وقفة صراحة : العراق بحاجة قصوى إلى حكومة خدمات و إعمار.. ولكن

بقلم مهدي قاسم

أيا كان أو يكون طابع و نوعية الحكومة التي من المفترض أن يتم تشكيلها في غضون أسابيع و شهور قادمة ــ و سواء كانت تكنوقراطية بدون أقراط ، أم طائفية بلحية وبلا ربطات مدنية ، فيجب و ينبغي على هذه الحكومة أن تتسلح ببرامج عملية واضحة المعالم خدميةِ ، وبارزة الملامح إعماريةِ ضمن توّجهات وإنجازات تحديثية وتطويرية و إصلاحية لمرافق الدولة وبناها التحتية و الفوقية على حد سواء ..

فضلا عن التركيز على مسألة تنويع مصادر الموارد الاقتصادية و التحفيز على مشاريع استثمارية و تنموية بهدف تحرير الاقتصاد العراقي من نير الدخل الريعي الاستهلاكي والخطير .

و حتى لو تشكّلت هذه الحكومة ضمن نظام محاصصة طائفية وقومية ( يبدو أنها ستكون كذلك في كل الأحوال و الظروف رغما على المسميات و النوايا الوطنية والسليمة لمقتدى الصدر ــ مع أن النوايا الطيبة تعّبد الطريق إلى الجحيم احيانا ــ كما يُقال ) فينبغي أن تكون هذه الحكومة مستقلة تماما عن توجهات ونفوذ أحزاب طائفية و محاصصتية ، وبالأخص و تحديدا الوزراء الموفدين من قبل هذه الأحزاب والتحالفات التي ستتشكل منها الحكومة ، وأن يكون ولاؤهم و إخلاصهم لرئيس الحكومة بالكامل و لبرامجه الخدمية و الإعمارية المعتمدة فقط و حصرا ، و ليس لأحزابهم وتنظيماتهم ، بل عدم تحويل تلك الوزارات إلى ” بقرة حلوب ” ــ مثلما حتى الآن ــ لتلك الأحزاب لتكون ذريعة للفساد و نهب المال العام في السنوات القادمة أيضا ، و على شرط أن يتم ذلك ضمن تعهدات ومواثيق موّقعة ، تلتزم بها جميع الأطراف التي ستشترك في تأليف الحكومة المنتظرة ، طبعا ، التزاما صارما ، مهما كانت الأحوال و الظروف العامة أو الاستثنائية ، مع ضرورة إثبات قيم ومبادئ الشرف كدعامة راسخة لهذا الالتزام عند هذه الأحزاب والتحالفات السياسية ..

بل وأكثر من ذلك التلويح الدائم بورقة سحب الثقة من الحكومة في حالة عدم الالتزام بهذه الشروط والبرامج و حتى طرد الطرف المخل بها ..

صحيح أنه في النهاية سنصطدم بأكبر المعوقات المعروفة من هذه الناحية إلا وهي عدم وجود ” شرف سياسي ” عند أغلب هذه الأحزاب ، و التي سبق لها أن وقعت على تعهدات شرف مماثلة من هذا القبيل ، لكنها لم تلتزم بها قطعا ، وذلك لافتقارها ــ أصلا ــ إلى شرف الفروسية الرجولية التي تجعل من الرجل رجلا عندما يوقع على وثيقة شرف أو التزام بأمر ما و يلتزم بها فعلا و حقا ، حتى لو أدت عواقب الألتزام هذه إلى الإضرار إلى خسائر آنية ..

بطبيعة الحال :

أنا شخصيا ليس لدي أية أوهام من هذه الناحية ، بحكم اعتقادي الجازم بأن التحركات الجارية و المحمومة من قبل ممثلي الأحزاب الطائفية والقومية ستنتهي إلى نتيجة تشكيل حكومة ” شاملة ” أو حكومة ” شراكة وطنية ” زائفة و كاذبة ( و بضغوط مباشرة من قبل النظام الإيراني و الإدارة الأمريكية اللتين ــ و مثلما اسلفنا سابقا ومرارا ــ أنهما على خلاف في كل شيء ما عدا الاتفاق الوحيد فيما بينهما على إبقاء العراق ضعيفا تعصف فيه نزاعات دامية و أزمات سياسية و أمنية بلا نهاية ) ــ سوف تشترك بها جميع الأحزاب الفاشلة والفاسدة ( ومن المحتمل جدا برئاسة حيدر العبادي) ، و التي أوصلت العراق إلى هذا الوضع المزري ، ليبقى هذا الوضع المزري و البائس نفسه كما هو عليه سابقا و الآن أيضا ، و امتدادا للسنوات الأربع القادمة أيضا ..

و سوف لن يفاجئنا أي شيء جديد ، حتى لو كتب مقتدى الصدرــ فيما بعد ــ تغريدة تبريرية محتملة على نحو تال :

ــ أنا بذلت جهدي و إمكانيتي بكل ما لديَّ ، وكنتُ حريصا و قمتُ ما يتوجب عليَّ ، وتحملت زيارات و تحركات ومشاورات سياسية حتى أثقل التعب و النعاس عينيَّ ، وكنت مخلصا بكل جهودي و صدق نواياي ، و بعد ذلك إذا تشكلت حكومة فاشلة وفاسدة أني شعليَّ ؟ .

و هكذا سترجع حليمة لعادتها القديمة ..

أملين أن يحدث عكس ذلك ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here