الاتحاد الاوربي وقرار ترامب من إيران ؟!!

محمد حسن الساعدي

يبدو ان الاجواء المحتدمة بين الولايات المتحدة وبين مجموعة الاتحاد الاوربي ألقت بظلالها على المشهد عموماً ، فذهاب الرئيس الامريكي ترامب الى الانسحاب من الاتفاقية النووية مع إيران ، يجعل الاوراق متبعثرة بين اطراف النزاع ، والأخير يحاول ان يصنع سيناريو جديد للمنطقة ، والسبب ليس إيران فحسب ، بل الاحداث الدموية في المنطقة ، وتحديداً سوريا والعراق ، جعلت أميركا تنتهج منهج التصعيد ، في محاولة للوصول الى قاعدة ” فرق تسد ” وهذا المنهج نجح معها في بعض الدول التي تدخلت في تغيير سياستها ، كما أن قرار ترامب حول تمديد تجميد العقوبات ضد إيران أو عدمه يجب أن تتخذه الإدارة الأمريكية كل 90 يوما ، الى جانب إعلان ترامب أثناء حملته الانتخابية أن الصفقة مع إيران سيئة ويجب الخروج منها فوراً ، غير أنه قام بتمديد تجميد العقوبات ضد إيران خلال عام كامل ، وإن الاتفاق النووي مع إيران يتضمن “عيوبا هائلة ” ، معتبرا أن تمديده لتجميد العقوبات هذه المرة يمثل “آخر فرصة ” لتعديل الصفقة ، التي انتقدها مرارا وتكرارا في وقت سابق.

الاتحاد الاروبي يسعى من خلال موقفه هذا الى إعادة تقييم للموقف الامريكي من الاتفاقية النووية ، وإيجاد موقف موحد في داخل الاتحاد الاروبي ، وفتح قنوات الحوار مع ايران ، من أجل تخفيف حدة التوتر بين الطرفين المتنازعين ، وأمام مهلة 120 يوماً التي أعطاها ترامب للاتحاد الاروبي لغرض تعديل الاتفاقية يجد المحلل أن الموقف بدأ يتعقد بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي ، حيث ان قرار ترامب يؤكد أن المفاوضات المستقبلية ستكون مع الاتحاد الأوروبي وليس إيران ، الى جانب السماح بتفتيش المنشآت النووية الايرانية بأي وقت ، ومن خلال منظمة الطاقة الذرية .

إيران من جهتها وجدت أن الموقف بدا عدائياً جداً ، وهو اعلان حرب ضدها ، وضد تطورها التكنولوجي ، حيث يجد الساسة الايرانيون ان هذا الموقف يجعل السيناريوهات تتعدد ، خصوصاً وأن المنطقة الشرق اوسطية ملتهبة بين اطراف الصراع ( روسيا وحلفائها – امريكا وحلفائها ) لهذا فأن أي موقف او تصريح سيكون رده عكسياً على المنطقة وتحديداً سوريا ، والتي بدأت بإعلان نهاية الارهاب الداعشي ، مع التقدم الملحوظ للجيش السوري وعلى مختلف الجبهات ، وهذا ما يجعل الولايات المتحدة تفقد ورقتها في المنطقة ، وإيجاد ورقة صراع جديدة تحافظ على ماء وجهها ، وهو بحد ذاته تهور امريكي ، امام الحكمة والعقلية التي تمتلكها إيران في قراءة المشهد وتحديد مواقفها السياسية .

يبقى من يدير لعبة القوة هو اللاعب الاروبي ، والذي يمسك بالكثير من الاوراق تجعله يمثل قطب الرحى في هذا النزاع ، وهذا تحاول الدول الاروبية لعبه خلال الفترة القادمة ، وإعلان رفضها للموقف الامريكي ، وأنها سائرة باتجاه الاستمرار بتنفيذ بنود الاتفاقية على الرغم من الموقف الامريكي الرافض ، وهذا يأتي انسجاما مع التأييد الأوروبي للبقاء في الاتفاق حيث يؤكد قادة الاتحاد الاروبي إن موقف ترامب تجاه إيران والتجارة الدولية سيقابل “بنهج أوروبي موحد ، وأن بعد إعلان ترامب الثلاثاء انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني المبرم في عام 2015 فأن زعماء الاتحاد الثمانية والعشرين سيبحثون المسألتين في اجتماعهم بالعاصمة البلغارية صوفيا خلال اليومين القادمين.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here