شناشيل: ذنب النوّاب على جنبهم!

[email protected]

 عدنان حسين

الفلك دوّار .. والأيام دول، والدهر يومان، يوم لك ويوم عليك.. هذا شيء مؤكد، لكن غير المؤكد أن الناس جميعاً يدركون هذا، وبخاصة ناس السلطة والسطوة والنفوذ.
الفلك دوّار، وقد دار الفلك وصار الدهر يومين، يوم كان لهم ويوم ضدهم .. أعني النواب في البرلمان العراقي الذين يتبادلون الآن الأدوار والأماكن مع المتظاهرين الذين ظلّوا منذ شباط 2011 يحتجّون على النظام الانتخابي والنظام السياسي برمّته الذي أنجب النظام الانتخابي غير العادل وغير المنصف، ويتظاهرون مطالبين إلى جانب هذا بتوفير الخدمات العامة ولو بأدنى مستوى يليق بالبشر(الكهرباء، الماء، الصحة، التعليم، النقل، الصرف الصحي.. إلخ)، ويلحّون في مكافحة الفساد الإداري والمالي الذي كان دائماً وأبداً يقف وراء انفلات الوضع الأمني ومن ثم الإرهاب السافر الذي استحوذ على ثلث مساحة البلاد وتسبب في محن لم ينقطع مسلسلها بعد طالت ملايين الناس.
يدور الفلك الآن ليقف نواب أُعلن عن خسارتهم في الانتخابات الأخيرة عند أبواب المنطقة الخضراء محتجّين على نتائج الانتخابات ومطالبين بإعادة العد والفرز يدوياً ومعاقبة المفوضية العليا للانتخابات.
هؤلاء كانوا ذات يوم يسخرون من المتظاهرين المحتجّين الذين وقفوا مرات عديدة عند أبواب المنطقة الخضراء وأمام أسوار مجلس النواب، واجتاح بعضهم في إحدى المرات مبنى البرلمان ومقر رئاسة مجلس الوزراء .
بين مطالب عدّة ظلّ المتظاهرون المحتجّون يرفعونها على مدى أسابيع في 2011 وطوال السنوات الثلاث الأخيرة (2015- 2018) تعديل قانون الانتخابات وقانون مفوضية الانتخابات ووقف الطريقة التي يجري بها تشكيل مفوضية الانتخابات وسائر ما يسمى بالهيئات المستقلة (على أساس المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية)، لضمان أن تكون العملية الانتخابية في البلاد سليمة ونزيهة وعادلة وشفافة، إلا أن مئات النواب على مدى دورات تشريعية، بينهم النواب المحتجون الآن عند أبواب المنطقة الخضراء، رفضوا ذلك، فقد كانوا مطمئنين إلى مصالحهم وامتيازاتهم ولم يكونوا يبالون بمعاناة العراقيين مع النظام الانتخابي الذي لم يكن أميناً على اختياراتهم وعلى النظام السياسي الذي انبنى على نظام غير دستوري هو نظام المحاصصة.. والآن فقط عندما أصبحوا ضحايا لهذا النظام احتجّوا ووقفوا عند أبواب المنطقة الخضراء.
لو كان هؤلاء النواب ممثلين حقيقيين للناخبين لاستمعوا إلى مطالب الناخبين ، ومنها إصلاح النظام الانتخابي والنظام السياسي برمته، ولكانوا وفّروا على أنفسهم الوقوف عند أبواب المنطقة الخضراء تحت الشمس اللاهبة ولكانوا وفّروا على الناس الخروج كل يوم جمعة، وفي أيام أخرى بعض الأحيان، الى ساحات التظاهر تحت الشمس اللاهبة والريح والبرد والمطر، بل لكانوا جنّبوا العراق استشراء الفساد الإداري والمالي وتفاقم الاٍرهاب.
قبلكم قلنا إنّ هذا النظام الانتخابي، بقانونه وقانون المفوضية ونظام الحملات الانتخابية ومفوضيته التحاصصية نفسها، غير صالح، ولم تسمعوا، حتى وقعت الفأس الرأس .. ذنبكم على جنبكم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here