي يعكس الانتشار العسكري الفرنسي المتصاعد في سوريا، يشير إلى «محاولة الفرنسيين تأمين إنجازهم الخاص في المعركة على تنظيم داعش، بما يوفر للحكومة الفرنسية إنجازات على الساحة الداخلية الفرنسية، ويعزز تواجدها الجديد نسبياً في سوريا».
وأفادت مصادر محلية للأناضول، أن جنوداً فرنسيين نشروا بطاريات 6 مدافع قرب قرية باغوز الخاضعة لسيطرة منظمة «ي ب ك / بي كا كا» بمحافظة دير الزور السورية. كما نشرت القوات الفرنسية مزيداً من تعزيزاتها العسكرية في مناطق منبج والحسكة وعين عيسى والرقة، حسب المصادر ذاتها.
وكان قد أعلن رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الفرنسي الجنرال فرانسوا ليكوانتر، مطلع الشهر الحالي، أن قوات بلاده ستبقى في سوريا، جنباً إلى جنب مع الجنود الأمريكان، من أجل إكمال مهمة مكافحة الإرهاب. أما المحلل السياسي والعسكري محمد العطار، فقال لـ «القدس العربي»: تنظيم الدولة، دخل مراحله الأخيرة من الناحية التأثيرية على المنطقة، والتحالف الدولي وأذرعه الميليشياوية في العراق وسوريا، ستكون هي البديل الذي يتم تحضيره لخلافة التنظيم، وهنا في الواقع تكون شعوب المنطقة أمام إرهاب أبيض وآخر أسود.
وهو يرى أن شعوب المنطقة لن يتغير على واقعها المرير شيء، فتنظيم الدولة، قوبل بحالة رفض شعبي كبيرة في شرق سوريا ووسطها، وكذلك سيكون مصير التنظيمات الجديدة المدعومة من قبل واشنطن ودول المنطقة، وأن قضاء التحالف الدولي على تنظيم الدولة لا يعني البديل هو السلام، بل قد يكون البديل أشد سواداً.
وحول التمدد الفرنسي في سوريا، قال المصدر: سوريا دخلت حقبة جديدة من الحرب، واستغلال الحالة الفوضى، والفرنسيون يسابقون الزمن لتثبيت قواعدهم، وتوسع انتشارهم في الجغرافية السورية الغنية بالنفط الخام والغاز، في معادلة تبدو فيها رغبة هذه الأطراف بقضم أكبر قدر ممكن من الثروات الباطنية السورية، وتحجيم الآمال الروسية بالسيطرة على المزيد من ثروات سوريا، وكذلك التوسع الإيراني، في حين لم يحصد السوريون من كل هذا سوى الموت واجتماع ذئاب العالم عليهم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here