حينما تفقد القيم معانيها!

كفاح محمود كريم

يبدو إن أجيالا من منتجات الربيع العربي السياسية، خاصة تلك التي جاءت في غفلة من الزمن، قد فقدت في عملية كشف حسابات الحقل والبيدر التي واجهتها كثير من وزنها فاضطربت الأمور لديها ولم تعد تفقه من القيم المتعارف عليها على المستوى الاجتماعي، فما بالك في مجتمع السلطة التنفيذية ورموزها، حيث هبط معيار التوازن لديها، خاصة بعد إجراء الحصاد الانتخابي وظهور نتائجه التي صدمتهم وفضحت حجومهم الحقيقية التي كانت قد تعملقت فإذ بها في حسابات البيدر أقزاما شاءت الأقدار أن تضعها في دفة الرئاسة.

من رأى بعض المشاهد وصور استقبال واجتماع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ورئيس جمهورية العراق فؤاد معصوم مع (ضيوفهم) من الكتل الأخرى يصاب بالدهشة حقا ويتساءل هل إن لغرور السلطة وعدم إدراك حقيقة وجود الكثير من مسئولي الغفلة الذين أتى بهم نظام القضاء والقدر على رؤوس شعوبهم، اثر كبير في فقدان التوازن الذي أدى إلى تنحية كثير من المصداقية والقيم العليا في التعامل مع الآخرين وخاصة تلك المشاهد التي تعرضها أجهزة دعايتهم وبلقطات مفبركة أو زوايا معينة تظهر عنجهية أولئك المسؤولين، والتي تكشف حقيقة هذا السلوك وتصيب المرء بالذهول لأنه سيدرك تماما مكامن الخلل في تبوء العديد من الأشخاص أمكنة غير مناسبة لهم، جاءت خطأ أو غفلة في بيئة سياسية فاسدة.

فعلا ما يحصل اليوم في العراق الجديد من إنتاج ما يسمى بالربيع السياسي العراقي الذي بدأ في نيسان 2003م، وجلب معه عشرات أو ربما المئات من المعاقين سياسيا واجتماعيا، ممن كانوا يحلمون في أفضل أحلامهم وتأملاتهم أن يكونوا مدراء عامين أو مدراء نواحي، فإذ بهم أمام سلم يقودهم بين ليلة وضحاها إلى مراكز الرئاسة الأولى في البلاد، إنها حقا واحدة من الصور البائسة التي تعيشها هذه البلاد مع هذه المجاميع المصابة بالعقد والمركبات المفقودة، بل وتعكس التركيب السياسي الخطأ الذي نقلهم هذه النقلة السيئة إلى أمكنة لا تصلح لهم قبل عدم صلاحيتهم لها، لكنها فعلا ثقافة القطيع التي أتت بالمئات من النكرات إلى كراسي البرلمان وبقية السلطات.
وصدق المصريون في دارجهم الجميل : إلي اختشوا ماتوا؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here