الإستاد الكبير

ما تمر بيه الولايات المتحدة من ظروف جعلها في وضع يحسد عليه , والسبب الجوهري لهذا الوضع المزري سببه ضغط خصومها عليها بشكل جعلها تتخبط في قراراتها التي كانت محل للانتقاد من قبل الكثيرين وحتى في الداخل الأمريكي .
أمريكا اليوم بين المطرقة والسندان ، وهذا التحول الكبيرة لم يحدث سابقا ، منذ قيامها ولحد وقتنا الحاضر والعلة عودة الكبار إلى الساحة الدولية وفي مقدمتهم الروس التي كسر نظرية عالم القطب الواحد ليكون عالم متعددة الأقطاب ، والاحتمالات مازالت قائمة نحو عودة الآخرين إلى الواجهة من جهة ، والمواجهة إن اقتضت الأمور من جهة أخرى .
قمة ترامب وكيم ألغيت ولأسباب معلنا ، لان الطرف الأول وجدها غير مجدي ولم تحقق غايته في انعقادها ، وقد تكون هناك أسباب أخرى غير معلنا وهو الاحتمال الأقرب ، لان الإدارة الأمريكية ما زالت تتصور أنها سيدة العالم الأولى وعلى الجميع الطاعة والانصياع له وهو الأمر الذي يصعب تحققه في ظل حدوث متغيرات غيرت قوانين اللعبة ، وسياسية فرض الأمر على الآخرين بالقوة والأكره صفحة من الماضي وانتهت، ليكون لكل طرف حساباته وخياراته ، وعلى أمريكا إن تدرك جيدا كوريا الشمالية ليست كالأمس بل اليوم قوة عظمى ونووية ، والأكثر من ذلك أبواب الآخرين مفتوح إمامها وبعدم بمستوى المرحلة الحرجة .
منذ تولي السيد ترامب السلطة بدأت الأمور تتجه نحو التصعيد وخلق الأزمات ، وكانت دائما لغة التهديد والوعيد أسلوبه في التعامل مع الكل ، بين التهديد باستخدام القوة وفرض عقوبات اقتصادية ورفع قيمة الضرائب ، فكيف تفاوض كوريا مع خصم يهدد رئيسها بمصير ألقذافي وما حل بليبيا معروف من الجميع بعد سقوطها نظامها من اقتتال داخلي ودمار لا يعد ولا يحصي هذا من جانب .
ومن جانب أخرى تراجع أمريكا عن الاتفاق النووي الإيراني وغيرها من الاتفاقيات الأخرى جعل الجميع يخشى ما هو قادم منها في ظل صراح محتدم مع خصومها ، لتكون كوريا في وضع الرفض للحوار والتفاوض مع طرف لا يحترم اتفاقياته ويريد فرض رغباتهم عليهم ليكون هو المنتصر ، لتقلب كوريا الطاولة على الأمريكان وتحكم على اتفاق بإعدام قبل ولادتها ، ليكون فريق السيد ترامب إمام الخيار إعادة إحياء التفاوض من جديد وتقديم بعض التنازلات لكوريا لان الأهم نجاحها بأي طريق وثمن لتكون لهم مكسب سياسية وإعلامي ، لكن المسالة لن تكن سهلة .
على أمريكا بان تفهم بان الأمور تغيرت عن الماضي ولم تعد اليوم كما كانت في السابق من حيث القوة والنفوذ، و إن تتعلم من الأستاذ الكبير( روسيا ) الدرس جيد كيف تعاملت مع خصومها وحتى أعداءها وجعلت اغلبهم ضمن حلفاءها في حربها ضد الإرهاب من خلال التفاوض والحوار البناء الذي يخدم الجميع لا بلغة التهديد والوعيد ، لتكون تركيا حليفا لها رغم مواقفها ضدها وإسقاط طائرتها ، و دول أوربا بدأت تعيد حساباتها مع روسيا نحو تعزيز التعاون المشترك بفضل دهاء وحنكة السيد بوتين الإستاد الكبير .

ماهر ضياء محيي الدين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here