ناحية سبع البور تنام على حلم وتصحو على معاناة

تعاني ناحية سبع البور (الجوادين) والتي تقع في الجزء الشمالي الغربي، على بعد حوالي (40) كيلومترا من العاصمة بغداد وهي من ضواحيها الشمالية، ، من سوء الخدمات وافتقار البنى التحتية والبطالة المتفشية وخاصة بين شريحة الشباب، وتحيط بها الاراضي الزراعية وقرى الشيخ عامر والبصام. وقد انشأت في ثمانينات القرن الماضي، حيث تم توزيعها لعوائل الشهداء واسرى الحرب العراقية الايرانية، واغلب سكانها من الكسبة والموظفين.
شحة في مياه الشرب ورائحة كريهة
معاناة شديدة يواجهها المواطنون الذي يتراوح عددهم تقريبا ثلاثمائة وخمسون الف نسمة، من شحة الماء وعدم نقاوتها ورائحتها الكريهة، وصعوبة الحصول على الماء الا باستخدام المضخات بصورة دائمة وفي اوقات متأخرة من الليل، وتستخدم هذه المياه في غسل الملابس والتنظيف، اما الشرب فاغلب سكان المنطقة يشترون المياه النقية مما يزيد من معانتهم المالية، ويعزوا المواطنون شحة الماء الى قدم شبكات الماء الصافي وتكسرها واختلاطها بالمياه الاسنة، مما يسبب امراض معوية وجلدية، كما اكدته عضو لجنة الخدمات في مجلس النواب السابق صباح التميمي قائلة “هناك ضعف في ايصال الماء الصالح للشرب بسبب اختلاف الشبكات القديمة وربطها بالجديدة، وتم اخذ عينات من الماء وارسالها الى المختبر التحليلي وبعد صدور النتائج تبين وجود ثلاث انواع من البكتريا غير صالحة للاستخدام البشري والحيواني”. مضيفة “لا يوجد كادر عمل داخل المحطة المخصصة لتوزيع مياه سبع البور مع الملاك المخصص 22 موظف اجور يومية و10 حراس”، مبينة انه “لا يوجد ايضا حراس fps ولا كاميرات مراقبة وهي غير مؤمنة للعمل حاليا ومعرضة للعبث”.
الامطار وتكدس النفايات نقمة على اهالي المنطقة
تصعب وتتوقف الحياة في المدينة وتنقطع عن العالم الخارجي عند سقوط الامطار، وينقطع التلاميذ عن مدارسهم والموظفون عن دوائرهم، نتيجة الاوحال التي تغطيها والبرك الاسنة التي تسببها الامطار التي تختلط مع مياه الصرف الصحي، وذلك لعدم تبليط الازقة او اكسائها بمادة الحصى الخابط (السبيس) ، ولعدم وجود انابيب لتصريف مياه الامطار، بالرغم من مرور اكثر من ثلاثين عاما على انشاء المدينة،
وعلى مدى تلك الفترة لم تبلط الشوارع والازقة الصغيرة، ما عدا بعض الشوارع الرئيسية التي عبدت قبل حوالي عشرون عاما. وتنتشر ايضا النفايات في الشوارع العامة والازقة، وتكدسها باستمرار وعدم رفعها من قبل امانة بغداد يسبب الاوبئة والامراض وانبعاث الروائح الكريهة منها.
اكثر من ثلاثون عاما والمدينة تفتقر للكهرباء وشبكة الصرف الصحي
سبع البور كأي مدينة اخرى من مدن بغداد، تعاني من انقطاع الطاقة الكهربائية المستمر وعدم استقرارها، وقلة عدد محولاتها وعطلها في اغلب الاحيان نتيجة الاحمال الزائدة عليها، يضاف اليها معاناتهم من اصحاب المولدات والتلاعب بسعر الامبير المقرر من قبل مجلس محافظة بغداد وعدم الالتزام بوقت التشغيل.
وكذلك لم تشمل سبع البور كالمدن الاخرى بأنشاء شبكة للصرف الصحي منذ انشائها ولحد الان، ويعتمد السكان على بناء خزانات الصرف الصحي (السبتتنك) داخل منازلهم، مما تسبب التلوث والامراض اضافة الى زيادة كلف صرفياتهم نتيجة سحب المياه الثقيلة عند امتلاء تلك الخزانات، وهي طريقة قديمة وغير حضارية وقد تم تجاوزها في اغلب احياء بغداد،
ثلاثمائة الف نسمة بدون مستشفى
ورغم نفوسها الكثيرة ومساحتها الكبيرة الا انها تفتقد الى مستشفى عام، وفيها مركز صحي واحد لا يستطيع ان يقدم خدماته الصحية للمدينة، التي يضاف اليها سكان القرى والمدن المحيطة بها، وكذلك هناك شحة في الادوية والمختبرات العامة، وغالبا ما ينقل المرضى الى مستشفى الكاظمية التعليمي، وقد حدثت حالات وفاة عند نقل المرضى نتيجة لبعد المسافة، ويعاني المواطنون الذين اغلبهم من الفقراء والمعوزين من عدم قدرتهم على مراجعة المستشفيات الخاصة لاجورها المرتفعة وكلفها التي تثقل كاهلهم.علما بان هناك مشروع بناء مستشفى تم المباشرة به وبناء الهيكل، الا ان العمل به توقف ويقال ان الفساد هو السبب.
مدارس غير كافية ومستويات عالية للامية
هناك نقص كبير في عدد المدارس وهي غير كافية لاستيعاب الطلاب، اذ يوجد في الناحية وحسب احصائيات رسمية (13) مدرسة ابتدائية و (6) ثانوية، وحسب تصريح لاداريين وتربويين بان هذه الاعداد للمدارس غير مطابقة للمعايير التربوية، اذ من المفترض وحسب عدد نفوس الناحية، لابد من توفر ابنية مدرسية اكثر من هذه الاعداد باضعاف، لهذا فأن المدارس تحتوي على اعداد كبيرة من الطلبة لا تستوعبهم الصفوف، اضافة الى نقص كبير بالرحلات المدرسية ونقص في المختبرات بل لا توجد اساسا، مما تنفر تلك الاعداد الكبيرة اضافة الى الحالة الاقتصادية العوائل من تسجيل ابنائهم في المدارس، مما ولد اعدادا كبيرة من المتسربين والاميين في الناحية.
احتجاجات وتظاهرات
نتيجة تلك المعاناة من نقص الخدمات وانعدام البنى التحتية والبطالة المتفشية في هذه الناحية التي قدمت الشهداء في الحرب العراقية الايرانية ،وعانا سكانها الفقر والعوز والحرمان في التسعينيات من القرن الماضي، كانوا يحلمون بعد التغيير عام (2003) بخلاصهم من تلك المعاناة والعيش بكرامة، الا انهم مازالوا يروون الارض بدماء الشهداء، وهم يدافعون ضد ارهاب داعش وما زالت معاناتهم تزداد وفقرهم يشتد، فما كان منهم الا التظاهر والاحتجاج والاعتصام ولمرات متكررة من اجل نيل حقوقهم المشروعة التي كفلها الدستور، الا ان المسؤولين لم يعيرون اهمية لذلك.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here