لماذا لا يصلح العبادي لمرحلة مكافحة الفساد القادمة

بقلم مهدي قاسم

أعتقد و أظن بأنه في حالة تكليف حيدر العبادي بتشكيل حكومة عراقية جديدة ، فسوف يعني ذلك أربع سنوات عجاف جديدة و إضافية من مراوحة منهكة في دائرة مغلقة ومجوفة ، أي بتعبيرأدق

ــ نفس المراوحة المجهِدة و المرهِقة في مكان واحد وجامد زفت ، سيما على صعيد مكافحة مظاهر الفساد وتقديم الخدمات الجيدة والعصرية للمواطنين ومحاسبة المسؤولين الفاسدين ، وكذلك من ناحية استعادة مليارات من المال العام منهوبة ومسروقة أو مختلسة على مدى السنوات الخمس العشرة الماضية ..

صحيح إن حيدرالعبادي قد أعلن مرارا عن ” نيته ” في محاربة الفساد و القضاء عليه ولكنه فعل ذلك بطريقة ” دون كيخوتية ” ..

أي جعجعة كثيرة ولكن بقليل جدا من طحين !!..

لينتهي به الأمر في نهاية المطاف إلى تصريح محبّط ومستسلم من خلال تصريح تلففزيوني له ما معناه أن عملية القضاء على الفساد هو ضرب من معجزة يعني غير قابلة للتحقق !! ..

ولا نحتاج هنا إلى كثير من حدس و فطنة لنعرف لماذا ؟ :

إذ إنه قد نشأ وترعرع ( نقصد هنا سياسيا ، ووزيرا و من ثم نائبا و أخيرا رئيس حكومة ) في وسط و أجواء هذا الفساد المتفاقم دون أن يفعل الشيء الكثير بهدف الحد منه قدر الإمكان ، سيما في مراحل مسئوليته السياسية والرسمية الأنفة الذكر، عندما كان رئيسا للحكومة لمدة أربع سنوات ..

فهو ” قد ” يبدو في قرارة نفسه متفهما لمظاهر الفساد هذا ، و ربما له موقف تسامح أيضا، بدليل تحالفه الانتخابي مع أوسخ حزب اشتهر بمظاهر فساد علني مثل حزب الفضيلة ( يمكن التأكد من صفاقة هذا الحزب فسادا من خلال إتطلاع على مقالات شاهد عيان و عن كثب إلا وهو الكاتب سليم الحسني ) ، فضلا عن تحالف العبادي مع بقايا خرنكعية ونفايات متساقطة ومبعثرة من قمامة حزب الدعوة ، من ساسة و نواب سابقين فاشلين وفاسدين حتى النخاع و الذين حملهم العبادي على أكتافه إلى قبة البرلمان ضمن ” تحالف النصر ” ..

دون أن ننسى الإشارة إلى إفساحه المجال لبعضهم بالهروب أو الاختفاء بعد انكشاف فضيحة فسادهم ..

ولكي نكون منصفين في الوقت نفسه مع حيدر العبادي ، فلابد من تسجيل نقاط إيجابية لصالحه ، حيث في عهده ــ أو تحت إشرافه ــجرت عمليات تحرير مناطق عراقية عديدة من عصابات داعش .. و كذلك سياسته العابرة للطائفية ..

وهي نقاط إيجابية تسجل لصالحه حقا ..

غير إن كل ذلك ليس كافيا بحد ذاته لتكليفه بتشكيل حكومة جديدة.

فهو ليس برجل دولة قطعا ، ولا مسكون بهواجس عمليات بناء وتعمير و إحداث نقلة مرحلية حضارية و عصرية من تقدم و تطور و عملية تحديث في العراق .

صحيح أنه قد انزلق من ” أكمام ” حزب الدعوة ولكن على بُعد خطوة فحسب ، و ليس بعيدا جدا بما فيه الكفاية لتجعله متنقيا من كل لوثات وبقع هذا الحزب السوداء و المتعفنة ، والذي ــ أي حزب الدعوة ــ الحق أضرارا سياسية ومادية ومعنوية فادحة بالعراق ، و ربما بنفس المستوى من أضرار حزب البعث الدموي ولكن بفترة قصيرة جدا ..

فلهذه الأسباب مجتمعة لا يصلح حيدر العبادي ــ حسبما نعتقد و نظن ــ ليقود مرحلة جديدة عصيبة ومثقلة بمشاكل و تحديات ، وهو بهذا التردد و الرخاوة و الضعف و المساومة ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here