ومضات خاطفة : هل المقصود بحكومة ” أبوية ” ذات عمائم وارفة الظلال سوادا ؟

بقام مهدي قاسم

ثمة عبارة لفتت نظري ، أو بالأحرى انتباهي ، و التي وردت في أحد تصريحات السيد مقتدى الصدر، إلا وهي عبارة ” حكومة أبوية ” بل أظن بأن هذه العبارة لم تلفت انتباهي فقط ، إنما انتباه كثير من متابعين ومهتمين بالشأن السياسي العراقي الحالي ، و بما أن المرء لا يحتاج هنا إلى كثير من جهد تفكير و فطنة و حدس كبير ليعرف ماذا يقصد مقتدى الصدر بهذه العبارة ، أي الإشارة والتلميح إلى تشكيل حكومة تباركها تشرف عليها مرجعية ما!! ــ نأمل ليس الحائري ؟ ــ لسرعان ما نكتشف التناقضات المتنافرة بين مصطلحات و عبارات مقتدى الصدر ، سيما بخصوص دعوته إلى تشكيل حكومة تتكوّن كلها أو أغلبها من عناصر تكنوقراط ولكن تحت إشراف مرجعية أبوية ” شيعية ” تشمل أحزابا فائزة بالانتخابات!!..

بينما من المتوقع أن الحكومة القادمة قد تتكون من أحزاب و تنظيمات ليست كلها ” شيعية المذهب ..

هذا …..

دون أن نعلم ما هي حاجة حكومة تكنوقراطية إلى رعاية أبوية دينية ، في الوقت الذي توجد ستكون هناك سلطة تشريعية ورقابية نيابية من واجبها الأول و الأخير هو الإشراف المباشر على سير الأعمال والنشاطات الحكومية و تقويمها و مساءلتها واستجوابها مستقبلا في حالات التقصير والترهل والتسيب الوظيفي ، بل ومحاسبتها لحد التلويح بسحب الثقة فيما لو فشلت في تنفيذ برامج مكافحة الفساد و الخدمات و المشاريع التنموية و الاقتصادية التي ــ من المفترض ــ ستتقدم بها للحصول على ثقة البرلمان ، بعد التشكيل المتفق عليه من قبل أطراف و كيانات فائزة بالانتخابات..

علما بأن المرجعية الموقرة للسيد السيستاني ليست بحاجة إلى ممارسة دور الرعاية الأبوية المباشرة لأية حكومة كانت ، سواء إسلامية فاشلة وفاسدة كانت قائمة حتى الآن ، أو تكنوقراطية عملية و بنّاءة ذات إنجازات مفترضة ، فهي ــ أي المرجعية الدينية ــ تقوم بواجبها الإرشادي و النقدي البنّاء على هذا الصعيد ، و ذلك كلما وجدت ضرورة إلى ذلك ، طبعا بدون استئذان أو طلب من أحد ..

و مثلما فعلت حتى الآن ..

و ربما في المستقبل أيضا ..

لذا فيجب إعفاء المرجعية الموقرة من هكذا مهمات رعاية ” أبوية ” وعدم زّجها مباشرة في وساخات متراكمة على الساحة السياسية العراقية الراهنة ، بل بعدم تقيَّيد الحكومة العراقية القادمة بوثاق وحبال من عمائم ورافة الظلال سوادا ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here