الى متى يبقى العراق مهدد بالازمة المائية

صادق غانم الاسدي

العراق بلاد انعم الله عليه بالكثير من مقومات التطور الارتقاء اذا ما استغلت بشكلها الصحيح وضمن أستراتيجيات محسوبة لمواجهة درء الاخطار والتطور الحاصل في سرعة استخدام التكنلوجيا سيكون له شأن كبير ولايغرق في متاهات تجعله أسير للمقايضه بين اضعف الدول المجاوره اليه , ولوجود نهرين خالدين فيه اطلق عليه بلاد الرافدين وهي الاراضي الواقعة بين نهري دجلة والفرات واللذان يتبعان من جبال أرمينيا في تركيا الحديثة وتغذيهما روافدعديده تغطي صحراء قاحلة معظم رقعة بلاد الرافدين , وتعتبر حضارة وادي الرافدين ام الحضارات لانها نقلت الانسان من عصور قبل التاريخ الى عصور الانسانية المتحضرة وهذه التسمية جذبت لنا كما يقال وجع الرأس وتكالبت القوى الاجنبية للسيطرة على خيرات العراق منذ القدم , حتى اصبح سكانها بالعصور الحديثة يحلمون بالخير فلم يجدوه , في السابق كانت حصة العراق المائية مرتفعة جدا تتجاوز 45مليار م3 اضافة الى نزول الامطار و تساقط الثلوج في الشتاء ادى الى ارتفاع مناسيب النهرين وكان هنالك فائض في المياه بحيث تغمر المياه الاهوار والمستنقعات بكميات كبيرة جدا مع قلة استخدام المياه في المعامل واستهلاكها لامور جانبية , في عام 1970 كانت المسافة مابين قضاء المدينة التابعة لشمال غرب محافظة البصرة الى قضاء الجبايش شرق محافظة ذي قار حوالي من 50 الى 55 كيلو متر تغمرها المياه والاهوار بحيث التنقل بين القضائين يتم عن طريق وسائل نقل مائية مثل الزوارق الكبيرة او السفن الصغيرة التي تعمل بالكاز ويستغرق الطريق حوالي ساعتين او اكثر , وكاتب المقال احد الاشخاص الذين سافر عدة مرات مع والده لزيارة اهله بقضاء الجبايش ,اما اليوم فالطريق اصبح بريا ومعبد بالتبليط الحديث دون اي عارض مائي , ويؤسفني القول أن الحكومات التي جاءت بعد التغير وخلال خمسة عشرعاما لم تفكر في بناء سد ا كبيرا على غرار ماعملته تركيا وهي قد بنت اكثر من 22 سدا على نهري دجلة والفرات وبهذا أمنت لشعبها كل ازمات المياه وشغلت الكثير من الايادي العاملة وحولت الصحراء وبعض الاراضي في جنوب تركيا الى اراضي زراعية واستفادت من مشاريع توليد الطاقة الكهربائية , أما في الجانب العراقي فقد انغمس مجلس النواب العراقي والحكومات طيلة الخمسة عشر عاما المنصرمه في كيفية مناقشة الرواتب والزيادات والتنازع والفساد وبعض الامتيازات بما يخدم المتنفذين والسياسيين تاركيا شعبا كاملا يواجه مصير ازمات قد تعصف بهم الى الهلاك والويلات مع علمهم بان العراق يحتاج الى مشاريع اروائية وتخطيط يساعد في نقل المجتمع من صحراوي الى مجتمع صناعي زراعي , عندما اعلنت تركيا في عام 2006 انها ستنفذ مشروع عملاق وهو سد اليسوا ومن حق تركيا ان تقيم مشاريعها داخل اراضيها حفاظا على شعبها والارتقاء بالمستوى المعاشي والاقتصادي في الوقت اللذي كان حكام العراق واعضاء مجلس النواب يتصارعون على المناصب والحصول على الامتيازات الخاصة بهم وتشكيل جبهات معارضة والمقاطعات المستمرة سوى على مستوى البرلمان العراقي او الوزراء , ادى ذلك الى شلل كبير في مستوى الخدمات وانهيار البنية التحتية وهدر اموال العراق في امور لم تضع العراق كدولة لها أستراتيجيات عمل مستقبلية تواجه الاخطار على المستوى الاقليمي والكوارث الطبيعية , كان العراق في عام 1974 من البلدان المتقدمة من الناحية الزراعية وبناء مشاريع تخدم المواطن وتحافظ على ثروات البلد ولايختلف الامر في مجال التربية والصحة , وفي مقابلة تلفزيونية للمستشار عون ذياب عن اخطار ماتوجه بلاد الرافدين في ازمات المياه قال ( استخدمنا التنقيط في الزراعة وهي تجربة اكتسبناها اثناء ايفادنا الى دولة هنغاريا ونجحنا في هذا العمل وحققنا انجازا عام 1976 وخاصة في المناطق الصحراوية ) ثم فقدناها نتيجة الحروب التي عصفت بالبلاد من جراء السياسات الخاطئة , اليوم العراق يواجه ازمة مائية وبيئية كان المفروض ان لايتأثر بسد اليسو والنقص الحاصل بحصة العراق مع ان حصة العراق ستنخفض أثناء املأ سد اليسو من 22 مليار م3 الى 9 مليار م3 اي اكثر من النصف وهذا سيؤثر على محافظات المناطق الجنوبية واكثر من 13 قضاء سيحول الاراضي الزراعية الى اراضي قاحلة ربما يغادرأغلب سكان تلك المناطق موطنهم الاصلي للبحث عن معيشة تناسبهم وهذا سينعكس سلبيا في زيادة الهجرة وتحول مجتمع من ا نمط منتجة الى أنمط مستهلكة يؤثر ايضا في الاقتصاد العام للدولة وسيلحق كارثة على المستوى الوطني , نحن لانلوم تركيا وايران على مشاريعها الاروائية والخزن مع علم حكومتنا بكل مايجري من تفاصيل بناء السدود وتغير مجاري فروع الانهار واذا اردنا ان نحمل المسؤولية نجعلها في اعناق الحكومات التي لم تضع حلول مستقبلية قبل بناء السد في عام 2006 وكانت هنالك فسحة كبيرة ووقت كافي من العمل وانقاذ بلدنا بين فترة واخرى من كل تهديد حول ازمة المياه , مع العلم ان الطبيعة تساهم بنسبة 5 الى 10 بالمئة من زيادة واردات الانهار مالم تعالج الامور بشكل عملي على ارض الواقع ,

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here