دولة القرامطة تماهت بالشريعة الاسلامية وطبقت الاشتراكية البدائية وتغزلت بالمجوسية من بعيد ! ح 7


(*) د. رضا العطار

. صحيح ان عادة اللواط كانت منتشرة منذ القديم في المناطق الساحلية لشبه الجزيرة العربية كعدن وحضرموت وجزر خليج البصرة, لكن الذي حصل في بلاد القرامطة في البحرين كان اسوءها على الاطلاق. فالممارسات اللااخلاقية التي برزت في مجتمعهم كانت غريبة على اخلاق العرب الذين كانوا متحلين بصفات البادية العالية وبفضائل الاسلام الحميدة, فكانوا يشمئزون من مظاهرها وحتى من سماع اخبارها المعيبة, وكانوا ينظرون الى (الشيخ ) الشلمخاني المتحلل خلقيا باحتقار وازدراء الذي كان لا يتردد من تشجيع المنكرات من قبيل نكاح المحارم والاباحية و اللواط وممارسات مقرفة اخرى لم يطاوعني قلمي ذكر تفاصيلها, لآنها تجرح كرامة الانسان فقد الف هذا الداعيه الخليع كراس فيه كل شئ يتعلق بهذه الموبقات معتبرا اياها سننا وشرائع عقائدية, حتى تكون في متناول يد كل شاب ضال.

لقد انغمر الفساق في المجتمع القرمطي في عالم الدنس والفجور وتمادوا في التحلل والمجون الى درجة كان الغلام الذي يمتنع من الرضوخ لشهوة سيده الشاذ اخلاقيا يؤخذ الى اقرب قصاب ليذبح ذبح النعاج على قارعة الطريق على مشهد من المارة في وضح النهار، هذا ما يذكره ابن الاثير.

اما بخصوص المراة القرمطية فقد كان لها دورا بارزا في الحياة الاجتماعية والسياسية , فقد شاركت في الحروب وسقت الجرحى وقدمت التبرعات , فكانت تهب مالها و حليها بسخاء او قسطا من اجور عملها في المغزل او جزا من كسبها في حراسة الطيور.
فهي غالبا ما كانت عضوة وهاجة في الجمعيات الخيرية والاجتماعية. لكن عندما تثار مسئلة المراة القرمطية في الاوساط الاسلامية يثار معها دائما الفضائح الاخلاقية, كانت الاباحية اكثرها فضاعة و التي كانت تمارس بحرية وفي نطاق واسع .
ففي ( ليلة التشويق والآصباح ) كانت ( اسر) القرامطة من رجال ونساء تتقاطر من كل حدب وصوب الى مكان معين للآحتفال, حتى اذا ما وصل صخب القصف في الرقص والغناء عند السكارى ذروته اطفأت الانوار وبدأ الرجال يباشرون في تصيد النساء دون تميز ـ ـ ـ هذا ما يرويه الطبري!

في ظني ان هذه العادة الممجوجة اقتبست من بلاد فارس اصلا، وهي تقاليد قديمة انحدرت من الدين المجوسي, هذا الدين الذي يعتقد بوجود الهين في الكون احدهما للخير ويرمز له بالنور والاخر للشر ويرمز اليه بالظلمة، وان هذه الممارسات الغريبة قد توارثورها عبر الوف السنين، تعد عندهم طقوس كرنفالية متجذرة في تقاليدهم الوطنية وهي جزء من طرز حياتهم يمارسونها بشكل منظم مثلما كانوا يمارسون طقوسهم الدينية وشعائرهم العقائدية في رحاب مشاعل النيران المشتعلة تقديسا واجلالا لها.

في هذا السياق يستعيد كاتب السطور ذكرياته ايام عمله في مستشفى الفارابي الجامعية في طهران في تسعينيات القرن الماضي فيقول:
دُعيت للعشاء يوما في دار احد زملاء العمل، كان الحضور يضم عددا من اساتذة كلية الطب، كان حديثهم متنوعا، وقد جاؤا على ذكر الموضوع الذي نحن بصدده الان، سمعتهم يقولون، ( ان الاباحية التي شاعت في بلادنا في الماضي السحيق, بقى عهرها متوارثا عبر الاجيال حتى الى عهد قريب , كانت تمارس بسرية تامة بين عوائل غير اسلامية لكن في نطاق ضيق، و قد انتهت بانتهاء نظام الشاه، وفي العهد الجديد حاربتها الجمهورية الاسلامية بضراوة منقطع النظير ).

لم يكن من اللياقة ان اشاركهم في الحديث, لكن حب الاطلاع دفعني لمعرفة المزيد عن طبيعة هذه الاباحية التي عشعشت في مجتمعهم. وبعد الاستفسارمن مصادر موثقة علمت ان مراسيم ( ليلة التشويق والاصباح ) سيئة الصيت قد تغيرت عبر الالف سنة الماضية واخذت شكلا اخر من قبل فئة الاباحيين من الفرس, يقيمون حفلاتهم السرية ويتفننون في ممارساتها باساليب لاتخطر حتى على بال ابالستهم مما ينأى القلم عن تدوينها.
الحلقة التالية في الاسبوع القادم

* مقتبس من كتاب ثلاثية الحلم القرمطي لمحي الدين اللاذقاني

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here