الحراك السیاسي العراقي فی الطریق الوعرة

بعد انتهاء معرکة الانتخابات واعلان النتائج التی لم ینجح احد فیها و”الکل بحاجة الی الکل ” جاءت لتعمِّق الأزمة السياسية ویعنی فشل كل الائتلافات في تحقيق أغلبية برلمانية تمكنها من تشكيل حكومة مقبلة وصارت تحتاج إلى تحالف من عدة ائتلافات تحوز على الأقل 165 مقعدًا في مجلس النواب كحد أدنى لتكليف شخصية توافقية لتشكيل الحكومة. لتبقي الحكومة القادمة رهينة الحسابات السياسية المختلفة وبقى مستقبل العراق موقوفًا على نتيجة هذا الحراك الجاری بين الکتل والقوى السياسية و فیها دخلت مرحلة الاحتدام في ظل الانقسامات والانشطارات التي شهدتها المكونات السياسية العراقية بکاملها حیث لن تبقی ای کتلة کما کانت علیه فی السابق ، الحديث الیوم عن التحالفات المستقبلية والتی بدأت تخرج من السر إلى العلن ولكن غير موثوقة والبعض منها بعيدة عن التصديق والثبات وأن المرحلة المقبلة ستكون مفتوحة على جميع الاحتمالات والتي تأتي بعد الانتخابات لمجلس النواب القادم . ان الخوف من تكرار السیناریوهات التی عرفها العراقيون بعد الاحتلال ولغاية اليوم هو الهاجس الذی یراود المواطن العراقي ما ادی الی عزوفه عن المشارکة بالشکل المطلوب والتی لم تتجاوز نسبة المشارکة عن 44% نسبة تبقى أيضاً محل تشكيك من قِبل كيانات سياسية ومراقبين قالوا إنها مبالغ فيها ، وخاصة ان القانون الانتخابي الذي أقره البرلمان فی بدایة العام الحالي کان محبط للامال ، إذ سمح بمصادرة أصواتهم بعد التلاعب بنظام سانت ليغو الانتخابي وتعديل نسبة الأصوات والقاسم الانتخابي وخلق ما يُعرف بتسلسل رقم واحد في القائمة الانتخابية کما ان الخطابات والشعارات المکررة والوعود نفسها أيضاً، صارت مملةً بالنسبة إلى المواطن، الذي اعتبر أن مشاركته من عدمها لا تعني شيئاً كون هذه الکتل ستعود مرة أخرى لأربع سنوات ومن هنا يبدو ان المشهد السياسي في العراق معقداً بشكل كبير، بعد الذی تمخض عنها من تقارب فی نتائج التحالفات الفائزة وعدم قدرتها على تشكيل الحكومة إلا بعد تحالف بين أكثر من ائتلاف فائز، بما في ذلك الكتل الصغيرة، ویبدو أن تحالف “النصر” يبدو الأقرب ليكون حلقة الوصل بين كل التحالفات رغم وعورة الطریق بعد الإعلان عن النتائج الرسمية للانتخابات التشريعية التي جرت في الثاني عشر من شهر ایار، والتي تصدّرها

تحالف “سائرون” الذي جمع زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر والشيوعيين وقوى مدنية وحصد 54 مقعداً، فيما حل تحالف “الفتح” الحشد الشعبي” في البرلمان، ثانياً بـ47 مقعداً. وعلى الرغم من تصدّر “سائرون”، إلا أن عليه التحالف مع قوى أخرى لتشكيل الكتلة الكبرى في البرلمان ویقال ان ائتلاف المالكي لديه تفاهمات مع “الفتح” و”النصر”، فضلاً عن فتح قنوات اتصال مع أحزاب كردية وسنّية، وتجري حواراتها مع جميع القوی المؤمنة بمشروع الأغلبية السياسية” التی یطرحها منذ زمن وهناك مشروع اخر تقوده بعض الأطراف السياسية لتشكيل حكومة علمانية مدعومة من الغرب وشخصیات بعثیة وعشائریة معروفة بدعمها للمجموعات المسلحة التی ساهمت فی احتلال بعض المحافظات العراقیة مثل القاعدة وداعش ، هذا المشروع يهدف إلى إفشال الأحزاب السياسية الاسلامية في الانتخابات القادمة – وتحويل نظام الحكم الى مدني علماني يمثل كافة الطوائف العراقية ” کما تدعی “و فيه تبادل للادوار ولا يتوقع حصول خلق جديد فيه وسوف تزداد الأزمات والانهيارات في البناء السياسي والامنی والاقتصادي والاجتماعي والتي لم تعالج لحد الان بشکل کامل وتبقى أمراضاً يصعب معالجتها بعد ان اختزنتها العملية السياسية في جسدها لان مقومات العملية سياسية ضعیفة اساساً لعدم استقرارها و لیس بالضرورة نجاحها لكن على اقل تقدير عدم العودة بها الى الوراء. ما لاحظناه خلال المسيرة السياسية بعد عام 2003 هناك من تجاوز على المبادئ الأخلاقية والأعراف السياسية فی سبیل البقاء فی السلطة وجلس ليسرق أصوات الناس مرة أخرى بطرق ملتوية .و لم نرى منهم من يسمع انين المحتاجين والثكالى والمساكين . وفي ظل هذه الصعوبات نرى ان امكان تكامل الرؤى البرلمانية والحكومية سوف تبلغ الى العمق الذي سوف تهز العملية بكاملها وقد تذهب بالبلاد الى اعتاب مرحلة خطيرة جديدة يصعب تجاوزها بسهولة والخوف من ان یدخل العراق في دوامة من مشكلات سياسية وأمنية لا يتحملها أهله. ولا تستطیع تخليص النظام السياسي من العقد التي اعتلته ولا يمكن بکل بساطة التنبؤ بشكل الحكومة القادمة في زمن يمكن تحديده

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامی

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here