فارق العودة بين خميس الخنجر و سمير جعجع

بقلم مهدي قاسم

مصالحات وطنية أو إعلان عفو، وإبداء روح تسامح ، أمر ضروري ومهم ، لتجاوزات السلبيات و المعوقات نحو تقارب ووئام اجتماعي ، وقد سبق و أن جرى الأمر على هذا النحو و حدث مرارا بين شعوب وأقوام متنازعة و متخاصمة أن تصالحت ، بنية طي صفحة قديمة سوداء بهدف فتح صفحة بيضاء و جديدة ، ولكن بشكل نهائي وقطعي ، بشرط عدم العودة إلى أعمال عنف و إرهاب و سفك دماء بين حين وآخر ..

غير أن مثل هذه المصالحات أو إعلان مناسبات العفو لن تتم أو تجري بشكل اعتباطي ، ومزاجي ، أو انطلاقا من مصالح ذاتية أو حزبية ضيقة ، ولا عبر نسيان ما جرى و حدث من فظائع وأهوال رهيبة مع سقوط ضحايا كثيرين ..

إذ بسبب جرائم النازيين والفاشيين جرت محاكمةعديد من قادة و مسئولين ممن ارتكبوا من جرائها جرائم ضد الإنسانية أو كان لهم دورهم في ذلك بشكل من الأشكال و ملاحقتهم ومن ثم معاقبتهم قضائيا ، و كذلك جرى الأمر بعينه بالنسبة لكل من جرائم العنصريين البيض ضد السود في جنوب أفريقيا و كذلك في دول البلقان بسبب الحرب الأهلية حيث حُكم على بعضهم بالمؤبد ، بينما تجري محاكمة بعضهم الآخر حاليا ، ومستمرة إجراءات الملاحقة ضد بعضهم الثالث و المختفي حاليا من وجه العدالة ..

أجل .. إن إجراءات المحاكمة والمقاضاة ضد هؤلاء و أولئك من مجرمي الحرب و الإرهاب جارية حتى الآن …

بالرغم من مرور عقود طويلة على تلك الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية ..

بل حتى بالنسبة لبلد ذات حكم عريق وغريق بنظام طائفي متكلس ومنذ عقود طويلة كلبنان مثلا ، فقد جرت معاقبة ممن ارتكبوا جرائم طائفية ضد الإنسانية ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ـــ لنأخذ قائد القوات اللبنانية الحالي سمير جعجع الذي عوقب بتسع سنوات من حبس مشدد ، و لم يُغفر له ــ سياسيا ــ إلا بعد انقضاء مدة محكوميته ، ومن ثم السماح له بمزاولة نشاطه السياسي مجددا ..

بينما في العراق لم يُعاقب أحد من قواعد و دواعش السياسة المحرّضين أو الداعمين للإرهاب سواء مباشرة أو ماديا و حتى إعلاميا ــ ، بل كُفئ بعضهم بالحصول على مواقع ونفوذ وامتيازات سياسية و سلطوية كثيرة ، كأنما تقديرا و تثمينا لتواطئهم مع القوى الإرهابية ــ القاعدية سابقا و الداعشية ــ البعثية حاليا …

و كل هذا ما كان ليتم لولا سفالة ووضاعة ساسة طائفيين من” شيعة ” أوباش و سفهاء ، من براغي ماكنة النفوذ الإيراني في العراق ، و الذين تاجروا ولا زالوا بدماء أبناء جلدتهم في الدرجة الأولى ، وبدماء باقي أبناء المكوّنات العراقية الأخرى ..

طبعا و حصرا من أجل المناصب و المال الكثير والنفوذ الكبير ..

وهم الذين غضوا النظر عن جرائم دواعش السياسة في مناسبة وغير مناسبة ..

منذ عدنان الدليمي سابقا و حتى خميس الخنجر و انتهاء بآخر القائمة الطويلة من داعمي الإرهاب في العراق ..

طبعا ليس من أجل مصالحة وطنية حقيقية ، مثلما يعتقد البعض واهما ، لا أبدا ، إنما لكي يحتفظوا بمواقعهم و كراسيهم المخملية الواقفة ــ أصلا ــ على جماجم عشرات آلاف من ضحايا الإرهاب البعثي ــ الداعشي حاليا و القاعدي سابقا ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here